حرية المعتقد في الأردن... حقوق منقوصة

حرية المعتقد في الأردن... حقوق منقوصة
الرابط المختصر

تقول أم نايف خلال مقابلة فريق دراسة أثر الانتماء الديني، إن زوجها المسيحي عندما اعتنق الإسلام تطلقت منه بسهولة لأن الدين المسيحي يبطل زواج المسيحية من مسلم، ولكن الأحوال المدنية رفضت إصدار دفتر عائلة لها ولأولادها حتى إتمام الـ18  من العمر ليكونوا مخيرين بين أمهم وأبيهم كل على دينه.

حالة أم نايف واحدة من عشرات الحالات التي تعرضت للتضييق، إما بسبب خيارات تتعلق بالمعتقد وتغيير الدين أو عدم الإيمان (لاديني) أو الزواج من أديان خرى، فقد لجأ أحد المواطنين في مخيم البقعة إلى لبنان بعد دخوله المسيحية قبل عدة أعوام.

ولا يتعبر الأردن من الدول المعقدة طائفيا كدول عربية أخرى، إذ يشكل المسلمون غالبية سكان المملكة، بينما يأتي الدين المسيحي في المرتبية الثانية، حيث يشير المعهد الملكي للدراسات الدينية إلى أن نسبة المواطنين المسيحيين في الأردن 4%  من مجموع السكان مقدرا عدد المسيحيين في الأردن بنحو  220ألفا.

وتظهر دراسة المعهد أن عدد المسيحيين في الأردن انخفض بعد أن كانو يشكلون 12% من مجموع السكان عام 1956 لأسباب اجتماعية وثقافية، وبسبب الهجرة إلى الخارج.

كما تضم الممكلة أديان صغيرة من حيث عدد المنتسبين لا يتم الاعتراف بها كالدين البهائي والدروز، بينما ينشط الأردن رسميا بالحد من انتشار المذهب الشيعي وما بات يعرف بـ"مكافحة التشيع"، حيث سمحت السلطات بإنشاء الهيئة الشعبية لمكافحة التشيع في الكرك، وتعهد رئيس الوزراء عبد الله النسور شخصيا من قلب مدينة الكرك بـ"مكافحة التشيع".

الدستور لا يقيد حرية الاعتقاد:

دستوريا، تنص المادة السادسة من الدستور الأردني على أن "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين".

إلا أن ناشطين في حقوق الإنسان يطالبون بتعديل التشريعات القانونية بما ينسجم مع الدستور والاتفاقيات الدولية حيث أنه لم يرد جزئية في نصوص الدستور الأردني  تخص حرية اعتناق الأديان أو تغيير الديانات.

دوليا  ينص البند الثامن عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على حق كل شخص في اختيار الفكر والضمير والتوجه والحزب والدين الذي يراه مناسبا له، وهو ما وقعّت عليه دول كثيرة في العالم من بينها الأردن.

يقول الخبير الدستوري د.ليث نصراوين إن الأردن صادق على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي أصبح نافذا  بعد نشره في الجريدة الرسمية.

ويضيف نصراوين بأن مكانة هذه الاتفاقية حسبما هو مستقر في قرارات محكمة التمييز الأردنية، أعلى من القانون من حيث التطبيق ولكنها أقل من الدستور، كغيرها من الاتفاقيات الدولية التي تتم المصادقة عليها، "وهو ما يعني أولوية الاتفاقية في حال تعارضت مع تطبيق القانون، وأولوية  الدستور إذا تعارضت مع الاتفاقية".

ويشير إلى أن نص الدستور الأردني واضح فيما يخص تطبيق الحريات الدينية وممارسة الشعائر الدينية بأن لا تخالف النظام العام في الأردن و الذي يحتكم للشريعة الإسلامية.

القانون يعاقب " المرتد":

ويظهر ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ برفع دعاوى الردة على معتنقي الأديان من المسلمين فجوة واضحة، بحسب الناشط الحقوقي عاكف المعايطة.

ويترتب على دعوى الردة تطليق الشخص من زوجته، إضافة إلى حرمانه من حقوق الميراث وانتزاع حضانة الأطفال.

فيما لا يوجد قانون أو تشريع يمنع المسيحي من التحول للإسلام، إلا أن الأعراف المجتمعية لدى طوائف مسيحية تعاقب من تحول لديانة أخرى إما بالمقاطعة المجتمعية أو الاعتداء والقتل في بعض الأحيان.

وحسب الناشط في ملف الأديان فليب مدانات يختلف التعاطي مع المسيحي الذي يبدل دينه من طائفة لأخرى، ويقول إن "بعض الطوائف تقوم بحرمانه كنسيا من حقوقه كمسيحي، إلا أن طوائف أخرى لا تبدي تشددا في هذا الموضوع".

طوائف غير معترف بها:

أما بالنسبة لحرية المعتقد في الطوائف الدينية الأخرى كالبهائيين والدروز، فقد أورد تقرير "أثر الانتماء الديني" أن دائرة الأحوال المدنية والجوازات لا تعترف رسميا بهذه الأديان ومدارسها أو أماكن العبادة لأبناء الطائفة.

وتسجل زيجات هذه الطوائف ومعاملاتهم الشخصية على أنهم مسلمين، فعلى سبيل المثال هنالك  نوعين من المقابر البهائية المعترف بها، ولكن تم تسجيل مقبرة منطقة العدسية البهائية باسم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، رغم طلب أبناء الديانة البهائية بتسجيلها في إطار العقيدة البهائية.

ومن مظاهر التمييز بالنسبة لأتباع العقيدة البهائية عدم تثبيت اسم الديانة على بطاقة الأحوال المدنية الشخصية ولا على السجلات، فالحكومة تعتبر البهائيين مسلمين، ويترك على الهوية الشخصية خانة الديانة فارغة، أو علامات مع شرطات.

بينما لا تعترف السطات الرسمية بدين الدروز، إلا أنها لا تحظر ممارسة أبناء الطائفة الدرزية لمعتقداتهم

 هذا ولم يسجل الأردن أي حالة اعتناق للدين اليهودي حتى هذه اللحظة.

"أثر الانتماء الديني":

ورد في دراسة لشبكة الإعلام المجتمعي تحت مسمى نحو مواطنة كاملة "أثر الانتماء الديني" عام 2012 مسلم اعتنق المسيحية ومتزوج من مسيحية  يقول "في يوم اقترحت زوجتي تغيير أن تحول ديانتها للإسلام كي تحمي الأولاد لأنها ستحرم من الميراث بعد وفاتي لأنها مسيحية  فهذا ليس عدل فهي أم اولادي كيف أحرمها من الميراث ... و لكني رفضت و سأحميهم بطريقتي سأسجل املاكي باسم زوجتي".

وتظهر النتائج مخالفة واضحة لقانون حقوق الإنسان الدولي بأن قانون الأحوال الشخصية يرتب في حالة اعتناق مسيحية للإسلام بطلان زواجها من زوجها المسيحي ويمكنها الزواج ثانية من شخص مسلم.

وجاء في قانون الأحوال المدنية أن أي مسلم يصدر قرار من المحكمة الشرعية بردته يعتبر محجور عليه وتسقط حقوقه لأنه "مرتد".

رجال دين..لا إكراه في الدين:

الباحث في القضايا الإسلامية الدكتور حمدي مراد يؤكد على حرية المعتقد الديني بشكل فـ"العقيدة هي الأمر الوحيد الذي لا يحاسب البشر عليه في الدنيا، وإنما حسابه في الآخرة".

ويضيف مراد بأن الأديان السماوية جاءت من أجل المحبة والسلام و التعاون على الخير وما خالف ذلك يعتبر خارجاً عن أمر الله بغض النظر عن الديانة، على حد تعبيره.

إلا أنه يشير إلى أن المسلم الذي يعتنق غير الإسلام يعتبر مرتداً بالاستناد إلى الشريعة الإسلامية.

وبلغ عدد حالات إشهار الإسلام 400 حالة  خلال عام 2012، بحسب الإحصائيات الصادرة عن المجلس القضائي الأردني.

المدير التنفيذي للمركز الأردني لبحوث التعايش الديني الأب نبيل حداد، يؤكد أن لكل إنسان الحق  في حرية المعتقد واختيار ديانته، لأنه "خلق ليكون صاحب خيار وإرادة حرة تنطبق على اختياره لمعتقده و دينه حيث  أنه "لا إكراه في الدين"، وهو الأمر الذي يتفق مع القيم التي دعا لها إعلان حقوق الإنسان".

حرية ممارسة الشعائر الدينية دون الإساءة للآخرين حق من حقوق الانسان وهو ما نص عليه الدستور الأردني، بحسب حداد.

شكاوى متعلقة بالحريات و الحقوق الدينية:

يبلغ عدد الشكاوى المتعلقة بالحريات والحقوق الدينية التي استقبلها المركز الوطني لحقوق الإنسان 11 شكوى منذ عام 2004 وحتى عام 2012، تنصب على مسألة تغيير الدين لمعالجة وضع اجتماعي ثم العودة إلى الديانة الأصلية، إضافة إلى مشاكل متعلقة  بحقوق الإرث والأطفال.

التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لحرية الاديان في الأردن عام 2008  يقول إن الدستور الأردني واﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ واﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎت واﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ لا تحظر اﻻرﺗﺪاد ﻋﻦ اﻹﺳﻼم أو ﺟﻬﻮد ﺗﺒﺸﻴﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﻢ ﻋﻦ دﻳﻨﻬﻢ، ﻏﻴﺮ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺤﻈﺮ اﻟﺘﺤﻮل ﻋﻦ اﻹﺳﻼم واﻋﺘﻨﺎق دﻳﻦ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺤﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎدة ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ وﺗﺒﻴﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺻﺮاﺣﺔ ودون ﺗﺤﻔﻆ اﻟﺘﺤﻮل ﻋﻦ دﻳﻦ ﺁﺧﺮ واﻋﺘﻨﺎق اﻹﺳﻼم.

وبحسب التقرير "ﻻ ﺗﻌﺘﺮف اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺄن اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻮﻟﻮا ﻋﻦ اﻹﺳﻼم أﻧﻬﻢ أﺻﺒﺤﻮا ﺧﺎﺿﻌﻴﻦ ﺗﺤﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﻃﺎﺋﻔﺘﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺣﻮال اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ؛ ﺑﻞ ﻳﺴﺘﻤﺮ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻤﺘﺤﻮﻟﻴﻦ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ، وﻃﺒﻘﺎً ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺘﺤﻮل ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ﻣﺮﺗﺪاً وﻳﺠﻮز ﺣﺮﻣﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻪ اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ إذا ﻣﺎ رﻓﻊ أي ﻓﺮد ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺷﻜﻮى ﺗﺘﻬﻢ اﻟﻤﺘﺤﻮل ﺑﺎﻟﺮدة".

أما في الصك الدولي الخاص بالإعلان العالمي للأمم المتحدة للقضاء على سائر أشكال التمييز على أساس الدين، فقد نص على وجوب كفالة معتنقي أي ديانة حق ممارستهم أي ديانة يعنتقوها وتتضمن حماية دور العبادة.

أضف تعليقك