الشباب والتعليم في الكرك: تحديات التعليم العالي وآفاق المستقبل

الرابط المختصر

بدأ الاهتمام بالتعليم العالي في الأردن عموماً  من حيث الإشراف عندما صدر قانون التعليم العالي عام 1980 وأنشئ بعد ذلك مجلس التعليم العالي عام 1982 ليشرف بدوره على مؤسسات التعليم العالي الأردنية، وفي عام 1985 أنشئت وزارة التعليم العالي ،والذي يعتبر منذ تأسيسه ذا دورٍ فاعل في رفد الوطن بالكوادر المؤهلة التي شاركت ومازالت في بنائه ونهضته.

ويعد التعليم العالي أحد الركائز الأساسية لتطوير المجتمعات وتمكين الشباب من تحقيق طموحاتهم والمساهمة في تنمية بلادهم. في محافظة الكرك، كما في العديد من المناطق الأخرى في الأردن، يواجه الشباب تحديات متعددة في مسيرتهم التعليمية، مما يطرح العديد من التساؤلات حول جودة التعليم العالي بعد هذه الأعوام من مأسسته ، وآفاقه المستقبلية.

 

التحديات التي تواجه الطلاب في الكرك 

يواجه الطلبة  في الكرك جملة من التحديات التي تؤثر على تجربتهم التعليمية. من أبرز تلك التحديات، نقص الفرص المتاحة لهم محليًا لاستكمال تعليمهم العالي، مما يضطر بعضهم إلى الانتقال إلى محافظات أخرى أو حتى دول أخرى بحثًا عن تعليم يتوافق مع تطلعاتهم. كما تشكل الأعباء المالية عائقًا كبيرًا أمام العديد من الطلاب، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها الأسر الأردنية. 

في لقاء مع عدد من طلاب  الدراسات العليا في جامعة مؤتة ، أشاروا إلى الكثير من التحديات التي باتت تشكل عائقاً أمام تقدمهم العلمي . 

تقول  هبة السعيدات ،طالبة في مرحلة  الماجستير إلى أن
التحدي الأبرز الذي أراه اليوم للطلبة  هو التحدي الاقتصادي وتكاليف الدراسة المرتفعة وتكاليف المواصلات والمواد مما اضطر البعض للعمل بدوام جزئي لسداد احتياجات التعليم وهو ما يؤثر لاحقا على تحصيلهم الأكاديمي  ، بالإضافة للبعد الجغرافي للعديد من الطلبة عن موقع الجامعة واضطرار بعضنا للتنقل لساعات للوصول للجامعة  وإضاعة الوقت بسبب الانتقال من محافظة لأخرى . 

وأشارت (و.ق) ،طالبة في الدراسات العليا في جامعة مؤتة والتي فضلت عدم ذكر اسمها ،إلى أن من أبرز التحديات التي واجهتني  في مرحلة الماجستير أن المناهج الدراسية المقدمة في بعض التخصصات لم أجد أنها تتناسب مع احتياجات سوق العمل وتوجه العديد من خريجي الدراسات العليا للعمل بمساق وظيفي مختلف عن شهادتهم الأكاديمية، بالإضافة إلى كون ساعة الدراسة عالية بالنسبة للظروف الاقتصادية للطلبة فمثلا تخصصي الحالي تقدر ساعته ب ١٠٠ دينار للساعة وهو ما يشكل عبء اقتصادي .

وأضاف طالب دكتوراه فضل أيضاً عدم ذكر اسمه ،أن التحدي الأبرز للطلبة هو البعد عن البيئة التي تقوم بالدراسة فيها و عن المحافظة، بالإضافة إلى أن المناهج غير ملائمة مع سوق العمل وغير مرتبطة مع التغيرات البيئية وخاصة مع عصر العولمة الأكثر واقعية ،وإلى ارتفاع رسوم الجامعة وخصوصاً رسوم الدراسات العليا.

 

دور الجامعة في مواجهة التحديات 

من جهته، أكد رئيس جامعة مؤتة، معالي الدكتور  سلامة النعيمات ،حول واقع التعليم الجامعي في الكرك إلى أنَّ التعليم الجامعي في الكرك يلعب  دوراً محورياً في تنمية المجتمع المحلي وإعداد الشباب لمستقبل مشرق. من خلال مواجهة التحديات الحالية واستغلال الفرص المتاحة، وهو ما يمكن  مؤسسات التعليم العالي في الكرك، وخاصة جامعة مؤتة، أن تسهم بشكل كبير في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.

وليس هذا فحسب بل اضاف أيضاً  يُعَدّ التعليم الجامعي في محافظة الكرك، جنوب الأردن، حجر الزاوية في تطوير المنطقة وتهيئة الشباب لمستقبل واعد. من خلال جامعاتها ومؤسساتها الأكاديمية وخصوصا جامعة مؤته منذ تأسيسها عام ١٩٨١، تلعب الكرك دوراً رئيسياً في توفير تعليم عالي الجودة يسهم في تنمية المجتمع المحلي وتطويره. 

أما فيما يخص التحديات  في التعليم الجامعي فيقول  رغم الجهود المستمرة لتطوير البنية التحتية، تحتاج الجامعة إلى مزيد من التحديث في مرافقها التعليمية والمختبرات. و تواجه الجامعة تحديات مالية تؤثر على قدرتها على توسيع البرامج الأكاديمية وتحسين الخدمات المقدمة للطلاب ،
بالإضافة  لحالها  لتعزيز البحث العلمي وتوفير الدعم اللازم للباحثين والمشاريع البحثية . 

وهو ما تعمل عليه كما أشار  من خلال جهود تحسين التعليم الجامعي وتعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية الدولية لتبادل الخبرات وتطوير البرامج الأكاديمية.
والتزامها بتقديم دورات تدريبية وورش عمل لأعضاء هيئة التدريس لرفع كفاءاتهم وتعريفهم بأحدث أساليب التدريس.
والعمل على تحقيق معايير الجودة والاعتماد الأكاديمي لضمان تقديم تعليم عالي المستوى يتوافق مع المعايير العالمية.

 

آفاق المستقبل 

بالرغم من التحديات، يبقى الأمل موجودًا لدى الشباب في الكرك الذين يسعون بكل جهدهم لتجاوز العقبات وتحقيق أحلامهم. هناك إمكانيات كبيرة لتطوير التعليم العالي في المحافظة من خلال تعزيز الشراكات بين الجامعات وسوق العمل، وتقديم المزيد من الدعم المالي للطلاب، وتحسين البنية التحتية التعليمية.

ختامًا، التعليم العالي في الكرك يشهد مرحلة من التحدي، ولكن مع التعاون بين المؤسسات التعليمية والطلاب، يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص لبناء مستقبل أفضل للشباب وللمحافظة على حد سواء.