تعديلات "العقوبات" تثير المخاوف حول منظمي الاحتجاجات

تعديلات "العقوبات" تثير المخاوف حول منظمي الاحتجاجات
الرابط المختصر

"سيزج بالشعب الأردني في السجون إذا طبق هذا القانون"، عبارة وصف بها النائب صالح العرموطي تبعات إقرار مسودة قانون العقوبات، إذا مر عبر قنواته الدستورية بالشكل الذي أحالته الحكومة إلى مجلس النواب.

 

مواد جدلية عديدة في مسودة قانون العقوبات فتحت نقاشاً ساخناً بعد أن أحيل إلى اللجنة القانونية النيابية، مسودة القانون رفعت عددا من الغرامات على العقوبات بشكل مضاعف وهو ما انتقده العرموطي بقوله "يبدو أنهم استعانوا بسياسات الصندوق النقد الدولي وأصبح قانون جباية، فتم رفع مقدار العقوبات إلى 20- 30 عاماً، ورفع الغرامات من دينارين إلى عشرة دنانير".

 

تضمن القانون مادة أثارت القلق والاحتجاج بين ناشطين ومؤسسات مجتمع مدني فيما يتعلق بمنظمي الاعتصامات والاحتجاجات، حيث فرضت عقوبة على كل من يعيق تقديم الخدمات العامة التي من شأنها تهديد الأمن الوطني أو السلامة العامة في المملكة.

 

ويصف العرموطي التعديل بقوله "هو اعتداء على الحريات؛ فأصبح يترتب على الاعتصامات والمسيرات التي تنظم في البلد مساءلة قانونية وتغليظ للعقوبات ما يتعارض مع المادتين (7) و (15) من حرية الرأي والتعبير".

 

الخوف من المادة (78) من مسودة قانون العقوبات يأتي في سياق التخوف من تفسير وتطبيق نص المادة على أرض الواقع؛ حيث تؤكد النائب وفاء بني مصطفى أن المادة تتضمن عدة مصطلحات فضفاضة مثل (تهديد الأمن الوطني أو السلامة العامة).

 

"المقترح الذي كان في بداية نص المادة هو الامتناع عن تقديم الخدمات العامة، ثم تم تعديله إلى كل من أقدم على إعاقة تقديم الخدمات العامة، وبالتالي تفسير "الإعاقة" لا يجب أن يخل بالحق الدستوري بتنفيذ المسيرات والاعتصامات العمالية" وفاء بني مصطفى.

 

وتؤكد بني مصطفى أن الأصل في المادة (78) أنها لا تنطبق على المسيرات والاعتصامات التي تنظم في وسط البلد، نظراً لوجود شرطين في المادة يتمثلان ب (إعاقة تقديم الخدمات العامة التي من شأنها تهديد الأمن الوطني أو السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة، وكل من يعرض نفسه أو غيره للخطر في الأحوال المذكورة.).

 

"لكن لا نعلم إلا بعد التطبيق، وباعتقادي النص واضح وما يخيف هو الاجتهادات على النص" تقول بني مصطفى .

 

بدوره قال رئيس اتحاد النقابات العمالية المُستقلة عزام الصمادي إن الحكومة دفعت بقانون العقوبات الجديد بما تضمنه من زيادة لتقييد حرية الحراك الاحتجاجي بشكل مقونن، وذلك بفرض الغرامات المالية والعقوبة بالحبس لكل من يرفع صوته لقضايا عمالية مطلبية.

 

مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض أكد أن المقترحات الحكومية على قانون العقوبات تجرّم الموظفين والعمال في القطاعين العام والخاص الذين يمارسون حقهم في الإضراب في العديد من القطاعات الاقتصادية بالغرامات المالية والسجن.

 

"كنا نتوقع تعديل المنظومة التشريعية الناظمة للحق في العمل، والحقوق المرتبطة به، مثل: الحق في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية باتجاه مزيد من الفاعلية، بهدف تجاوز الاختلالات الكبيرة التي تعاني منها علاقات العمل -أهم العلاقات الاجتماعية- ومن شأنها تهديد الأمن الاجتماعي والسياسي" يقول عوض.

 

ويؤكد عوض أن "المعروف حقوقياً، أن “الإضراب” أحد الحقوق الإنسانية ذات الطبيعة المزدوجة، والمنصوص عليها في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو من الحقوق الفورية التنفيذ. ويعتبر الإضراب بمختلف أشكاله جزءاً أساسياً من الحق في التجمع السلمي المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو كذلك شكل من أشكال حرية التعبير عن الرأي المكفول في العهد ذاته".

 

ووفقاً لتعديلات الحكومة على مسودة قانون العقوبات؛ فإن المادة (78) تنص على أنه: "تعدل المادة (474) من القانون الأصلي على النحو التالي: ثانياً: باعتبار ما ورد فيها الفقرة (2) منها وإضافة الفقرة (1) إليها بالنص التالي: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ديناراً ولا تزيد على مائتي دينار كل من أقدم على إعاقة تقديم الخدمات العامة التي من شأنها تهديد الأمن الوطني أو السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة، وكل من يعرض نفسه أو غيره للخطر في الأحوال المذكورة."

 

هذا وتنص المادة (7) من الدستور الأردني على: "1- الحرية الشخصية مصونة، 2- كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون".

 

كما وتنص المادة (15) في البند (1) على :"تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون".

 

* هذا التقرير يأتي ضمن مشروع "إنسان".