"سبع عجاف" على آخر أرقام الفقر .. والاستراتيجية في طي النسيان

"سبع عجاف" على آخر أرقام الفقر .. والاستراتيجية في طي النسيان

أصبحت معدلات الفقر في الأردن مثار قلق العديد من المسؤولين الحكوميين والمنظمات الأهلية، لتشير المعطيات الحالية إلى ارتفاعها، بينما لم تنجح استراتيجية المملكة للحد من الفقر وتخفيض نسبته في تحقيق أهدافها، لتفاقم حجم المشكلة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتزايد أعداد الفقراء من عام إلى آخر.

 

 

ولم تضع الحكومة في حساباتها، حينما كانت تخط استراتيجيتها لمحاربة الفقر التي أطلقتها عام 2013، التطورات المطردة كارتفاع أعداد اللآجئين، وأثر ذلك على المجتمعات المضيفة، وارتفاع نسب البطالة، وتنفيذها لبرنامجين قاسيين للإصلاح المالي متفق عليهما مع صندوق النقد الدولي، وإغلاق الحدود وغيرها من التطورات.

 

 

يصب هذا الرأي في سياق الحديث عن غياب الدراسات الرسمية حول اتساع رقعة الفقر وبؤره الساخنة، منذ العام 2010.

 

 

وهدفت الاستراتيجية، عند وضعها، إلى تخفيض نسبة الفقر المقدرة بحوالى 14.4% عام 2010 إلى 6% مع حلول عام 2020 وبحوالى 1.2% سنوياً.

 

من يحاسب من ؟

 

 

ويبقى سؤال المحاسبة هو الأبرز، في نقاش أي ملف منسي، بحسب الخبير في دراسات الفقر محمد الجريبيع، الذي يرى أن الحكومة إن استطاعت أن تحافظ على نسب الفقر المنشورة قبل سبع سنوات دون زيادة فهذا يعد إنجازا بحد ذاته.

 

 

ويرجح الجريبيع أن تكون معدلات قد شهدت قفزة لأعلى من المعدلات المنشورة، خاصة خلال السنتين الماضيتين، مشيرا إلى ما يعرف بـ"الفقر الوظيفي" الذي يعني عدم كفاية الدخل الشهري للعاملين.

 

 

وينتقد عدم وجود عمل مؤسسي لمكافحة الفقر، تضمن حلولا جذرية لا آنية، وعدم وجود خطة متابعة للاستراتيجيات ومحاسبة منفذيها على تقصيرهم.

ويشير الجريبيع إلى "الآثار الجانبية للفقر"، التي تنسحب لفقر غذائي وهشاشة غذائية، وبالتالي التراجع في النمو والوضع الصحي لأفراد الأسر الفقيرة.

 

 

وتعرف الهشاشة الغذائية بـ "حالة عدم استقرار أو متغير تصيب الأسرة الفقيرة تدفعها نحو انعدام التغذية".

 

 

وتشير دراسات ميدانية قامت عليها تكية أم علي العام الحالي، إلى وجود نحو 30,000 أسرة أردنية تعاني الفقر الغذائي في محافظات المملكة كافة.

 

اقرأ ايضا : 

 

ويقدر تقرير دائرة الإحصاءات العامة حول الأمن الغذائي للأعوام من 2010/2011 نسبة الأسر غير الآمنة غذائياً والتي تقبع تحت خط الفقر بـ 64 %، وأن حوالي 29% من الأسر غير الآمنة غذائياً تلقت مساعدات غذائية.

 

 

في ذات السياق، يؤكد عضو لجنة الإقتصاد النيابية رياض العزام لـ "عمان نت" أن سبب اتساع رقعة الفقر في المملكة يكمن باتكالنا إلى الاقتصاد الريعي، مع حصولنا على دعم ومنح وقروض عديدة في السنوات السابقة واللاحقة للأزمة السورية، إلاّ أن الحكومات لم تستثمرها في الجانب الإقتصادي المولد لفرص العمل بما يسهم في محاربة الفقر والبطالة، بل على العكس "زادت الحكومة من المشاريع الخدمية والبنى التحتية"، بشكل لا يتفق والأوليات.

 

 

ويرى العزام أن حكومة الملقي وأي حكومة لاحقة "لن تستطيع مكافحة الفقر، لما يعانيه العالم ودول الجوار من أوضاع سياسية واقتصادية".

 

 

وكان رئيس الوزراء هاني الملقي قد أكد خلال عرضه لبيان الموازنة العامة للدولة لعام 2017 على عدم الذهاب لوضع دراسات جديدة، والتركيز على إنفاذ توصيات الدراسات السابقة في كافة المجالات.

 

 

إنعاش الاقتصاد يقضي على الفقر

 

 

ويشير العزام "إلى عدم حاجتنا لدراسات حول الفقر، بينما نحن بحاجة لإنعاش الاقتصاد، وخلق فرص العمل".

 

 

ويؤكد سعي لجتني المالية والاقتصادية النيابيتين "لتعديل التشريعات اللازمة لدعم المستثمرين كمنحهم الجنسيات، وفرض الرقابة على أوجه الإنفاق الحكومي ومتابعة تقارير ديوان المحاسبة".

 

 

وقد أنجز المجلس السابع عشر قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، لكن القطاع الخاص بحاجة "للتحفيز" أكثر من قبل الحكومة للاستفادة من القانون، فيما يسعى المجلس الثامن عشر لتسهيل الإجراءات في المناطق التنموية والحرة.

 

 

وفي توجه الحكومة لسياسة "التشغيل وليس التوظيف"، يقول العزام إن "الرئيس الملقي أكد المضي بهذا التوجه وتنفيذ 362 مشروعا بكلفة 20 مليون دينار"، حيث تخصص الحكومة قرابة 80 مليون دينار لهذا العام لدعم مشاريع التشغيل، للقفز عن التزامها بالضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي للموظفين في أجهزة الدولة، كما تسعى الحكومة إلى الوصول إلى تأمين صحي شامل، يسهم بتخفيف معاناة الأسر التي تقبع تحت خط الفقر.

 

 

وكان بند النفقات على الإعفاءات الطبية كما جاء في الموازنة، حوالي 330 مليون دينار، فيما تم تخصيص 100 مليون فقط في موازنة العام الجاري لهذا البند، ولن تكفي وربما تصل لـ 250 مليون، يقول العزام.

 

 

التراخي الحكومي يصيب المجتمع المحلي

 

 

ويعتقد الخبير في دراسات الفقر محمد الجريبيع أن هناك حاجة لمراجعة جميع السياسات المتعلقة بمحاربة الفقر _ إن لم تخرج دراسة جديدة _ بما فيها  تعليمات صندوق المعونة الوطنية، ومراجعة موروثنا الاجتماعي في "الولائم وخيم الإطعام في المناسبات وشهر رمضان".

 

 

ويدعو الجريبيع إلى توجيه منظمات المجتمع المدني والمنفقين ولجان الصدقات، لتوفير مشاريع تدر دخلا على الأسر الفقيرة، تخرج بها من حالة الركود.

 

في ذات السياق، يؤكد الجربيع أنه لا توجد إمكانات لدراسة الفقر في المملكة لأي باحث أو جامعة أو مركز متخصص، وأن هذا الدور مناط بالحكومة التي تستطيع تجاوز المعيق المادي.

 

 

فيما تستعد دائرة الإحصاءات العامة لتنفيذ مسح دخل ونفقات الأسر الجديد خلال الربع الثاني من العام الحالي، بحيث يشمل الأردنيين وغير الأردنيين.

 

*  هذا التقرير يأتي ضمن مشروع "انسان" 

 

أضف تعليقك