"عانس": توصيف اجتماعي "جارح" للمتأخرات في الزواج

"عانس": توصيف اجتماعي "جارح" للمتأخرات في الزواج
الرابط المختصر

هرباً من ضغوطات المجتمع، ومن شبح "العنوسة" اقتنعت آلاء (28 عاماً) بفكرة الزواج بأسرع وقت، حتى لا "يفوتها القطار".

 

تقول آلاء أنها تريد الزواج خوفاً من وصولها أعتاب الثلاثين عاماً وهي عزباء، مثلما حدث مع شقيقتها ذات الـ32 عاماً، والتي تعاني من نظرة المجتمع"الدونية" لها، حسب وصف آلاء.

 

ويطلق مصطلح "عانس" في المجتمعات العربية على الفتاة التي لم تتزوج في سن متأخرة، وفقا لاعتبارات مختلفة تحددها العوامل الاجتماعية السائدة.

 

فيما يغلب على المجتمعات إطلاق هذا المصطلح على الأنثى دون الرجل، واعتباره لفظاً تهكمياً يقلل من شأنها، بحسب الناشطة في شؤون المرأة المحامية أنعام العشي.

 

كما يتفق معها خبير علم الاجتماع  الدكتور مجد الدين خمش، الذي يرفض قطعا استخدام مصطلح "العنوسة" واستبداله بـ "تأخر سن الزواج"، والذي يحدد وفقا لطبيعة كل مجتمع، موضحا أنه يهدف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لإيذاء مشاعر المرأة.

 

وبرأي خمش فإن مفهوم التأخر في الزواج ينطبق على كلا الجنسين في حال وصل أي منهم لسن الخمسين، وليس دون ذلك.

 

تؤكد آلاء أن كلمة "عنوسة" مرعبة لأي فتاة، وتؤثر سلباً على نفسيتها، مشيرة إلى أن هذا المصطلح منتشر بصورة كبيرة خصوصاً بين النساء اللاواتي كثيرا ما يحدث أن ينعتن فتيات بالعوانس، كتوصيف مهين وجارح.

 

 

وتصف آلاء ما تعانيه شقيقتها في المناسبات الاجتماعية من انتقاد لأنها غير متزوجة، وتؤكد أن البعض يتدخل كثيرا في أدق تفاصيل حياتها، من خلال سؤالها مثلا عن سبب تأخرها بالزواج وإن كان هناك "مانع للارتباط"، في إشارة منهم إلى معاناتها من مرض ما.

 

العشي تؤكد أن مدلولات هذا المصطلح مرتبط بالنبذ الاجتماعي المباشر للمرأة دون الرجل، والذي يمس بكرامتها، مشيرة إلى أن هذا التوصيف "المقصود" يحمل في ثناياه معان كثيرة أقلها أنها غير مقبولة، أو باللهجة العامية "بايرة".

 

وتقول العشي أنه وبالرغم من عدم نعت الرجل بالعانس، إلا أنه لا ينبذه في أي عمر يصل إليه دون زواج، كما المرأة، ولا يرتبط بمفاهيم أخرى تتعلق بعدم رغبة الجنس الآخر به، أو وجود ما يمنعه دائما.

 

ويقال في اللغة العربية عنست البنت، أي طالت فترة عزوبيتها ولم تتزوج، وعنس الرجل أي أسن ولم يتزوج.

 

وارتفع سن الزواج  في الأردن مؤخراً لكلا الجنسين، بما يتجاوز السادسة والعشرين للأنثى، وسن الثلاثين لدى الذكور، بحسب التقرير الإحصائي السنوي الصادر عن دائرة قاضي القضاة لعام 2013 .

 

و بينت الأرقام أن 35% من الذكور يتجاوزون سن الثلاثين عند الزواج، في حين تجاوزت أكثر من 25% من الإناث سن السادسة والعشرين.

 

كما تشير إحدى الدراسات التي أجراها المجلس الأعلى للسكان في عام2011 ، إلى ارتفاع سن الزواج طرديا مع مرور السنوات لعدة عوامل، أهمها ازدياد أعداد السكان ، وازدياد معدلات الإنجاب في العشرين عاما التي سبقتها.

 

فيما يعيد خمش تأخر سن الزواج لتغير النظام التعليمي، ورغبة الفتاة دخول تجربة العمل بعد إكمال الدراسة، والعامل الاقتصادي بتشعباته من غلاء أسعار وارتفاع تكاليف الزواج والمهور وغيرها، إضافة لتغير مفهوم الزواج لدى الفتيات، والذي كان يرتبط سابقا بمفهموم "السترة".

 

 

ويوضح خمش أن مفهوم الفتاه للزواج أصبح مفهوماً أكثر ديمقراطية، وهو مبني على أساس المشاركة، بعيدا عن المفهوم التقليدي الذي يعتمد على سيطرة الرجل غالبا، منوها إلى أنه كلما تقدم العمر بالنسبة للطرفين، يصبح الاختيار أفضل.

 

ويؤكد خمش أن تأخر سن الزواج يقلل من فرص الإنجاب لدى المرأة تدريجياً كلما تقدم عمرها، الأمر الذي يسهم في تخفيض نسبة الإنجاب في ظل ما يشهده الأردن من زيادة في عدد السكان، فيما تعد النظرة السلبية للفتاة غير المتزوجة من قبل المجتمع إحدى التبعات التي يجب على الفتاة تحملها في حال تأخرت في الزواج بحسب خمش.

 

إلا أن أحد أهم الأسباب التي أقنعت آلاء بفكرة الإسراع في الزواج هو خوفها من عدم الإنجاب لو كانت في عمر أكبر، آخذة بعين الاعتبار نصائح من حولها فيما يتعلق بصعوبة إنجابها لاحقا.

 

وفي هذا الشأن تؤكد أخصائية النسائية والتوليد الدكتورة رقية شكري، أن تقدم العمر لدى المرأة يقلل من فرصها الإنجابية، مشيرة إلى أن أفضل المراحل العمرية للإنجاب تكون بين سن العشرين حتى الثلاثين عاما، حيث تبدأ فرصها بالتراجع بعد ذلك.

 

وتضيف شكري أن الفتاه بعد سن الـخامسة والثلاثين تتضائل فرصتها بالحمل، ويترافق معه مخاطر على صحتها، بسبب تراجع إنتاج البويضات، مشيرةً إلى المرأة عندما تصل إلى سن اليأس، وهو انقطاع الدورة الشهرية في عمر متوسطه الخامسة والأربعين، تتوقف المرأة عن الإنجاب.

 

وسجلت في العام 2011 أعلى نسبة زواج لدى الإناث في عمر 20-24، حيث بلغت 41% ، تليها الفترة العمرية ما بين 25-29، بنسبة 19.6 %، مقابل 41 % من الذكور في فترة 25- 29 تليها 22% في الفترة 20-24، بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة لمتوسط عمر الزواج في المملكة.