خبراء: لا علاقة للفقر بتزايد حوادث الانتحار في الأردن
شهدت حالات الانتحار في الأردن خلال السنوات الخمس الأخيرة تزايداً ملحوظاً يستدعي الوقوف على هذه المشكلة واسبابها، والبحث في كيفية الحد منها.
خلال عام 2009 وصلت حوادث الانتحار إلى 34 حالة، فيما ارتفعت عام 2010 إلى 49 حالة، وتراجعت خلال عام 2011 إلى 39 حالة، لتعود وتسجل 100 حالة عام 2012، كما وصلت خلال عام 2013 إلى 108 حالات.
وسجل في الأردن خلال العام الماضي 100 حالة انتحار، وقع 36 منها في عمان، و16 في الزرقاء، و10 في البلقاء، و6 في مادبا، و4 في الرصيفة، و5 غرب البلقاء، و6 في إربد، و16 حالة غرب إربد والمفرق وجرش وعجلون، حيث وقعت 4 حالات في كل منطقة، وذلك وفقا لآخر تقارير إدارة المعلومات الجنائية في الأردن.
ويشاع في الأوساط الشعبية أن "أهم أسباب تزايد حالات الانتحار هي تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار وتفشي الفقر والبطالة"، إلاّ أن الخبير النفسي والتربوي الدكتور عاطف الشواشرة يفند ذلك.
الشواشرة يؤكد أن "سلوك الانتحار يعبر عن أزمة نفسية داخلية عميقة في الإنسان المقدم على إنهاء حياته، وبالتزامن مع العوامل الخارجية فإن هناك تغيرا في إفراز الهرمونات الكيميائية في الدماغ وحالات اليأس الشديد والخوف والقلق من المستقبل".
ويشير في حديثه لـ "عمان نت" إلى عدم وجود متغيرات حديثة فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية في الأردن يمكن من خلالها تفسير زيادة معدلات الانتحار.
وبحسب تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان، فإن غالبية المنتحرين الأردنيين من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18و 30 سنة، إذ بلغت 41 حالة مقارنة بـ 28 حالةً للفئات العمرية من 28 إلى 37، في حين أن الفئات العمرية أقل من 18 سنة بلغت 10 حالات انتحار، وقد بلغت حالات التلويح بالانتحار ومحاولات الانتحار الفاشلة في العام 2013، (504) حالات.
وتظهر الأرقام أن نحو 7% فقط من المنتحرين هم من دون عمل، ويتركز ثلث محاولات الانتحار في محافظة العاصمة، وتليها محافظات إربد والبلقاء والزرقاء، وتعتبر هذه الأرقام هي الحالات المبلغ عنها فقط.
زيادة حالات الانتحار لدى الشباب يعللها الشواشرة "بغياب الدعم النفسي والاجتماعي والأسري وضعف الخصائص الشخصية مثل القدرة على التعامل الإيجابي مع الضغوط وإدارتها والقدرة على حل المشكلات، بالرغم من وجود الشباب في مجتمع عشائري بالإضافة إلى التأثر باللاجئين، الذين يظن أن عددا منهم تعرض لضغوط ما بعد الصدمة خاصة بعد تعرضهم للتعذيب أو الاعتقال وفقدان الأهل في الحرب".
90% من حالات الانتحار تترافق مع أمراض نفسية
وتشدد الدكتورة عصمت حوسو أستاذة علم الاجتماع ومديرة مركز الجندر للدراسات الاجتماعية على أن 90% من حالات الانتحار تترافق مع أمراض نفسية، كالاكتئاب والإضراب الوجداني ثنائي القطب، ومرض الفصام العقلي.
فيما تصل نسبة المنتحرين من مرضى الإكتئاب إلى 20%، وما بين 15 – 20% بين مرضى الفصام العقلي، وعليه "ننطلق من قاعدة رئيسة وهي أنه لا يمكن أن يتم الانتحار إلاّ بوجود مرض نفسي جدي مشخص من قبل طبيب نفسي"، بحسب حوسو.
وما تبقى من 10% من حالات الانتحار تنقسم إلى (الانتحار الأناني، والانتحار الإيثاري، والانتحار اللآمعياري، وأخيرا القدري).
ويمكن خفض نسبة الانتحار أو "إذاء النفس" كما توضح حوسو من خلال زيادة التوعية والتثقيف النفسي، داعية لعدم تشويه العلاج النفسي الاجتماعي، وكسر ثقافة العيب في تلقي العلاج النفسي، وضرورة وجود قوانين تحمي الشخص المريض نفسيا وتؤدي إلى الخوف الرادع للمقدمين على إذاء أنفسهم.
عقوبة "علاجية"
وبحسب المحامي وسام الحوامدة فإن القانون الأردني يعاقب الشخص المحرض (المتدخل أو المتستر) على الانتحار، وقد تصل العقوبة إلى 3 سنوات إذا نجم عنها إيذاء أو عجز دائم للمنتحر.
ويفضل الحوامدة أن ينص القانون على عقوبة لمحاول الاإنتحار تكون محددة بإخضاعه لعلاج نفسي واجتماعي حتى التأكد التام من علاجه.
محذرا المواطنين من "النيل من كرامة المنتحر أو محاول الانتحار"، لأن ذلك قد يعرضهم للمساءلة القانونية استنادا لجرائم الذم والقدح والتحقير.
سلوك الإنتحار في الأردن .. الحل تثقيفي
Create your own infographics
إستمع الآن