تداعيات عملية الكرك مادة خصبة لكتاب المقالات

تداعيات عملية الكرك مادة خصبة لكتاب المقالات

تتجاوز تداعيات أحداث الكرك حيّز الأمن والعلاقة بين الدولة وتنظيم "داعش" وأنصاره في الأردن، إلى ما هو أهم من ذلك بكثير –في ظني- ويتمثل في مفهوم العلاقة بين الدولة والمواطن وقيمها! كما يرى الكاتب محمد أبو رمان في مقال له بصحيفة الغد.

 

 

يرى أبو رمان انه "إذا تجاوزنا مؤشرين إيجابيين ومهمين؛ الأول، هو المزاج الشعبي العام المعادي لـ"داعش"؛ والثاني، "فزعة" المواطنين مع الأمن لمواجهة "الخلية الإرهابية"، فإنّ هناك مؤشرات ودلالات برزت بوضوح غداة الأحداث، من الضروري التفكير فيها جيداً وتحليلها بصورة معمّقة. وفي مقدمة هذه المؤشرات الفجوة الكبيرة بين المواطنين والدولة".

 

 

"ويكتب أن "الأزمة الداخلية" تجلّت في أكثر من مجال؛ بدايةً في "محدودية الثقة" بمؤسسات الدولة. وذلك يعود إلى عاملين رئيسين:الأول، هو عدم الشعور بوجود قيادات في الحكومة لملء الفراغ، وقيادة الأزمة مباشرةً؛ ليس على الصعيد الأمني، فهو مسؤولية الأجهزة الأمنية بطبيعة الحال، لكن على صعيد السياسة والرأي العام الوطني، والمحلي في مدينة الكرك".

 

 

أمّا العامل الثاني- حسب الكاتب- فيتمثل في ارتفاع "سقف توقعات" المواطنين من الدولة، ما يصل إلى صورة غير طبيعية. إذ من الطبيعي أنّ هناك خللاً حدث، وقصوراً في مكان ما (وأظن أنّ هناك عملية تقييم تجري حالياً، لتحديد ذلك). لكن مهما كانت يقظة وقدرة أي جهاز أمني (انظروا إلى ما يحدث في أوروبا)، فلا يمكنه التعامل 100 % مع "نظرية الفعل" الجديدة لدى هذه المجموعات، حتى لو كانوا مراقبين؛ فكيف عندما نتحدث عن تيار يصل أنصاره إلى آلاف، وعن "جيل جديد" أكثر عنفاً وتحايلاً، وعن "قائمة أهداف" واسعة وعريضة؟!".

 

اما الكاتب ماهر أبو طير، وصف تنظيم داعش في مقالته بالمفصوم، قائلا "ليس أدلّ على ذلك، من غياب السياسة عن عقولهم، وما من أمنية لاسرائيل الا ان ينهار الاردن، من اجل ابتلاع القدس، كليا، وهدم المسجد الاقصى، لان تل ابيب تعرف ان الشعب الفلسطيني المبتلى بالاحتلال، يتنفس حياته عبر الاردن، فإذا انهار الاردن، انهار الشعب الفلسطيني ايضا، وليس أدلّ على هذه الفكرة ايضا، من إدراك الفلسطينيين حصرا داخل فلسطين، لما يعنيه الاردن لهم، والدلالة ببيوت العزاء التي فتحت في فلسطين، كرمى لارواح الشهداء، فهناك شعب مسيّس يعرف ان خراب الاردن، لا سمح الله، يعني انهيار حياتهم كليا، فوق ان التضامن مع الاردن في الاساس، طبيعي في فلسطين، ولما يعنيه الاردن لهم".

 

 

 

 

 

من يخدم التنظيم اذن ؟ يتساءل أبو طير، ويرى ان في الحالتين السورية والفلسطينية، التي اشرت لهما، هذا سؤال نوجهه لمن يؤجرون عقولهم، لنص قديم، قد يكون مدسوسا، او ضعيفا، او غير مناسب لهذا الزمن، فغياب السياسة، عن الفكرة والتخطيط والعقل، جريمة بحد ذاتها، وما من خطر الا ان يكون خصمك جاهلا، لا يفقه في شؤون الدنيا، ولا يقرأ نتائج اي تصرف؟!.

 

 

يتابع "علينا ان نتحدث بصراحة، فلا يعقل ان يكون الداعشي عندنا ارهابيا ومجرما، فيما نهلل له في سورية، ونصفق له في العراق، فهذا ايضا انفصام من نوع آخر، اذ لماذا نغضب حين يمس حياتنا، ونعتبره مجرما، ونسكت عليه اذا ذبح شيعة العراق، او المسيحيين فيه، او الاكراد في سورية، فهذا ازدواجية يجب ان تنتهي تماما، فحرمة الدم واحدة".

 

 

 

الكاتب باسم الطويسي، تطرق في مقالته الى انتقال ثقل العمليات العسكرية في سورية من الشمال إلى الجنوب، وتحول التنظيمات المتطرفة نحو العمل الخارجي الانتقامي، في ضوء ما تواجه من ضغوط عسكرية في سورية والعراق.

 

 

وقال "بدأنا نشاهد ملامحه الأولية في سلسلة العمليات الأخيرة، سواء في تركيا أو ألمالنيا وإيطاليا. والأخطر من ذلك نمو جماعات محلية متطرفة لا يشترط ارتباطها بالتنظيمات المعروفة، وتتجاوز ظاهرة ما يسمى "الذئاب المنفردة"، وتحديدا في الدول التي تعاني ظروفا اقتصادية صعبة، ولديها مخزون كبير من السجناء المفرج عنهم الذين يندمجون في الحياة المدنية".

 

 

ويرى الكاتب ان "الحاجة اليوم إلى قدرة عالية في تقدير الموقف، بعيدا عن الاعتبارات التقليدية والمقاربات التي أثبتت فشلها. وتقدير الموقف في هذه المرحلة يحتاج رؤية متعددة المداخل؛ لا تكتفي بالأمني، بل تتجاوز ذلك إلى فهم الآليات الاجتماعية والثقافية التي تصوغ الأجيال الجديدة من الشباب وفهمهم للعالم الجديد من جهة، وتصورهم للذات والمستقبل في ضوء ما يحيط بهم من ظروف سياسية واقتصادية، من جهة أخرى".

 

 

 

متوقعا "أن يشهد العام المقبل بداية تفكك التنظيمات المسلحة الكبيرة التي غذت الصراعات في كل من العراق وسورية وليبيا. ولا يعني ذلك نهايتها، بل هي لن تعجز عن تطوير أساليبها وأدواتها. إن فائضا من الأسلحة والمعدات، وفائضا من المقاتلين، سوف يتسرب عبر الحدود. ولن يتوقف ذلك على الدول المجاورة فقط، بل من المحتمل أن يصلوا حتى للدول والمجتمعات التي أمدت تلك التنظيمات بالسلاح والمال. لقد كان رجل السياسة المصري الأول في حقب قوة مصر، أسامة الباز، يقول للرئيس الراحل السادات: "إن الحركات الدينية سلاح خطر جدا، وما من أحد لعب به إلا وارتد عليه".

 

 

 

..

اما الكاتب حسين الرواشدة، تطرق لكيفية معرفة الشخص الارهابي، يقول "لا يوجد لدينا دليل أو “كتالوج” خاص لمعرفة الإرهابي او التعرف عليه، فهو يحمل ملامحنا، ويتحدث في الغالب بلساننا ويعيش بيننا، لكنه يضمر داخل شخصيته “نمطاً” او بصمة مختلفة، وربما جينات خاصة تختلف عمن سواه من الأشخاص الطبيعيين.

 

 

 

يتابع "حين دققت في “السيرة” الذاتية للشباب الأربعة الذين نفذوا العملية الإرهابية في الكرك وجدت انه لا يوجد دافع محدد (ديني او سياسي او اقتصادي) وراء ما ارتكبوه، وجدت ثانيا انه لا يوجد بيئة محددة يمكن ان يخرج منها الإرهاب فكل البيئات بالنسبة له مناسبة، لكن في المقابل وجدت انه يوجد ملامح واشارات قد تساعدنا في معرفة التغييرات الفكرية والسلوكية للشخصية الإرهابية سواءً اكانت مرتبطة بزمن طويل او بوقت أقصر باعتبارها تشكل (ملامح التطرف) ، كما وجدت انه يوجد لدينا حواضن فكرية للتطرف بدرجة اكبر وحواضن اجتماعية بدرجة أقل".

 

 

حين دققت اكثر في الأسباب التي يمكن ان تقلب الشخصية الإنسانية الى شخصية إرهابية وجدت ان الوقوع في (غواية ) التطرف مسألة نفسية اولاً ، تغذيها عوامل أخرى متنوعة، ومفتاح هذه الشخصية المضطربة نفسياً هو الإحساس “بالفشل” او الخيبة واليأس، وهذا الإحساس كفيل بأن يدفع الشخص للبحث عن “الخلاص” بأية طريقة، كما انه اقصر طريق للوقوع في فخ التنظيمات الإرهابية التي تقوم بعمليات ضخمة للبحث عن “فرائسها” واصطيادهم، وهي هنا لا تعدم الوسائل ولا المضامين “لمسح” أدمغتهم، وجذبهم الى صفوفها بالاعتماد على نقاط ضعفهم وحاجاتهم الى “وصفة” للخروج من حالة “الفشل”..واليأس التي يعانون منها.

 

 

"في سياق البحث عن “الفريسة” تعتمد التنظيمات الإرهابية ثلاث مراحل للتجنيد، الأولى مرحلة الاستقطاب حيث توهم الضحية انه اهتدى الى الطريق الصحيح وغالبا ما تستخدم الغطاء الديني لإقناعه بذلك، ثم مرحلة التكفير التي تقنعه من خلالها انه ضمن لنفسه مقعداً على مدرجات “الفئة الناجية”، او انه إذا لم يكن “متديناً” وجد الفرصة للتطهر من ذنوبه، اما المرحلة الأخيرة فهي نقله من “الفكرة” الى التنفيذ، حيث الامتحان الذي يثبت فيه لنفسه انه غير فاشل.

 

 

تحرص التنظيمات الإرهابية –هنا – على الوصول الى العناصر المؤثرة داخل العائلة في محاولة منها لتجنيد الاقرباء والاشقاء، وهي تفعل ذلك للاستفادة من العامل الاجتماعي باعتباره مجالاً مناسباً لتغذية نوازع الإرهاب، سواء من خلال التقارب الفكري داخل العائلة او الثقة بينهم او ضمان عدم انكشافهم لسهولة الحركة والاتصال بينهم، حيث تشير احدى الدراسات ان نحو 30% من العمليات الإرهابية التي نفذتها هذه التنظيمات كان افرادها من الأقارب والمعارف، كما تشير دراسة أخرى ان نحو 64% من العائلات والأصدقاء تدرك نيات احدى افرادها بمزاولة او إمكانية مزاولة النشاط الإرهابي.

 

 

أضف تعليقك