التغير المناخي في الأردن: تحديات وتأثيرات ودور الشباب والمجتمع المدني في التصدي لها
يعد التغير المناخي من أبرز التحديات العالمية، والأردن ليس بمنأى عن هذه التحديات. تواجه المملكة تغيرات بيئية خطيرة تشمل ارتفاع درجات الحرارة، نقص المياه، وتغير أنماط الطقس، مما يؤثر مباشرة على القطاعات الحيوية مثل الزراعة، الموارد المائية، والصحة العامة.
توضح خبيرة البيئة والصحة، سهام مؤمنة، أن التغير المناخي يسهم في زيادة أمراض الجهاز التنفسي والحساسية بسبب التلوث، كما يسهم في انتشار الأمراض المنقولة بواسطة نواقل الأمراض، مثل حمى غرب النيل التي ظهرت في المنطقة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة. بالإضافة إلى ذلك، يزيد الإجهاد الحراري من احتمالية الإصابة بالأمراض بشكل عام. وتشير مؤمنة أيضًا إلى أن التغير المناخي يؤدي إلى ندرة المياه، مما يزيد من احتمالات انتشار الأمراض المرتبطة بالمياه الملوثة.
دور الشباب في العمل البيئي
يلعب الشباب دورًا حيوياً في الجهود الوطنية لمكافحة التغير المناخي. تشير مديرة أوراق للتنمية البيئية، د. زينة حمدان مديرة أوراق للتنمية البيئية، د. زينة حمدان، أن مؤسسات المجتمع المدني، بما في ذلك المبادرات الشبابية، تشكل جزءًا مهمًا من الحل. وتؤكد حمدان على أهمية إشراك الشباب في أنشطة التوعية البيئية وورش العمل التي تهدف إلى تعزيز الوعي حول القضايا البيئية، حيث يمكن أن يكون للشباب دور فعّال في تعزيز التغيير من خلال المشاركة المباشرة في أنشطة المجتمع المدني.
وتضيف حمدان أن الشباب يمكن أن يكونوا محورًا أساسيًا في تطوير وتنفيذ الحلول البيئية، مثل تبني مبادرات لترشيد استهلاك المياه، وإعادة التدوير، واستخدام الطاقة المتجددة، وهي ممارسات تسهم في تقليل البصمة الكربونية للأفراد والمجتمعات. وأكدت على ضرورة تعزيز قدرات الشباب في مجال القيادة البيئية من خلال إشراكهم في منصات صنع القرار المتعلقة بسياسات التكيف مع التغير المناخي.
منظور شمولي: قضية بيئية وسياسية واقتصادية
من جانبه، يوضح عمر شوشان، رئيس اتحاد الجمعيات البيئية وعضو مجلس إدارة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، أن قضية التغير المناخي ليست بيئية فحسب، بل هي قضية اقتصادية وسياسية لها تأثير على كافة القطاعات الإنتاجية في الدولة. ويفسر شوشان أن تأثيرات التغير المناخي تشمل تدهور قطاعات الزراعة والمياه، ويعود أصل المشكلة إلى تراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي منذ الثورة الصناعية.
شوشان يشدد على ضرورة فهم الفرق بين الطقس والمناخ. الطقس يعبر عن حالة قصيرة الأمد، بينما المناخ يعبر عن تغيرات طويلة الأمد تمتد لعقود. ويؤكد أن التغيرات في أنماط المناخ، مثل تحول مناخ الأردن من معتدل إلى حار وجاف، تزيد من تعقيد الجهود المبذولة لمكافحة آثار التغير المناخي.
دور المجتمع المدني
يؤكد شوشان على أهمية مؤسسات المجتمع المدني في مواجهة هذه الظاهرة على ثلاثة مستويات. المستوى الأول يتعلق بالتأثير على السياسات العامة من خلال حملات كسب التأييد، المستوى الثاني يتمثل في التدخل المباشر عبر إدارة الأنظمة البيئية، مثل إدارة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة للمحميات، والمستوى الثالث يشمل رفع الوعي الشعبي والرسمي حول قضايا التغير المناخي.
ويشير إلى أن مؤسسات المجتمع المدني البيئية في الأردن بدأت نشاطها مبكرًا مع نشأة الدولة، مستشهداً بالجمعية الملكية لحماية الطبيعة التي تأسست عام 1966 وتدير اليوم معظم المحميات الطبيعية في الأردن بالتعاون مع الحكومة. يرى شوشان أن هذه الشراكات الاستراتيجية تقدم نموذجًا ناجحًا يجب توسيعه ليشمل مؤسسات أخرى.
أولويات العمل المناخي
يرى شوشان أن العمل المناخي في الأردن يجب أن يركز على ثلاثة مسارات رئيسية: تخفيف الانبعاثات، التكيف مع تداعيات التغير المناخي، وتأمين التمويل المناخي. يشير إلى أن الأردن بحاجة إلى تعزيز جهوده الوطنية والتعاون مع المؤسسات الدولية لضمان الحصول على تمويل عادل لمشاريع التكيف المناخي التي تستهدف الفئات الأكثر ضعفاً، خصوصاً في قطاعات المياه والزراعة.
التحديات المقبلة
يرى شوشان أن التحدي الأكبر يتمثل في إعطاء ملف التغير المناخي وزنه الحقيقي في الأجندة الوطنية. يعتقد أن الحل يكمن في تشكيل لجنة وزارية رفيعة المستوى بقيادة رئيس الوزراء لمواجهة أزمة المناخ التي ستستمر حتى عام 2100. ويشدد على ضرورة تكاتف جميع القطاعات، سواء حكومية أو خاصة أو مجتمع مدني، للتصدي لتداعيات التغير المناخي.
دور الإعلام في تعزيز الوعي المناخي
تشير الأخصائية البيئية والاجتماعية نيرمين أبو شاويش إلى الدور الهام الذي يلعبه الإعلام في تعزيز الوعي البيئي، من خلال نشر تقارير ومقالات حول التغير المناخي وتسليط الضوء على مبادرات الشباب والمجتمع المدني. الإعلام، بوسائله المختلفة، يعد قناة رئيسية لتحفيز المجتمع على تبني ممارسات مستدامة وتوضيح خطورة القضايا البيئية. كما تشدد على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في إشراك المجتمع وتوعية الأفراد بأهمية تقليل استهلاك المواد البلاستيكية واعتماد ممارسات صديقة للبيئة.
إن التحديات التي يفرضها التغير المناخي على الأردن تتطلب جهداً جماعياً ومستداماً. إن دور الشباب والمجتمع المدني، إلى جانب الإعلام، هو العامل الأساسي في مواجهة هذه التحديات وضمان بيئة صحية ومستدامة للأجيال القادمة.
إستمع الآن