علاقات اقتصادية جديدة بين الأردن وفلسطين
قال موقع المونتيور في تقرير له انه و بعد سنوات من التعاون الاقتصادي الهش، شهدت العلاقات الفلسطينية الأردنية تحسنا ملحوظا، إذ عقدت اللجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة اجتماعات رفيعة المستوى في عمان في 27 سبتمبر / أيلول، وذلك بعد ثلاث سنوات لم يتم عقد أي اجتماع فيها. وقد حضر وزراء ورجال أعمال من الجانبين اجتماعات ماراثونية أسفرت عن توقيع خمس اتفاقيات في رئاسة الوزراء، وذلك في خلال قمة برئاسة رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي ورئيس الوزراء الفلسطيني رامي حمدالله. وصف الجانبان أجواء مراسم التوقيع بالممتازة. في هذا الإطار، أصدرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية بترا والوكالة الفلسطينية الرسمية وفا، بيانات صحفية شبه متطابقة تم نشرها على المواقع الحكومية. وقالت مها الصايغ، الملحق الاقتصادي بالسفارة الفلسطينية في عمان، لـ "المونيتور" إن اللقاءات كانت بغاية الزمالة واللياقة، مضيفة: "لقد حضرت عدة اجتماعات عقدتها اللجنة المشتركة ولم يتسم أي اجتماع سابق بهذا القدر من الدفء والود". بحسب الصايغ، يبدو أن كلي الطرفين مهتمين بالمضي قدما بالعملية التعاونية، خاصة من الناحية الاقتصادية، وأضافت: "كلما كنا نصل إلى طريق مسدود ويصر أحد الجانبين على موقفه، كان الجانب الآخر يتنازل من أجل التوصل إلى اتفاق". تأسست اللجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة عام 1995 بعد تنصيب الحكومة الفلسطينية الأولى الناتجة عن اتفاقات أوسلو. وتتمثل أهداف اللجنة في تعزيز العلاقات بين الفلسطينيين والأردنيين وتحسينها على كافة الأصعدة. لكن غالبا ما كانت تتأثر هذه اللجنة بالعلاقات السياسية بين البلدين، إيجابية كانت أم سلبية، علما أن هدفها هو التوصل إلى اتفاقات مؤسسية خالية من السياسة. وقد نتج عن التوترات وسوء التواصل بين الجانبين فجوة دامت ثلاث سنوات، وساهم في هذا التوتر الضغط الفلسطيني على عمان في كانون الأول / ديسمبر 2014 لجهة تقديم مشروع يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، وذلك عندما كان الأردن رئيس مجلس الأمن الدولي، علما أن هذا السعي فشل في الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة. تم استقبال حمدالله كما يتم استقبال رئيس دولة، فكانت وقفة مع النشيد الوطني وعرض لحراس رئاسة الوزراء، وكأنها طريقة للتعبير عن أهمية اجتماع أيلول / سبتمبر، علما أن هذه الزخرفات كانت عادة خاصة بالرئيس محمود عباس والملك عبد الله ولا يتم أداءها سوى في القصر الملكي. أما الاتفاقات فشملت عدة قطاعات منها الطاقة والتعليم والصحة والطرق والجسور والبناء والإسكان والتنمية الاجتماعية والمناقصات، وذلك بحسب البيان الصحفي الرسمي الذي تطرق إلى تفاصيل مذكرات التفاهم الخمسة والبرامج التنفيذية الموقعة، وهو بيان أشار إليه الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني في حديثه مع "المونيتور". ونقلت صحيفة "جوردان تايمز" عن وكالة بترا إن "الملقي أعرب عن أمله في أن يحفز اجتماع اللجنة التبادل التجاري بين الجانبين والذي بلغ 176 مليون دولار في عام 2016 و90 مليون دولار في النصف الأول من عام 2017". أما وكالة وفا فنقلت مشاعر الأمل ذاتها مركزة على أهمية القمة، وذكرت إن حمدالله بحث مع الملقي الأعباء المؤسسية والإنمائية التي تواجه أعمال حكومته بالإضافة إلى معاناة الفلسطينيين الإنسانية الناتجة عن الممارسات الإسرائيلية. ونقلت وكالة وفا عن حمدالله قوله إنه "في ظل هذه الظروف – أي الاحتلال العسكري وتراجع المساعدات الخارجية بنسبة 70٪ – تعمل الحكومة الفلسطينية على تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية وترشيد الانفاق واستخدام الموارد المتاحة". وقالت الصايغ: "لقد تمكنا من إزالة أو تبسيط معظم العقبات التي كانت قائمة من حيث التجارة الاقتصادية بين فلسطين والأردن". وأوضحت إن أحد أهم الاختراقات أن كل من الأردن وفلسطين اتخذ الإجراءات اللازمة لتسريع نقل البضائع. وأضافت إنه "تم تركيب ماسح ضوئي جديد في جسر الملك حسين يقلص عملية نقل البضائع الطويلة ويخفف من تكلفتها علما أنها تتم من خلال نقل البضائع من الخلف إلى الخلف". تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم استخدام الماسح الضوئي منذ اندلاع أزمة الدولة الإسلامية على الحدود الأردنية العراقية في عام 2015، وهو ماسح تبرعت به الحكومة الأمريكية. يتم تبادل السلع من الخلف إلى الخلف من خلال دعم شاحنة أردنية لشاحنة فلسطينية، ليتم نقل البضائع من شاحنة إلى أخرى، أو العكس بالعكس، وهو إجراء مكلف ومرهق. إريك باربي، المتحدث باسم السفارة الأمريكية في عمان، أكد لـ "المونيتور" إن برنامج الرقابة على الصادرات وأمن الحدود التابع لوزارة الخارجية قد تبرع بالماسح الضوئي المحمول وقام بتركيبه. وأوضح إن "الماسح الضوئي يخدم وظيفتين مهمتين ألا وهما المساعدة في تسهيل التجارة بين الأردن والضفة الغربية وتوسيعها عن طريق تقليص وقت التفتيش والتجهيز للشحنات؛ والمساعدة في زيادة قدرات الأردن على تفتيش المركبات والبضائع والتأكد من عدم احتوائها على أسلحة ومواد الخطرة وحمولة غير المعلنة وغيرها من المواد المثيرة للقلق". بعبارة أخرى، بفضل قدرة الماسح الضوئي على القيام بعمليات التفتيش، بإمكان الشاحنات المحملة بالسلع المضي قدما عبر الحدود، ما يلغي الحاجة إلى عملية التفريغ من الخلف إلى الخلف. أكد المشاركون في اجتماعات عمان على ضرورة استكمال المشاريع المشتركة نظرا للفوائد التي تحققها للطرفين، أهمها مشروع نقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت للتعويض عن فقدان المياه في البحر الميت وتطوير مصادر طاقة جديدة وتحسين الزراعة، فضلا عن ممر السلام والازدهار، وهو مبادرة يابانية في وادي الأردن تسعى إلى تعزيز جهود التنمية والسلام من خلال تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية عبر الأردن. وفقا لبترا، قال وزير الصناعة والتجارة والإمداد الأردنية يعرب القضاة، الذي شارك في رئاسة اجتماعات اللجنة التحضيرية للجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة مع وزير الاقتصاد الفلسطيني عبير عودة إن الجانبين أبديا درجة عالية من "التصميم" على نقل التعاون إلى مستوى جديد. ونقلت الوكالة عن القضاة قوله إن الجانبين اتفقا على بذل المزيد من الجهود لتشجيع القطاع الخاص بهدف زيادة الاستثمارات، وأبدى الفلسطينيون اهتماما بالاستفادة من تجربة الأردن مع المدن الصناعية. كما ذكرت بيترا إنه "تم التوصل إلى اتفاق لإنشاء شركة مشتركة تقوم بتنظيم نقل حجاج الحج والعمرة الفلسطينيين، وشركة مشتركة أخرى لتسويق المنتجات الزراعية".