لماذا تُستبعد النساء بـ"الصناديق الداخلية للعشائر"؟

الرابط المختصر

تشهد الانتخابات العشائرية في الأردن، والتي تُعرف أيضاً بـ"صناديق العشائر الداخلية"، استبعاداً ممنهجاً للنساء من حق الترشح والتصويت لاختيار من يمثلهن.
 

وعلى الرغم من بعض المبادرات التي شهدت مشاركة نسائية محدودة بالتصويت والترشح في بعض العشائر، فإن هذه الممارسة لا تزال خجولة في غالبية المجتمعات العشائرية الأردنية.
 

وبالعودة تاريخياً إلى الانتخابات العشائرية السابقة، نجد حالات نادرة شاركت فيها النساء في الانتخابات الداخلية للعشائر، فعلى سبيل المثال عشيرة الروسان في منطقة سما الروسان، وعشيرة البطاينة في محافظة إربد، وتجمع عشائر الشيشان في منطقة صويلح.
 

يرجع هذا الاستبعاد إلى التقاليد والقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع الأردني، والتي تضع المرأة في دور ثانوي وتحد من مشاركتها في الشأن العام. ففي الكثير من العشائر، يُنظر إلى الرجل على أنه القائد والمسؤول عن اتخاذ القرارات وتُحصر المرأة في أدوار معينة.
 

وعلى هذا، يُطالب ناشطون وحقوقيون بتغيير هذه الممارسات من خلال تعزيز الوعي بأهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية، وتشجيع العشائر على تبني ممارسات أكثر شمولية وعدالة تشارك المرأة في التصويت والترشح في الصناديق الداخلية للعشائر.

كما يرون في حديثهم لـ"عمان نت" أن على الدولة والمؤسسات المعنية بالانتخابات دوراً مهماً في ضمان حق المرأة في التصويت وتوفير بيئة مناسبة لمشاركتها السياسية.

العين طلال الماضي يقول في تصريح لـ"عمان نت" إن بعض العشائر في الأردن قد نجحت في إجراء انتخابات داخلية لاختيار مرشحيها، بما في ذلك اختيار الكوتا النسائية.

ويوضح أن التوافقات العشائرية، التي تقوم على مبدأ "درء المفسدة أولى من جلب المنفعة"، هي سائدة في معظم المناطق، وتهدف إلى تجنب الاحتكاكات الداخلية والحفاظ على العلاقة الاجتماعية، ومع ذلك فإن هذه التوافقات قد تُشكل تحدياً للمشاركة السياسية العادلة، وبخاصة أنها تتجاهل معايير الكفاءة أحياناً.

ويرى أن قانون الانتخاب الجديد يُسهم في زيادة مشاركة المرأة، من خلال الانتقال إلى نظام القوائم الوطنية، الأمر الذي سيعزز من مبدأ التنافسية وسيمنح الفرصة لمرشحين أكفاء بما فيهم النساء.

ويلفت الماضي إلى أن قانون الانتخاب الجديد يضمن حصول المرأة على تمثيل عادل في البرلمان، من خلال إلزام القوائم بتخصيص نسبة معينة من المقاعد للنساء، وهذا بدوره سيُسهم في تمكين المرأة سياسياً.

فيما، تقول المدير العام لمؤسسة شابات لتمكين المرأة سياسياً منال كشت لـ"عمان نت" إن النظام العشائري له دوراً محورياً في الحياة السياسية والاجتماعية، وغالباً ما يُقصي النساء في عملية اختيار مرشح العشيرة، وبالتالي تواجه النساء تحديات في السعي نحو المشاركة الفاعلة في الحياة العامة.

وتوضح أن بعض العشائر الأردنية تنظر إلى الرجال على أنهم القادة والمسؤولون عن الشؤون العامة، وتُحصر أدوار النساء في المهام المنزلية ورعاية الأسرة، وهذا التوزيع التقليدي للأدوار يُعزز من فكرة أن القيادة واتخاذ القرارات هي من اختصاص الرجال فقط، مما يحد من فرص النساء بالمشاركة السياسية.

وتشير إلى أنه على الرغم من أن بعض السيدات اللواتي تم اختيارهن كمرشح عشيرة فقد تبقى هذه الممارسات محدودة، ولا نطالب أن تتولى المرأة المناصب على حساب الرجل، بل باختيار الأكثر كفاءة بينهما لتحقيق الشمولية والعدالة.

وتلفت إلى أن التمثيل المحدود للنساء في المناصب القيادية داخل العشائر الأردنية يُسهم بتهميشهن، وغالباً يشغل الرجال المناصب ويقومون باتخاذ القرارات المتعلقة بترشيح ودعم المرشحين، وتوضع النساء بموقف المتفرج بدلاً من المشارك.

وترى أن هناك حاجة مُلحّة لتعزيز الوعي بأهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية، ويمكن أن تكون برامج التعليم والتثقيف لها دوراً حاسماً في تغيير النظرة التقليدية نحو أدوار النساء، بالإضافة إلى تشجيع العشائر على تبني ممارسات أكثر شمولية وعدالة تتيح للنساء المشاركة الفاعلة في عملية اختيار مرشحي العشيرة.
 

بينما، تقول الناشطة في حقوق المرأة ومنسقة عدد من المبادرات السياسية لينا حدّاد لـ"عمان نت" إن مشاركة المرأة السياسية لا تتجزأ عن مشاركتها في الحياة العامة، والصورة النمطية والممارسات السلبية التي تواجهها المرأة ما زالت موجودة.
 

وتوضح أن هذه الممارسات والصورة النمطية تعتبر المرأة ليست خيار أول للمشاركة السياسية، وبالتالي عدم اقتناع المجتمع بأن المرأة جزءاً مهماً، وتستطيع المشاركة في كافة الأصعدة هو أحد العوائق التي تحد من مشاركتها في التصويت بالانتخابات الداخلية للعشائر.

وتلفت إلى أن بعض العشائر خطَت خطوات جيّدة ورائدة في ترشح النساء داخل صناديق العشائر وفازت بالتنافس وهو تقدم محرز، وفي الوقت ذاته لا يعتد بصوتها داخل الانتخابات الداخلية لغالبية العشائر رغم أنها كمواطنة لها الحق بالتصويت والترشح.

وتعتبر حدّاد بأنه نوع من أنواع التمييز الواضح والممنهج ضد النساء، وعلى الجميع العمل لتُشارك المرأة بشكل رسمي في الانتخابات الداخلية، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة في التصويت بشكل لائق، والمرأة ذاتها عليها أن تدافع عن حقها في التصويت وتضغط تجاه كسب هذه القضية وأهمية صوتها داخل الصناديق العشائرية.

ويظل استبعاد النساء من الانتخابات العشائرية في الأردن تحدياً كبيراً يواجه مسيرة تمكين المرأة. وعلى الرغم من بعض التقدم المحرز، إلا أن هناك حاجة إلى جهود مستمرة لتغيير النظرة المجتمعية إلى دور المرأة وتمكينها من المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية.

فيما تعقد الآمال على أن يضمن قانون الانتخاب الجديد حصول المرأة على تمثيل عادل في البرلمان، من خلال إلزام القوائم بتخصيص نسبة معينة من المقاعد للنساء، والذي بدوره سيُسهم في تمكين المرأة سياسياً.
 

وفي السياق ذاته، كان قد صرّح وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، المهندس حديثة الخريشه بأن الانتخابات النيابية القادمة ستكون فرصة غير مسبوقة للمرأة الأردنية لزيادة نسبة تمثيلها تحت قبة البرلمان.
 

ويقول الخريشه إنه ولأول مرة يُخصص قانون الانتخاب 18 مقعداً للمرأة على نظام الكوتا، علاوة على أنه يُلزم الأحزاب بتخصيص مقعدين على الأقل للمرأة من ضمن المقاعد الستة الأولى في قوائمها التي ستخوض بها الانتخابات البرلمانية المقبلة.

 

ومن المتوقع في ضوء الحسابات الموضوعية أن يصل عدد المقاعد النيابية التي ستشغلها الأردنيات في البرلمان القادم لأكثر من 20 بالمئة.