رحلة الإصلاح الاقتصادي "الصعبة" تبدأ بموازنة "النسور"
"إن الاقتصاد الأردني ينتظر إصلاحات اقتصادية صعبة في المرحلة المقبلة يشترطها صندوق النقد الدولي للبدء ببرنامج إصلاحي جديد"، جاءت تصريحات وزير المالية عمر ملحس لتنذر الأردنيين برحلة اقتصادية "شاقة" بالتزامن مع بدء مجلس النواب مناقشاته لمشروع الموازنة العامة لعام 2016.
محللون اقتصاديون أجمعوا على خطورة الوضع الاقتصادي القائم في ظل ارتفاع المديونية وازدياد الإنفاق الحكومي، حيث يرى بعضهم أن المشكلة في المديونية، ليست بنسبتها إلى الناتج المحلي وليست بحجمها، وإنما باستخدامها في النفقات الجارية، لتصبح حسب وصفهم "مديونية ضائعة".
المحلل الاقتصادي حسام عايش عبر عن خطورة تصريحات وزير المالية والتي أكد خلالها أن "صندوق النقد اشترط على المملكة أن تخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ما دون الـ 70%، مع حلول العام 2021، الأمر الذي يصعب تحقيقه".
ويتوقع عايش أن تستمر الحكومة بالاستدانة، وأن الناتج المحلي الإجمالي لن ينمو بالشكل الذي يخفض نسبة المديونية، وهو ما أشار إليه ملحس في تصريحاته حول محاولات "إنعاش" الناتج المحلي.
ويرى عايش أن معدلات الإيرادات انخفضت، فيما ارتفع العجز في الموازنة بعد احتساب المنح منذ موازنة العام الماضي، مشيرا إلى أن الأردن يقف أمام معضلة اقتصادية خطيرة لاتحتاج لتغيير الأشخاص وإنما تغيير في عقلية إدارة الشأن الاقتصادي.
ومع انتقادات النواب المستمرة خلال الجلسات النيابية لموازنة الدولة الحالية، وبمرور أربع سنوات هي عمر هذا المجلس، قدمت فيها حكومة عبدالله النسور أربع موازنات، تحمل بجمعيها الأردنيون نتاج قرارات صعبة مست حياتهم بشكل كبير، عادت الحكومة بموازنة غير إصلاحية وغير تنموية، بحسب الكاتبة والمحللة الاقتصادية جمانة غنيمات.
وتوضح غنيمات أن هذه الموازنة لم تحقق آمال وطموحات الأردنيين بتنفيذ التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الموازنة بنيت بطريقة تقليدية ولم تختلف عن سابقاتها.
تقول غنيمات "لا تحمل الموازنة الكثير من النتائج الإيجابية تبعا لأرقامها ومؤشراتها، لن تكون الأحوال في نهاية 2016 أفضل من العام السابق، الملاحظ أن حجم الإنفاق وفقا لبند الإنفاق قد زاد".
وتؤكد غنيمات أن الموازنة لا تعكس الحديث الكثير عن الإصلاح المالي والاقتصادي الذي تتحدث عنه حكومة النسور، مضيفة أن "هذه هي رابع موازنة تمر على هذه الحكومة إلا أن المؤشرات لم تتحسن بشكل كبير.
وتقول غنيمات أن المديونية، وهي الأخطر برأيها، مؤشر خطير يتفاقم ويتفجر مع مرور الوقت ويتوقع أيضا أن يزيد في عام 2016 وحتى 2017، لأنه لا يوجد سياسة حقيقية لضبط الإنفاق.
وتشكك غنيمات بنفقات الرأسمالية المخصصة في الموازنة، والتي تؤكد فيها الحكومة تخصيص حوالي مليار و200 ملبون دينار للإنفاق الرأسمالي، موضحة أنه وبالتدقيق في الأرقام يتضح أن حوالي 500 مليون منها هي لمشاريع سابقة وأخرى تساويها بمشاريع مستمرة، أي أنه قد بدأ العمل فيها العام 2015، وهناك حوالي 285 مليونا لمشاريع جديدة، وبالتالي فإن حجم المشاريع الجديدة التي تريد الحكومة تمويلها للإنفاق الرأسمالي غير كاف لتحقيق معدلات النمو، لتخفف من وطأة الوضع الاقتصادي، وهو غير كاف أيضا لتوفير فرص عمل كافية لأعداد كبيرة من الأردنيين.
هذا وتثير الموازنة العامة للدولة تساؤلات الاقتصاديين حول تطبيق الإصلاح المالي الذي تحدثت عنه الحكومة ونتائج القرارات الاقتصادية الصعبة التي يتحملها المواطن مقابل ارتفاع تكاليف المعيشة وخفض الحكومة إنفاقها على الأردنيين .
إستمع الآن