المسرح الأردني والشباب: بين الأحلام والتحديات

الرابط المختصر

في عالم الفنّ، كثيرًا ما تتداخل أحلام الطموح مع تحديات الواقع، حسام، الشاب الموهوب الذي كرّس سنوات من عمره لخشبة المسرح، وجد نفسه مؤخرًا أمام منعطف حاسم في مسيرته المهنية، بقدر ما كان شغفه بالمسرح عميقًا، بقدر ما كانت الصعوبات المالية والتحديات العملية تزداد، لم يكن أمامه سوى خيار واحد، البحث عن وظيفة تقليدية تؤمّن له الاستقرار المادي، الآن؛ يعيش حسام محاولة مستمرة لتحقيق التوازن بين عمله النهاري ومسيرته الفنية، مسعى يجسد الصراع الأزلي بين الفن والواقع.

 

الشغف المسرحي: البداية والتحول

حسام يونس، شاب أردني يبلغ من العمر 28 عامًا، خريج هندسة كهربائية من جامعة البلقاء التطبيقية، على الرغم من دراسته للهندسة، إلا أن شغفه الحقيقي كان في المسرح. يقول حسام: "بالرغم أنني درست الهندسة الكهربائية، إلا أنني لم أجد نفسي في مكان غير المسرح. كنت أرغب في إنهاء دراسة الهندسة وتجربة شيء جديد، شعرت أن التمثيل هو المجال الذي يمكنني من خلاله تجربة أشياء متعددة في مكان واحد عبر الشخصيات المختلفة التي يمكنني تجسيدها." هذه الكلمات تعبر عن شغف حسام وحبه للمسرح، وهو شغف دفعه للتخلي عن مسار تقليدي وآمن من أجل متابعة حلمه الفني.

أهمية المسرح في حياة حسام

من خلال تجاربه المتعددة على خشبة المسرح، أدرك حسام القوة الهائلة التي يمتلكها المسرح في التأثير على الناس ونقل الرسائل الهامة. يقول: "أحب كيفية تعبير المسرح عن الناس، وكيف يمكن أن يجعلهم يضحكون أو يبكون ويتفاعلون مع ما أقوله أو أفعله، وهو ما يعبر عن واقعهم." المسرح بالنسبة لحسام ليس مجرد وسيلة ترفيهية، بل هو أداة قوية يمكنها تغيير المجتمع وتوعية الجمهور بالقضايا الهامة. المسرح يمثل فرصة للتفاعل المباشر مع الجمهور والتأثير فيهم بطريقة لا تستطيع وسائل الإعلام الأخرى تحقيقها بحسب ما قاله حسام.

التحديات والمشاكل التي تواجه المسرحيين الشباب

على الرغم من الشغف الكبير، إلا أن حسام واجه العديد من التحديات والعوائق في مسيرته الفنية، واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها هي نقص الموارد المالية والدعم اللوجستي، يوضّح حسام لعمان.نت قائلاً: "العمل التقليدي هو مصدر الدعم الوحيد للفنان، وبطبيعة الحال يأخذ كل وقتك، فتجد نفسك إما فناناً لا يمارس الفن، ولكنه يمتلك المال، أو فناناً يمتلك المال، ولكنه لا يمتلك الوقت لتقديم عمله." هذه الكلمات تعكس التحدي الكبير الذي يواجهه الفنانون في محاولة موازنة بين العمل التقليدي والتمثيل المسرحي. العمل التقليدي يأخذ وقتهم وطاقتهم، مما يجعل من الصعب عليهم التفرغ للفن وتقديم عروض مسرحية متكاملة.

حسام يشير أيضًا إلى أن هناك حاجة إلى دعم مادي أكبر من الجهات الرسمية والخاصة لتمكين الفنانين من تقديم أعمال متكاملة. يقول: "الحلول بسيطة: اهتمام أكبر بالفن، ملاحظة قدرة الفن على التغيير، الدعم المادي واللوجستي للشباب عبر الدراسة والدورات والورشات والمنح والشراكات الفنية مع المسارح الأخرى." فبحسب حسام أن توفير الدعم المادي واللوجستي يمكن أن يسهم بشكل كبير في تطوير الفن المسرحي في الأردن وتمكين الفنانين الشباب من تحقيق طموحاتهم الفنية.

دور وزارة الثقافة في دعم المسرح الأردني

في ضوء هذه التحديات، تم إقرار الموازنة العامة لوزارة الثقافة والتي بلغت 11 مليون دينار أردني سيتم تخصيص جزء منها للمسرح مما يعني أنه التكلفة لن تكون كبيرة لتغطية المشاريع الثقافية المسرحية ودعمها بشكل شامل ومنصف، بالرغم من المحاولات المستمرة إلى رفع الدور الثقافي الأردن عن طريق المهرجانات والشراكات الحيوة مع الدول الأخرى إلا أنه ما زال الطريق طويل، وزيرة الثقافة الأردنية، د. هيفاء النجار، صرحت بأن "المسرح الأردني يمرّ بمرحلة صعبة، ونعمل على معالجة التحديات التي تواجهه من خلال زيادة الدعم المالي وتطوير البنية التحتية للمسارح وتشجيع الإنتاج المسرحي." هذا التصريح يعكس إدراك الوزارة للتحديات التي تواجه المسرح في الأردن ومحاولتها تقديم الحلول المناسبة.

الصعوبات

من جانبه، يعبر الفنان الأردني جميل براهمة بحديث لعمان.نت عن رأيه في الصعوبات التي تواجه الشباب في مجال المسرح، قائلاً: "الصعوبات التي تواجه الشباب هي نفسها التي تواجه المحترف القديم، كلها تتمحور حول إهمال الدولة والحكومات للجانب الفني والثقافي في الأردن، على عكس باقي الدول العربية التي تدعم الفن وتفهم دوره الحقيقي في الارتقاء بالبلد وتسويق تاريخه وإرثه وحضارته وسياحته وإنجازاته وهويته الوطنية." جميل براهمة، الذي يعتبر أحد أبرز الفنانين في الأردن، يسلط الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه الفنانين في المملكة، مشيراً إلى أن الدعم الحكومي والثقافي ما زال غير كافٍ لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم.

الطموحات والتطلعات المستقبلية

على الرغم من التحديات، يبقى الأمل والتفاؤل قائمان بين الفنانين الأردنيين. يقول حسام: "المسرح إدمان؛ وهو شيء مؤكد سأظل أمارسه، لكن يبقى السؤال في ظل الظروف الحالية، ماذا سيتغير؟ هل ستختفي حالة الشك التي يصل إليها كل فنان شاب أردني؟ كشاب أخاف أن يسرقني العمر بين العمل التقليدي وألا أكون الفنان الذي أحلم بأن أكونه وأوصل رسالتي وعملي وهدفي للعالم." حسام يعبر عن خوفه من ضياع حلمه الفني في خضم التحديات اليومية، ولكنه يبقى مصممًا على متابعة شغفه وتحقيق أهدافه.

يشير حسام إلى أن الحلول بسيطة، ولكنها فعالة، قائلًا: "دعونا نخلق سوقًا خاصة بنا ليظهر الشاب الأردني قدراته الكاملة وما يمكنه تحقيقه، فلدينا قدرات رهيبة ونحتاج فقط إلى الدعم المناسب." حسام يعبر عن تفاؤله بأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل إذا تم توفير الدعم اللازم للفنانين الشباب وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم الفنية.

في الختام؛ يتضح أن المسرح الأردني يمر بمرحلة حرجة تحتاج إلى دعم كبير من الجهات الرسمية والخاصة. قصة حسام تعكس التحديات والطموحات التي يعيشها الفنانون الشباب في الأردن، وتؤكد على أهمية توفير الدعم اللازم لهم لتحقيق أحلامهم الفنية. بحسب حسام، يبقى الأمل قائماً بأن يجد الفن المسرحي الدعم اللازم لتحقيق رؤيته وأهدافه في المستقبل، وأن يتمكن الفنانون من تقديم أعمال تعبر عن ثقافة وهوية المجتمع الأردني بشكل كامل ومتكامل.