حديث الرئيس و"الاطمئنان" الاقتصادي

حديث الرئيس و"الاطمئنان" الاقتصادي

أمضى الشارع الأردني عطلته يوم الجمعة، بمتابعة حديث رئيس الوزراء هاني الملقي خلال استضافته في برنامج "ستون دقيقة" على التلفزيون الأردني، الأمر الذي وجد صداه بين أعمدة الرأي في الصحف اليومية.

 

الكاتب نضال منصور، يرى أن حديث الملقي لم يحظ بعد بمناقشات واسعة، ولم تُقرأ تفاصيله، وإن كان محاولة لامتصاص غضب الشارع الهائج من قرارات رفع الأسعار والتفكير بفرض ضرائب على اتصالات الواتس أب والفايبر.

 

وأول ما استوقف منصور بحديث الرئيس، هو سعيه لتقليل حجم الأزمة الاقتصادية بالقول "الوضع الاقتصادي الذي نمر به حالياً ليس أصعب من الأوضاع الاقتصادية التي مررنا بها سابقاً، لافتاً إلى أن الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الأردن عام 1989 كانت أكبر بكثير مما نحن عليه اليوم".

 

ويتساءل الكاتب "إذا كان اقتصادنا متينا كما يقول دولة الرئيس فلماذا كل هذا النواح، والسعي بكل الطرق لفرض ضرائب جديدة على المواطنين؟".

 

ويؤكد منصور "نريد إصلاحاً اقتصادياً، ونريد اقتصاداً منتجاً ونريد معالجة البطالة المقنعة والتي تسبب فيها "نهج ريعي" مزمن.

 

و"ما يحيرني أن سرقة الملايين من المال العام لا تغضب كثيراً، ولا تستدعي إجراءات ملاحقة مشددة، وهناك أمثلة وشواهد".. فـ"ليتك يا دولة الرئيس تجيبنا عن أسئلتنا، ليتك تحاسب من كان السبب، ولا تقلق كثيراً على الأردن فالشعب يذود عنه ويحميه ويفديه بالروح!".

 

كما يتوقف الكاتب خالد الزبيدي أمام كلمات رئيس الوزراء، لاسيما حالة الاطمئنان التي رسمها الرئيس لحالة الاقتصاد ومسيرة الاصلاح الاقتصادي منذ ربع قرن وصولا إلى العام 2017.

 

"وبالعودة إلى أزمة نهاية ثمانينيات القرن الماضي فإن مستويات معيشة الأردنيين كانت افضل منها حاليا، بالرغم من الانكماش الاقتصادي في تلك الحقبة، إذ لم يكن لدينا اكثر من مليون وافد  غالبيتهم العظمى غير موفقين لأوضاعهم القانونية، والدين العام المسحوب كان قرابة 10 مليارات دولار تقريبا، ولم يكن لدينا نحو 63 مؤسسة مستقلة، وموازنة عامة للدولة تعادل 20% من موازنة 2017"، يقول الزبيدي.

 

أما الحديث عن استقرار سعر صرف الدينار فهو نظريا مستقر منذ العام 1995 عندما تم تثبيت سعر الصرف مع الدولار الأمريكي لأهداف اقتصادية وسياسية، أما عمليا فإن القيمة الشرائية للدينار تنخفض مع كل فرض ضريبة ورسوم مباشرة وغير مباشرة.

 

الكاتبة جمانة غنيمات، فتقول إن الحكومة بدأت تتحرك وفق خطة واضحة؛ بدلا من "الغزوة" المفاجئة التي كان أطلقها وزير المالية، قبل فترة، حيث تمثلت الخطوة الأولى ضمن الخطة المفترضة، بمقابلة رئيس الوزراء، والتي حاول خلالها تقديم تطمينات للناس بأن الأمور وإن كانت سيئة، فإن الوضع العام يظل غير خطر.

 

أما أداء الدور الآخر ضمن تنفيذ الخطة الحكومية، فبدا منوطاً بوزيري الإعلام د. محمد المومني، والمالية عمر ملحس؛ للحديث عن آلية اتخاذ قرارات رفع أسعار أي سلعة أو خدمة، والخطوات التي اتبعتها الحكومة في هذا الشأن.

 

لكن مخاطبة الوزيرين للرأي العام تعطلت بسبب الظروف الجوية. ولنأتي بعد ذلك إلى المؤتمر الصحفي الذي سيعقده وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاة، ويتم فيه الإعلان عن قوائم السلع التي لن تشملها زيادة نسب ضريبة المبيعات، حتى إشعار آخر.

 

والمهم للحكومة، بحسب غنيمات، هو أن تأخذ العظة عند إعداد الموازنة المقبلة للعام 2018؛ فتبدأ حواراً قبلياً مع القطاعات الاقتصادية، وليس حواراً مفروضا يأتي عقب إقرار الموازنة، مؤكدة أن على حكومة الملقي أن تتعهد ببدء الإصلاح الحقيقي، القائم على ضبط النفقات وليس العكس. وعليها أن تَعد الأردنيين بأن سياسات الجباية ستتوقف، بأن تأخذنا نحو اقتصاد منتج، فيكون للخزينة دخل من مصادر أخرى غير جيوب الأردنيين.

 

 

فيما يستذكر الكاتب طارق مصاروة من كلام الملقي أزمة 1989 الاقتصادية حين فقد الدينار نصف قيمته, وحين لم يكن في البنك المركزي قيمة استيرادنا من السكر بالعملة الصعبة.

 

ويضيف مصاروة بأن المرعوبين طوعاً وهواية يتصورون أن صعوبتنا الاقتصادية تهدد كياننا وحياتنا. رغم أن دينارنا قوي, واننا نملك قيمة ديون زادت عن سبعة وعشرين مليار دينار. ورغم معرفة الجميع بأن بلدنا محاصر من الشمال والشرق والغرب, وأن الذين من المفروض أن يكونوا معنا منشغلون عنا بمشاكلهم.

 

ومع استعراضه للمشهد الإقليمي الملتهب، يؤكد الكاتب أن بلدنا "عصي على جلاوزة القتلة والديكتاتوريين الذين يعيشون تحت جلدنا, وبيننا. وقد عشنا منذ اغتيال الشهيد مؤسس هذه المملكة العربية الى الان وسط ألغام ومؤامرات الاشقاء, والصهاينة الاعداء. وما سقطت شعرة من صمودنا وكرامتنا".

 

وبطريقته الساخرة، لن يسامح الكاتب صالح عربيات، نفسه لاعتذاره عن حضور أحد أعياد الميلاد يوم الجمعة لتزامنه مع مقابلة الملقي.

 

و"قبل مقابلة الملقي أغلب العائلات اندلعت فيها أعمال شغب ومظاهرات وقد أسماها البعض (جمعة الغضب)، فقد تزامن موعد الحلقة مع موعد برنامج (أراب أيدول)، وكان الرأي السائد بأن نحضر (أراب أيدول)، فعلى الأقل المشتركون في كل حلقة يقدمون ماهو جديد، بينما الرئيس لن يقدم لنا إلا أغنية واحدة لا يحفظ غيرها رؤساء الوزارات وتخاطب دائما جيوب المواطنين (أنساك يا سلام، أهو دا اللي مش ممكن أبدا أبدا)!"

 

ويضيف الكاتب "بالفعل لم ينسني الرئيس، وعاد ليتحدث عن رفع الأسعار كالمعتاد، مع التأكيد أن الرفع لن يطال السردين والبلابيف والبقوليات! علما أن الحكومة الأردنية لو رفعت أسعار السردين لن يشعر برفعها الشعب الأردني، بينما لو رفعت أسعار الزنجر سيشعر برفعها كل أبناء الشعب الأردني!"

 

ويرجع عربيات فشل السياسات الاقتصادية الحكومية التي زادت من معاناة الناس، إلى أن الحكومة تتعامل مع أرقام لا مع وقائع، وماتزال تعتقد أن الشعب الأردني وجبته الرئيسية (الرشوف)، علما أن (الكفتة) حين تشتهيها العائلة الأردنية أصبحت تقدم بثلاثة أصناف!.

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول "أتعجب من حكومة تراهن على وعي الشعب وثقافته وعلمه وتطوره في بناء الأردن الحديث، وهي ماتزال تراه شعبا لا يستحق إلا دعم (السردين)!"

أضف تعليقك