سوريون ينقلون مهاراتهم في صنع الحلويات إلى الأردن

سوريون ينقلون مهاراتهم في صنع الحلويات إلى الأردن
الرابط المختصر

لا يخفى على أحد انتشار محالّ الحلويات الشامية في المدن الأردنية كافّة، فهي لا تبيع الحلى الشهية فقط، بل تعكس الثقافة والطريقة الشامية في تحضير وتقديم الحلويات المعروفة منها والجديدة التي ينقاد الزبائن بفضولهم لتجربتها والتعرف على مذاقها.

 

وتتميز تلك المحالّ بديكوراتها المميزة التي تستحوذ على مرتاديها، وتضعهم في أجواء جميلة بفعل الخروج عن قاعدة المألوف في التصميم وإضفاء الطابع الشامي على كلّ تفاصيل المكان، بدءاً من الواجهة وحتى الداخل، بالإضافة إلى الأسماء التي تحمل العبق الدمشقي، وليس الطعم الطيّب فحسب.

 

ويروق للمستهلكين بالإضافة إلى اللمسات الجمالية المضافة على طريقة العرض والتقديم، طريقة استقبالهم وتقديم الضيافة لهم لدى توجههم لتلك المحلات، وذلك بهدف التعرف إلى طعمها ومحتوياتها قبل الشراء، وهذا من شأنه أن يفتح باب التحاور وإبداء الرأي حول ما نقله السوريون معهم إلى الأردن.

 

على طاولة صغيرة على رصيف مزين أمام محل حلويات سوري، تجلس السيدة الخمسينية رابعة السيد، تتذوق عدّة أصناف من طبق الحلويات الذي ابتاعته من محل (عبق العراقة) للحلويات الشامية، إذ تبدي إعجابها بما تأكله، وخاصة المذاقات الجديدة التي لم تكن تعرفها مسبقا كما تقول: "كنا نسمع عن المدلوقة بالمسلسلات السورية، وها نحن نأكلها الآن".

 

افتتح المالك السوري مالك عربيني وشريكه الأردني محل الحلويات الشامية (عبق العراقة) عام 2012 في مدينة الزرقاء (شرق عمّان)، حيث غادر تجارته بالموادّ الغذائية في دمشق وبدأ استثمارات جديدة مع شركاء أردنيين بقطاع الحلويات والمطاعم في الأردن.

 

وعندما لقي المحل الأول إقبالاً كبيراً، توسع المستثمران لإنشاء محلا آخرَ بجواره، يختص بصناعة البوظة العربية، ليلقى النجاح ذاته، حيث يطغى مشهد الازدحام على جلسته المميزة، وخاصة في أيام العطل ونهاية الأسبوع.

 

ولدى فراغ الشريكين من مرحلة التخطيط للمشروع، حصلا على الموافقة الأمنية وأودعا رأس المال في البنك، ثم قاما بترخيصه من قبل هيئة الاستثمارات الأردنية بعد تقديم الطلب والمرفقات المطلوبة إلى النافذة الاستثمارية، كما تمّ تسجيل المنشأة في وزارة الصناعة والتجارة للاسم التجاري.

 

ويتطلب استثمار غير الأردنيين في قطاع خدمات المطاعم والمقاهي والكفتيريات وجود شريك أردني، بناء على شروط نظام تنظيم استثمارات غير الأردنيين رقم (77) لعام 2016، إذ يمكن للمستثمر غير الأردني أن يتملك نسبة لا تتجاوز 50% من رأس مال أي مشروع في الأنشطة الاقتصادية التي تنظمها المادة الرابعة من النظام المذكور، ومن ضمنها خدمات تقديم المأكولات والحلويات باستثناء تلك التي تقدم في الفنادق والنزل.

 

المزج بين العمالة الأردنية والسورية

تولى عربيني إدارة محلّ الحلويات ومحلّ البوظة منذ افتتاحهما عام 2012، ويتولى أيضاً تنظيم شؤون العاملين في كليهما، حيث يعتمد المالكان المزج بين العمالة الأردنية والسورية وفقاً للنسب التي يحددها قانون العمل الأردني، بحيث لا تقلّ نسبة العمالة الأردنية عن 80%، ولا تزيد نسبة الوافدين عن 20%.

 

ويتم الاعتماد على العاملين السوريين في إعداد الحلويات والفطائر التي تباع في المحلّ على أنواعها، موظفين خبرتهم في هذا المجال للإنتاج بجودة عالية، باعتبار صناعة الحلوى مهنة دمشقية تتوارثها الأجيال، فيما تتركز مهام العاملين الأردنيين في الشؤون الإدارية والمحاسبية بشكل أكبر.

 

ويتم استصدار تصاريح عمل للسوريين من وزارة العمل، ويعفى أصحاب العمل من رسوم التصاريح ورسوم الشهادة الصحية عن استخدام العمالة السورية، ويتم استيفاء عشرة دنانير فقط مقابل تدقيق معاملة. وفقاً للناطق باسم وزارة العمل الأردنية محمد الخطيب.

 

ويرى عربيني أن هذه الشراكة والمزج في العمالة ساعد في تغيير الصورة النمطية تجاه اللاجئين السوريين والتخوف من تسببهم بضغوطات على الموارد الأردنية، وتأثيرهم على فرص عمل الأردنيين، كون اتجاههم للاستثمار عزز الشراكة واستحدث فرص عمل، وانعكس ذلك على العلاقات الاجتماعية أيضاً، كما يقول.

 

وبحسب أمين سر نقابة أصحاب المطاعم والحلويات الأردنية نمر ولد علي (المختصة برعاية حقوق ومصالح أصحاب المطاعم والحلويات) فإن الاستثمارات السورية اللاجئة تركزت في قطاع المطاعم والحلويات، وبنسبة أقل في القطاعات الأخرى، ويعود ذلك لخبرتهم وبراعتهم في هذا المجال، فاستغلوا مهاراتهم في صنع الحلويات والأكل الشامي المحبب لدى الكثيرين وأقاموا مشاريعهم.

وتنتشر محال الحلويات الشامية في محافظات عمان والزرقاء وإربد أكثر من المدن الأخرى بحسب نمر ولد علي، ويرتبط ذلك بتركز استقرار السوريين الذين لجأوا إلى الأردن في هذه المحافظات الثلاث.

 

الشريك الأردني يقول إن سوريا مشهورة بحلوياتها الطيبة، كما يُعرف السوريون بإتقانهم لهذه الصناعة بحرفية عالية ويطورونها أيضاً، كما يتولون الأمر بشكل محبب للزبائن، وغالبيتهم من الأردنيين، بحسب الشريك أبي حامد.

 

ويعتبر خبراء الاقتصاد التجربة الأردنية في التعامل مع اللاجئين السوريين والاستثمارات السورية اللاجئة تجربة ناجحة، بالاعتماد على نظرية اعتبارهم فرصة وليس عبئاً ثقيلاً، إذ فُتحت لهم أسواق العمل، ويتاح لهم الاستثمار بالشراكة مع أردنيين، وهذا كان له انعكاساته الإيجابية على السوق الأردنية.

أضف تعليقك