سامي، شاب أردني طلب من فتاة على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لها. وعندما رفضت، تفاجأ بشكوى رسمية ضده متعلقة بالتحرش الإلكتروني. اكتشف سامي أن هناك بعض الأفعال على وسائل التواصل قد تعرضه للمسائلة القانونية دون أن يعلم. بعد تلك التجربة، قرر تغيير سلوكه وبدأ يحترم خصوصية الآخرين، وأصبح مسؤولًا عن كل فعل له على الإنترنت. كما عمل على توعية أصدقائه بالقوانين الإلكترونية.
أما يزن، شاب مهتم بالألعاب الإلكترونية، كان يلعب لعبة شهيرة عبر الإنترنت. بعد إعلانه عن رغبته في شراء حسابات للألعاب بأسعار منخفضة، تعرض لعملية احتيال من شخص آخر قام بخداعه وأخذ منه الأموال دون تسليم الحساب. يزن لم يكن يعرف كيفية التعامل مع الموقف قانونيًا، ولم يعرف أن هناك قوانين تحميه من مثل هذه الاحتيالات.
سامر، شاب في العشرين، كتب منشورًا ينتقد الحكومة باستخدام عبارات قاسية. تلقى بعد أيام بلاغًا ضده، فشعر بالخوف عندما استُدعي للاستجواب. أدرك أن التعبير عن الرأي له حدود. تعلم من تجربته، وبدأ ينشر أفكارًا تدعو للتفاهم، مُشجعًا أصدقاءه على التعبير بوعي. أصبح نموذجًا للوعي القانوني في مجتمعه.
إن غياب الوعي بالقوانين لا يهدد فقط سلامة الأفراد، بل يمكن أن يؤدي إلى عواقب قانونية خطيرة. لذلك، فإن توعية الشباب حول حقوقهم وواجباتهم في الفضاء الرقمي أصبحت ضرورة ملحة، تساهم في بناء جيل مدرك ومحصن ضد المخاطر الإلكترونية. من خلال هذه القصص، نأمل في تسليط الضوء على الحاجة الملحة لتعليم الشباب كيفية حماية أنفسهم ومواجهة التحديات في عالمهم الرقمي.
أهمية الوعي بالقوانين الإلكترونية للشباب الأردني
يقول المتخصص في القانون المحامي بهاء الدين الهيلات إن ضعف معرفة الشباب الأردني بالقوانين المتعلقة بالجرائم الإلكترونية يُعد من الأمور المقلقة التي تستدعي التدخل العاجل من الجهات المعنية. يتعرض الشباب، في عالم اليوم الرقمي، لمخاطر عدة، بدءًا من الاحتيال الإلكتروني وصولًا إلى التنمر والسلوكيات الضارة، مما يستدعي تعزيز وعيهم بالقوانين التي تحميهم.
تحديات غياب المعرفة القانونية لدى الشباب
كما يوضح الهيلات أن "قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن يوفر إطارًا قانونيًا لحماية الأفراد من التهديدات الرقمية، ولكنه لا يزال غير معروف للكثيرين". ويشير إلى أن "الكثير من الشباب لا يدركون حقوقهم القانونية، مما يجعلهم عرضة للانتهاكات واستغلالهم في الفضاء الرقمي".
وأضاف أن الكثير من الشباب، ذكورًا وإناثًا، لا يدركون أفعالهم وأقوالهم التي قد تنعكس عليهم بجرم قانوني، حيث أصبحت العلاقات العاطفية عبر الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب. ومع ذلك، يفتقر الكثير منهم إلى الوعي القانوني حول المخاطر المرتبطة بهذه العلاقات. قد يؤدي هذا الجهل إلى ارتكاب جرائم قانونية دون إدراك، خاصة في إطار قوانين الجرائم الإلكترونية المعمول بها في الأردن.
أشكال التحرش الإلكتروني التي يعتقد الشباب أنها أمور عادية
وضح المحامي الهيلات أنه إذا قام الشاب بإرسال رسائل غير مرغوب فيها أو محتوى مسيء للآخرين، فقد يتعرض للمسائلة القانونية.
معايير التجريم في قانون الجرائم الإلكترونية
يبين الهيلات أن طلب صورة من الطرف الآخر في علاقة عاطفية هو موضوع حساس يتطلب فحصًا دقيقًا من الناحية القانونية. يمكن أن تتباين العواقب القانونية بناءً على السياق والنية وراء هذا الطلب.
التفاهم والاتفاق
إذا كان هناك اتفاق صريح وموافقة متبادلة بين الطرفين على تبادل الصور، فإنه في الغالب لا يكون هناك أي تجريم. الموافقة الطوعية تعتبر عنصرًا أساسيًا في هذا السياق. ومع ذلك، يجب أن تكون الموافقة مستنيرة، ولا تتضمن أي ضغط أو إكراه.
النية والسياق
يجب أن تؤخذ في الاعتبار نية الشاب وراء طلب الصورة. إذا كان الطلب يهدف إلى استخدام الصورة بطرق غير قانونية، مثل الابتزاز أو التحرش، فقد يعتبر هذا جريمة. في حالات الابتزاز، يمكن أن يُعاقب الشخص الذي يطلب الصورة على أساس قانون الجرائم الإلكترونية.
الأعمار والموافقة
تعتبر القوانين المتعلقة بالموافقة والسن معقدة. ففي الأردن، يمكن أن تُعتبر العلاقة بين شخص بالغ وقاصر في بعض الحالات غير قانونية. لذا، إذا كان الشاب بالغًا وطالب صورة من فتاة قاصر، فقد يقع تحت طائلة التجريم، حتى وإن كانت هناك موافقة.
المحتوى المحظور
إذا كانت الصورة المطلوبة تحتوي على محتوى جنسي صريح أو تمثل انتهاكًا للآداب العامة، فإن طلبها قد يكون جريمة قانونية. في هذه الحالة، قد يواجه الشخص عواقب قانونية تتعلق بانتهاك القوانين الخاصة بالجرائم الإلكترونية أو أخلاقيات المجتمع.
الاستخدام السيء
حتى في حال كانت الصورة قد تم تبادلها بموافقة، فإن استخدامها بشكل غير قانوني أو نشرها دون موافقة قد يُعتبر جريمة.
أكد الهيلات أن طلب صورة من فتاة أثناء علاقة عاطفية هو موضوع يتطلب فحصًا دقيقًا من الجوانب القانونية والأخلاقية. من المهم أن يكون لدى الشباب الوعي الكامل بالمخاطر القانونية المحتملة المرتبطة بهذا النوع من الطلبات، وأن يكون لديهم فهم واضح لقيمة الموافقة والاحترام المتبادل.
الأفعال التي يمكن أن تعتبر جرائم في الفضاء الإلكتروني
أضاف الهيلات أن الاحتيال أحد جرائم الفضاء الإلكتروني. في بعض الأحيان، قد يكون الأشخاص الذين يلتقي بهم الشباب عبر الإنترنت غير صادقين، ويستخدمون هويات مزيفة لتحقيق مكاسب شخصية. الانخراط في معاملات مالية أو تقديم معلومات شخصية قد يؤدي إلى الاحتيال، مما يعرض الشباب للمسائلة القانونية.
كما أكد أن المحتوى غير القانوني، أي إذا شارك الشباب محتوى يحمل طبيعة إباحية أو غير قانونية، سواء عبر الرسائل أو وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يقعوا تحت طائلة القانون.
ضرورة التعبير المدروس على مواقع التواصل الاجتماعي
ونوه المحامي الهيلات أنه يجب على الأفراد أن يتذكروا أن حرية التعبير تأتي مع مسؤولية قانونية، حيث قد تؤدي الكلمات غير المدروسة إلى عواقب قانونية بموجب قانون الجرائم الإلكترونية. من الضروري أن يكون التعبير عن الرأي مدعومًا بالاحترام والوعي بالحدود القانونية لتجنب المساءلة.
لذلك، من الضروري أن يتم توعية الشباب حول القوانين والحقوق المتعلقة بالعلاقات العاطفية عبر الإنترنت، وتقديم المعلومات اللازمة لفهم المخاطر القانونية المرتبطة بتصرفاتهم. يمكن أن تسهم برامج التوعية القانونية في تقليل الجهل، وتمكين الشباب من اتخاذ قرارات مستنيرة وتحقيق حماية قانونية أفضل لأنفسهم.
دور التعليم في تعزيز الوعي القانوني
ويضيف أنه يجب إدراج مواد دراسية تُعنى بالجرائم الإلكترونية في المناهج التعليمية. ينبغي أن نتعاون بين المؤسسات التعليمية والجهات القانونية لتطوير برامج توعية مستمرة، تركز على كيفية التعامل مع التهديدات الإلكترونية وفهم القوانين ذات الصلة.
بناء جيل واعٍ قادر على مواجهة التحديات الرقمية
في الختام، وضح أن تعزيز معرفة الشباب بالقوانين المتعلقة بالجرائم الإلكترونية ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لحمايتهم وتمكينهم من استخدام التكنولوجيا بأمان ووعي. من خلال توفير المعلومات القانونية المناسبة، يمكننا بناء جيل قادر على مواجهة التحديات الرقمية بثقة ومعرفة.
تشير دراسة تأثير الجرائم الإلكترونية والوعي القانوني على سلوك طلبة الجامعة الأردنية، التي نشرت في مجلة Heliyon في يونيو 2024، إلى تأثير الوعي القانوني على سلوك طلاب الجامعة. شملت عينة من 2000 طالب وأظهرت وجود علاقة بين ضعف الوعي بقوانين الجرائم الإلكترونية وزيادة المشاركة في أنشطة غير قانونية عبر الإنترنت.
تؤكد الدراسة أهمية تنفيذ استراتيجيات فعالة لتعزيز الوعي القانوني لدى الطلاب فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية، للتخفيف من تورطهم.
في عام 2023، سجل مركز الأمن السيبراني الوطني في الأردن زيادة ملحوظة في حوادث الأمن السيبراني، حيث تم الإبلاغ عن 2,455 حادثة، مما يمثل زيادة بنسبة 80% مقارنة بعام 2022، الذي شهد 1,362 حادثة. من بين هذه الحوادث، وُصفت 17 حالة بأنها "حرجة جدًا"، وفقًا لما ورد في موقع Jordan Times.