تربيون : البيئة التعليمية الطاردة تساهم بالتسرب المدرسي .. والتربية تصفها بغير المقلقة

الرابط المختصر

لا تزال ظاهرة تسرب الطلبة من المدارس تشكل قلقا كبيرا لدى خبراء تربويين لما لها من تبعات سلبية على الفرد والمجتمع، وسط مطالبات بضرورة إعادة النظر في المناهج التقليدية لجعل البيئة المدرسية أكثر جاذبية بالإضافة إلى تعزيز دور المرشدين التربويين في المدارس لدراسة حالات التسرب والحد منها.

بيانات دائرة الإحصاءات العامة، تشير إلى أن عدد المتسربين في المدارس وصل بنهاية العام الماضي، إلى 10.372 متسربا، معظمهم من الذكور بالصف العاشر الأساسي. 

وبحسب البيانات بلغ عدد المتسربين للصف العاشر الأساسي 2008 متسربين 1217 من الذكور، 791 من الإناث، وللصف التاسع الأساسي 1874 متسربا "1123 من الذكور 751 من الإناث، وأقل عدد من المتسربين خلال العام الماضي، هم ضمن صفوف طلبة الأول الابتدائي وبعدد بلغ 543 طالبا وطالبة. 

يعرف تربيون التسرب المدرسي بأنه انقطاع الطالب أو الطالبة عن الدراسة لمدة عام دراسي فأكثر، ومنهم من يعرفه بأنه انقطاع الطلبة عن المدرسة دون إكمال المرحلة الأساسية، التي تعتبر إلزامية.

مديرة مركز الملكة رانيا العبدالله للدراسات التربوية والنفسية في جامعة مؤتة أستاذ دكتور وجدان الكركي  تصف ظاهرة التسرب المدرسي بـ المقلقة في مجتمعنا، رغم انخفاضها مقارنة بالأعوام الماضية، وذلك لها من انعكاسات على مستقبل الطلبة والمجتمع.

بينما ذكرت وزارة التربية والتعليم في تصريحات سابقة أن نسب التسرب المدرسي في المملكة منخفضة جدا ولا يمكن تسميتها بالظاهرة مقارنة بالنسب العالمية، موضحة أن الفرق بين نسب الذكور والاناث ليست ذات دلالة احصائية، وبالتالي لا تشكل مصدر قلق كبير، كون نسب الالتحاق بالتعليم النظامي مرتفعة جدا.

 

لماذا طلبة الصف العاشر؟

ترى الكركي أن ارتفاع نسبة التسرب بين الذكور في الصف العاشر يعود إلى بداية سن المراهقة، حيث يسعى الشباب في هذه المرحلة إلى تحقيق هويتهم واستقلاليتهم وإثبات ذاتهم، إذا لم يجدوا هذه الفرص في المدرسة من خلال التعليم المنهجي أو اللا منهجي، فقد يلجأون إلى طرق سلبية مثل التسرب من المدرسة لإثبات ذاتهم.

وتوضح الكركي أن الصف العاشر يكون خلال فترة المراهقة التي تتميز بزيادة الطاقات البدنية والغرائز، لا يمكن ضبط الطلاب فقط من خلال المناهج التقليدية، بل يجب توفير الأنشطة المنهجية والرحلات والمبادرات التي تفتقر إليها العديد من المدارس. التعليم التقليدي المحدود لا يساعد في تحقيق هوية الطلاب.

كما  أن الطالب الذي لا ينجز مهامه الدراسية كما هو مطلوب ولديه ضعف في تحصيله الدراسي، قد يلجأ إلى التسرب للبحث عن نشاط آخر يبرز فيه شخصيته بحسب الكركي.

تشير الكركي إلى أن سن القيادة يبدأ من عمر 16، وأن هناك شبابا لديهم طاقات عظيمة ويتمردون على الواقع بوجهة نظر تحترم ورؤية مستقبلية مختلفة، لذا، يجب أخذ آرائهم بعين الاعتبار في كيفية تضمين المناهج الدراسية، في ظل انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي يلجأ إليها الطلاب للبحث عن أسئلتهم وقراءة ما يرغبون، لا تزال المناهج الدراسية التقليدية والكثيفة تساهم في رفض الشباب لها والنفور من البيئة الدراسية.

 

 

التسرب بين الذكور أكثر من الإناث

في دراسة أجريت لمؤسسة "تويست سكوب- الأردن" تشير إلى أن الأزمات التي حدثت وموجات اللجوء أدت إلى ازدياد هذه الظاهرة، موضحا أن نسبة التسرب السنوي تقدر بـ 3 % للإناث و4 % للذكور . 

وتقدر الدراسة إلى أن الفقر والوضع الاقتصادي ونسبة البطالة في أي من بلدان العالم من العوامل التي تحكم ازدياد معدلات التسرب من المدارس، إذ تعد عمالة الأطفال سببا رئيسا للتسرب من المدارس إضافة إلى الزواج المبكر.

وتوضح الأرقام الأخيرة لدائرة الاحصاءات العامة بأن نسبة التسرب بين الذكور أعلى منها بين الإناث، الأمر الذي يرجعه خبراء تربويون إلى الطبيعة البيولوجية للإناث والعديد من العوامل الإضافية . 

وتؤكد الكركي أن الفروقات بين الجنسين تلعب دورا في هذه الظاهرة،  حيث تميل الإناث إلى الطاعة بحكم التربية ، ويتمتعن بالهدوء أكثر من الذكور، كما ان الذكور، بينما يتميز الذكور بالجرأة والمبادرة، وهو ما يعززه المجتمع والأسرة لديهم. 

 

إجراءات وقائية

تلعب الأسرة دورا هاما في الحد من نسب التسرب المدرسي ، بحسب الخبير في مجال حماية الأطفال والأسرة الدكتور سيد عادل الرطروط، موضحا أنه  يجب أن يكون هناك توعية من خلال القدرة على التواصل مع الأبناء، ومناقشة مشاكلهم الأكاديمية والنفسية، وتعزيز أهمية التعليم لديهم، كمايجب على الأسرة التواصل المستمر مع إدارة المدرسة لمتابعة أداء أبنائهم ومواجهة التسرب بحكمة.

أما بالنسبة للبيئة المدرسية، يرى الرطروط أنه يجب متابعة الحضور الطالب في وقت الحضور والمغادرة، وإبلاغ الأهل في حال تغيب الطالب عن المدرسة من خلال التطبيقات الحديثة، و يجب أيضا دراسة كل حالة تسرب لفهم الأسباب التي تدفع الطالب لذلك، وتعزيز دور الإرشاد النفسي في المدارس، مشيرا الرطروط إلى أن حوالي 20% فقط من المدارس لديها مرشدون تربويون.

من ضمن تعليمات وزارة التربية والتعليم فإن المدارس تقوم يوميا برصد غياب الطلبة عبر مربي الصفوف ورقيا وإلكترونيا، ومن هنا تتم معرفة الطلبة الذين سجلوا في المدارس لكنهم انقطعوا عن الدوام المدرسي.

كما تتضمن التعليمات أن كل من هو ضمن عمره الزمني يتمكن من العودة للدراسة النظامية على مقاعد الدراسة وبالصف الذي يستحقه بحيث يلتحق بالصف الجديد بعد أن يثبت إنهاءه الصف السابق بنجاح وضمن الفترة المسموح بها بالدراسة المنزلية.

أما إذا كان الطالب ضمن الأعمار الصغيرة فيجري إلحاقه بالبرنامج الاستدراكي حيث يتم دمج كل سنتين بسنة لتقليل الفجوة الزمنية بينه وبين أقرانه وإذا ما طابق عمره في هذه المرحلة الطلاب النظاميين فيحول للدراسة كطالب نظامي ضمن المدارس النظامية في أي مدرسة يجدها مناسبة، مشيرا إلى توفر مدرسة وحيدة تقع منطقة الوحدات لهذا الغرض.

تظهر خطة الوزارة الموضوعة للحد من التسرب المدرسي أسلوبين للتعامل مع هذه الظاهرة، الأول وقائي ويتضمن مجموعة من التدابير والإجراءات الوقائية، والثاني علاجي يهدف للحد من المشكلة من خلال تنفيذ العديد من برامج التعليم غير النظامي.

بحسب بيانات الاحصاءات العامة، يبلغ عدد المدارس المنتشرة في المملكة، الحكومية 4062 مدرسة تضم 60.464 شعبة مدرسة، يدرس فيها 1.6 مليون طالب وطالبة، أما عدد المعلمين في المدارس الحكومية فوصل بنهاية العام الماضي، 96.288 معلم ومعلمة، وعدد مدرسي التعليم الخاص 42.86 ألف معلم ومعلمة.