صيف القدس.. فعاليات شبابية تحيي جذوة القضية الفلسطينية

الرابط المختصر

"نأخذ طلبتنا في المركز كل عام لفعاليات صيف القدس، فانخراط الطالب في مثل هذه الفعاليات الثقافية المميزة يزيد من التصاقه بوطنه وقضيته ومقدساته" هكذا استهلت المعلمة في مركز الحاجة حليمة قنديل، ختام رباع حديثها حول المشاركة في أنشطة صيف القدس الذي أقامته لجنة مهندسون من أجل فلسطين والقدس في نقابة المهندسين الأردنيين ومبادرة صيف القدس.

وذكرت أننا نحتاج في المجتمع لمثل هذه الفعاليات التي تعزز حضور القضية الفلسطينية ما يشجع ويذَكِرُ المجتمع بأهمية العمل المستمر للدفاع عن هوية الأرض وتاريخها.

 

يعد مهرجان صيف القدس مبادرة سنوية ليوم مقدسي بكافة تفاصيله يقوم عليه شباب متطوعون، كرّسوا جهودهم لإحياء قضية القدس وفلسطين بأنشطة متنوعة بين عروض مسرحية وفنية ومعارض للصور، وبازارات المنتجات المقدسية والأكلات، والأفلام الوثائقية الفلسطينية، والسهرات الإنشادية التي تختلف فيها الأشكال الفنية وتتفق على هدف واحد وهو رفع الوعي المقدسي وزرع العمل للقضية الفلسطينية في نفوس روّاد الفعاليات. 

 

رئيسة لجنة صيف القدس، الدكتورة جميلة النجار ترى أن فعاليات صيف القدس مبادرة مجتمعية سنوية لها علاقة بقضية فلسطين انطلقت أول مرة منذ 15 سنة بشكل بسيط من قبل مجموعة متطوعات شابات يحملن همَّ القضية، موضحةً أن الأعضاء المشاركين في الإعداد والتنظيم لفعاليات هذا اليوم المقدسي يختلفون في كل سنة بينما تبقى البوصلة ثابتةً نحو فلسطين، كما تساهم الجمعيات ذات الاهتمام المشترك في هذه الفعاليات. 

تضيف النجار أن صيف القدس بمختلف تفاصيله يقوم بجهود وتنظيم شبابي لمختلف زواياه وأنشطته المتنوعة، محاولين تقريب صورة المشكلات التي يعاني منها أهل فلسطين وغزة والقدس ومحاكاتها بطريقة واقعية، ما يجعل صيف القدس يلقى قبولًا كبيرًا لدى المجتمع الأردني ويدفعهم للتفاعل معه. 

 

في هذا الصدد تذكر المعلمة ختام رباع، أن صيف القدس يوم ينتظره الطلبة بحماس، لما يحتويه من أنشطة جديدة ومنظمة وممتعة لمختلف الفئات العمرية يشعر خلالها الطالب أنه بات أقرب للقدس بمشاركته في مختلف الأنشطة المقدسية طوال اليوم، موضحةً أن الصغار والكبار من مختلف المناطق يسارعون للالتحاق كل عام بفعاليات صيف القدس. 

 

*جهود شبابية في التنظيم والإعداد*

 

مسؤولة الملف الإعلامي لصيف القدس، أماني أبو سل ذكرت لعمان نت أن المشاركة الشبابية كانت واسعة جدًا، حيث كان مختلف الشباب حريصين على تصميم الزوايا لأنشطة صيف القدس وتنظيم الفعاليات طوال يوم النشاطات، إضافةً للدور الإعلامي في نقل هذه الأنشطة على صفحات صيف القدس عبر منصات التواصل الاجتماعي، مبينةً أن كثيرًا من هذه المشاركات كانت من قبل طلبة الجامعات والمدارس، ما كان له بالغ الأثر في نفوس الشباب المشارك من جانب إدراكهم لواقع وتفاصيل ما يحصل في غزة ومعرفة معالم الأقصى والواقع المعاش فيه والعمل في هذه الميادين ليكون لهم دور فاعل في النصرة. 

 

وأضافت أبوسل أن الهدف الأول الذي يسعى له صيف القدس استنهاض الهمم لتكون الأنظار متجهةً نحو خطى التحرير، فمن غير هذه الفعاليات سينشأ جيل لا يهتم ولا يعرف قيمة العمل من أجل المقدسات، وحضور فعالية ضخمة حول الأمر من قبل العائلات والشباب يعزز قيمة العمل في الميدان.

 

الإعداد وغرس الوعي ونشر الثقافة المقدسية أمر انتهجه منظمو فعاليات صيف القدس كل عام خلال هذا اليوم الحافل بمختلف الأنشطة، فلم تخلُ زاوية من ارتباطها بالقدس وذكر القدوات والشخصيات التي صنعت فارقًا في طريق مجابهة العدوان ومحاولات التهويد وطمس الهوية.

 

وتذكر أبوسل أن الصوت وصل والأثر نراه أمام أعيننا من تضامن الصغار قبل الكبار مع ما يحدث في فلسطين "فنجد الأطفال يبكون عندما يرون صعوبة العيش وحجم التضييق الذي يعيشه الأطفال والأهل في فلسطين فيخرجون من فعاليات صيف القدس بروح المتضامن الذي يريد أن يبذل كل جهده لمد يد العون لإخوانه" 

 

 

يسعى صيف القدس بمختلف العاملين له والمشاركين في فعالياته إلى نقل الجيل من حالة الفتور والانشغال في الملهيات و"الترندات" إلى قضايا أهم وأعظم، فيوجِّه من خلال نشاطاته البوصلة نحو القدس والمقدسات، فخطى التحرير تبدأ بالإعداد وصناعة فكر الإنسان ووعيه.

 

نائب رئيس الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين وصاحبة فكرة فعالية بانوراما غزة، كفاح القناص وضَّحت أن الجمعية تشارك في فعاليات صيف القدس منذ عام 2007، حيث تقوم على الأنشطة المختصة بالألوان الفنية المسرحية من عرض مسرحيات وأناشيد وتنظيم "دبكة" وأوبريت غنائي، وفي السنوات الثلاث الأخيرة تقول "أضفنا السينما الفلسطينية خلال الفترة المسائية بعرض 3 أفلام على الأقل تتناول القضية الفلسطينية". 

وأضافت أنهم يعقدون مسابقةً بعنوان منشد القدس ومسابقة الكاتب الفني للقدس ومسابقة ارسم للقدس، ما يحفز المشاركين على المنافسة من أجل القدس وبذل أفضل ما لديهم. 

 

*صيف القدس الخامس عشر.. محاكاة لآلام غزة*

 

تفرَّدت نسخة صيف القدس لهذا العام عن سابقاتها بتمثيلها لما يقع في غزة من تهجير وتدمير للقطاع، والتحديات التي يواجهها أهل غزة منذ بدء الطوفان، فجاءت فقرات صيف القدس بنكهة غزيَّة يخالطها القهر والأسى الذي ما زال أهل القطاع يعانونه منذ عشرة أشهر. 

 

توضح أبوسل أن صيف القدس لعام 2024 والذي جاء تحت شعار "نأتيك حبا وشوقا نأتيك عزا ونصرا" وأُقيم في مجمع النقابات المهنية بدأ بزاوية بانوراما غزة "دمجنا فيها الأصوات التي تركت في أنفس الناس وقعًا خلال الحرب من أصوات الصحفيين والأهالي وصرخات مقربي الشهداء وذويهم، فكان من يدخل ممر بانوراما غزة يشعر لوهلة كأنه في قلب غزة، كما خصصنا زاوية للأسرى وما يعانونه من صعوبات في سجون الاحتلال، وخصصنا زاوية للبيوت المهدمة وما تبقى من ردم، وللأطفال الشهداء والمصابين، وخيام النازحين، وسيارات الإسعاف التي تعرضت للقصف والحريق". 

 

وتذكر صاحبة فكرة زاوية بانوراما غزة، كفاح القناص أن هذا العام كان مختلفًا "فلا يمكن أن نقوم بالفعاليات الفنية في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة، ففكرنا بجعل الفن ينقل وجع غزة وصرخاتها لتوعية كثير من المغيبين عن حقيقة الوضع الراهن في غزة فكان معرض بانوراما غزة بصنع ممر طويل تُعرض عليه صور حقيقية مكبرة من أحداث غزة وتركب عليها إضاءة وأصوات حقيقية لكلمات مؤثرة من أهل غزة أثرت في العالم أجمع، ومؤثرات صوتية تمثل صوت القصف والزنانة، ما يجعل التجربة تحاكي الواقع.

وتابعت أن الزاوية امتدت لتمثيل قصف المدارس والبيوت وانتشار الردم في الساحة المخصصة للفعالية، وتجسيد الأطفال الجرحى والنازحين في الخيام، ونقل الشهداء والمصابين على الدواب، كما مثلت خيمة الصحفيين وخيام الاعتصام في جامعات الدول الغربية في محاولة لمزج أبرز التفاعلات التي حصلت حول قضية الطوفان والتفاعل معها. 

 

تقول القناص إن هذه التجربة بنقل أوجاع أهلك وشعبك ومعاناتهم "فيه ألم كبير وشعور بالمسؤولية والواجب الذي يقع على عاتقنا لإيصال صوت الحق للعالم، فهذا عبء كبير ونرجو أن نكون على قدر المسؤولية". 

 

وحول زاوية الأسرى التي أقامتها اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية أوضحت الناشطة في مجال الأسرى آيات صوالحة إن الذي يدفعها للمشاركة في فعاليات صيف القدس كل عام هو توعية المجتمع بالقضية الفلسطينية وإدخالها لكل بيت أردني، حيث إن "ملف الأسرى" من الدعائم الأساسية لهذه القضية "فتحرير الأرض يبدأ من تحرير الإنسان وبما أنها قضية مغيبة في المجتمعات بشكل عام فيجب أن نطرق هذا الباب لنوعي الناس في المجتمع بقضية الأسر والأسرى ومدى خطورتها فالإنسان الذي اعتُقل، اعتُقل دفاعًا عن هذه الأمة" 

 

وتبيِّن صوالحة أن مشاركتهم هذا العام كانت بإعداد زاوية للأسرى، بتحضير مجسمات تحاكي الزنازين ومجسمات للأسرى تحاكي الانتهاكات التي يتعرضون لها حاليًا بتقييد الأيدي والأعين ساعات طويلة ولوحات تساعد على الشرح حول أنواع التعذيب، وشهادات من الأسرى المحررين حول أوضاعهم وطبيعة عيشهم في السجون، كما تشرح أوضاع الأسرى الأردنيين والأحكام المؤبدة التي يحكم عليهم بها.

 

تفاعل الأردنيون بشكل واسع هذا العام مع نسخة صيف القدس الممزوجة بنكهة أحداث غزة، ما جعل التجربة تلقي بآثارها في نفوس الحضور وتعزز تضامنهم ودعمهم للأهل في قطاع غزة. 

 

تقول المعلمة ختام رباع أن هذه النسخة من صيف القدس كانت مميزة بفعالية "بانوراما غزة" حيث نُفذت باحترافية وابداع عالٍ وجعلت الطلبة يعيشون محاكاةً للواقع المعاش في غزة من قصف وتدمير وصرخات للأهالي، ما عزز حضور الطوفان في نفوسهم وحرك فيهم مشاعر الحرقة على ما يحصل "وهذا الذي نسعى له رفع الوعي وتعزيز القضية عند الشباب" 

 

ونوَّهت أن هذه الفعاليات تأتي حتى لا ننسى ولا نعتاد وجود المحتل واعتداءه، ولتبقى أعين الناس على المقدسات، ونحارب ثقافيًا واجتماعيًا وبجميع الوسائل.

 

"صيف حزين وعظيم" هذا ما علق به الحضور على فعاليات صيف القدس لهذا العام، فما يحصل في غزة من أسر وتجويع وقصف وتدمير جعل الجميع على قلب واحد في حرصه على فعاليات صيف القدس والمشاركة في الفقرات المختلفة والتفاعل معها دعمًا للأهل في غزة وما واجهوه منذ بداية الطوفان.

 

أضف تعليقك