تتبع شبكات التواصل: بين حفظ النظام وانتهاك الخصوصية

تتبع شبكات التواصل: بين حفظ النظام وانتهاك الخصوصية
الرابط المختصر

أثارت حادثة تحويل ناشطة للقضاء بسبب إطلاقها شائعة حول إخلاء أحد المجمعات التجارية، خوفاً من تفجير أو عمل ارهابي، بالإضافة إلى حوادث تتعلق بملاحقات مؤيدين لتنظيمات سلفية وجهادية مؤخرا، تساؤلات حول الرقابة على محتوى الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي.

الناشطة التي أُخلي سبيلها بكفالة، تم توقيفها وفق المادة 75 من قانون الاتصالات، وهي المادة الوحيدة (من القانون) التي تعالج القضايا المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات على الهواتف الذكية وتحدد الجرائم الإلكترونية المرتبطة بإثارة الفزع ومخالفة النظام العام، وعقوباتها.

المادة 75 من قانون الاتصالات

أ- كل من أقدم على أو وجّه بأي وسیلة من وسائل الاتصالات رسائل تهديد أو إهانة أو نقل خبرا مختلقاً بقصد إثارة الفزع
یعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزید على سنة أو بغرامة لا تزید على (200) دینار أو بكلتا العقوبتین.
ب- كل من قام أو ساهم بتقدیم خدمات اتصالات مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة یعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في
الفقرة (أ) من هذه المادة بالإضافة إلى تطبیق الأحكام المنصوص عليها في المادة (40) من هذاالقانون.

ولا تتوقف المتابعة لما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي عند قانون الاتصالات، انما تمتد لقوانين أخرى حيث تم تحويل عدد ممن أعلنوا تأييدهم للتنظيمات السلفية الجهادية في إطار تهمة الترويج لتنظيمات إرهابية، غير مشروعة، وفق قانون منع الإرهاب.

وتزيد هذه الحالات من الجدل حول العلاقة بين دور الرقابة والقوانين التي تحكم مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، للحفاظ على النظام العام من جهة، ومدى تأثيرها على حرية إبداء الرأي والتعبير والحريات الشخصية من جهة أخرى.

هل الحرية الشخصية مهددة؟

 

الباحثة في مجال الاتصالات والإنترنت في مؤسسة "حبر" ريم المصري، ترى بأن إطلاق الشائعات حتى ولو كانت على شبكات التواصل الاجتماعي وثبت ضررها، فيجب محاسبة مطلق الشائعة، ولكن بالنسبة للرقابة العامة على محتوى مواقع التواصل الاجتماعي دون وجود سبب أو قرار قضائي تمثّل خرقاً للحرية الشخصية حتى لو كانت المنشورات في مجال عام ومتاح للجميع.

وعندما تلعب الحكومة بحسب المصري، دور المترصّد لمن يكتب أو يشارك بأي محتوى دون التأكد من وجود قصد جرمي وراء نشره، فإنه يضع جميع المواطنين ضمن دائرة "المشتبه بهم".

وتؤكد على وجوب إبلاغ من يتم مراقبته، وإثبات العلاقة بين ما أشاعه وما حصل من خرق للنظام أو أثار ذعرا فعليا.

من جهته، يشير المحامي المختص في شؤون القضايا الالكترونية د. عادل سقف الحيط، إلى أن الرقيب الالكتروني يستطيع، وبسهولة، أن يتابع ما يُنشر وما هو متاح للجميع بهدف "الرقابة الإيجابية" فقط، بالإضافة إلى تصفح المواقع والصفحات العامة.

فـ"لا يجوز للحكومة أن تلج إلى أماكن سرية في مواقع التواصل الاجتماعي كغرف الدردشة المقتصرة على أشخاص معينين، والبريد الالكتروني، دون إذن ضبط من المدعي العام، وهي تراقب المنشورات شأنها شأن أي متصفح حسب قانون جرائم أنظمة المعلومات" يقول سقف الحيط.

كما أن أي تفتيش للهواتف الشخصية ورسائل "الواتس اب" هو اعتداء على الخصوصية، ولا إجراء تفتيش من هذا النوع إلا بأمر من النيابة، ولا يجوز أيضاً إجبار الشخص على فتح بريده الالكتروني أو حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم دليل ضد نفسه، حيث أن قسم جرائم أنظمة المعلومات لا يستطيع إجبار الشخص على فتح موقعه الخاص أو الآدمن لاستخراج أدلة رقمية ضد هذا الشخص.

 قانون جرائم أنظمة المعلومات

المادة 12- أ- مع مراعاة الشروط والأحكام المقررة في التشريعات النافذة ومراعاة حقوق المشتكى عليه الشخصية، يجوز لموظفي الضابطة العدلية، بعد الحصول على إذن من المدعي العام المختص أو من الحكمة المختصة، الدخول إلى أي مكان تشير الدلائل الى استخدامه لارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ، كما يجوز لهم تفتيش الأجهزة والأدوات والبرامج والأنظمة والوسائل التي تشير الدلائل في استخدامها لارتكاب أي من تلك الجرائم، وفي جميع الأحوال على الموظف الذي قام بالتفتيش أن ينظم محضرا بذلك ويقدمه إلى المدعي العام المختص

ورغم أن البعض يرى في هذه الرقابة انتهاكا للحرية الشخصية التي نصت عليها المادة السابعة من الدستور، إلا أن سقف الحيط لا يعتبر أن في الإجراءات المتبعة أي تعارض مع الحرية الشخصية، أو حرية الرأي والتعبير، بعد أن صادق عليها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية وهو جزء من التشريع الوطني منذ عام 2006.

ولكن سقف الحيط يشير في ذات الوقت إلى وجود انتهاكات متعددة للخصوصية في عدد من القضايا، مدللا على ذلك ببراءة متهمين بسبب عدم قانونية الحصول على الدلائل.

كما ينفي نائب أمين عام وزارة الاتصالات نادر ذنيبات وجود رقابة على الإنترنت في الأردن سواء على المواقع الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن جزءاً من المحتوى على الشبكة العنكبوتية يحكمه قانون المطبوعات والنشر والمتعلق بالمواقع الإخبارية.

ويُعنى قسم الإسناد والتحقيق الفني في شعبة المتابعة والتحقيق الخاصة التابعة للبحث الجنائي، بالتحقيق بجرائم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت التي تشمل مواقع التواصل الاجتماعي، كسرقة محتويات الخوادم الرئيسية للشركات والمؤسسات، وحسابات البنوك عبر الانترنت، إضافة إلى جرائم التهديد والابتزاز، جرائم القرصنة ومختلف جرائم تكنولوجيا المعلومات.

الإنترنت: مكان للجريمة

 

يوضح المحامي سقف الحيط أن الوسط الإلكتروني الافتراضي شأنه شأن الوسط التقليدي المادي؛ حيث يمكن أن يكون مجالا للجريمة.

ولكن يشترط على ما يتم اعتباره جرماً، توافر أركان الجرم فيه، وهي: الركن المادي المتمثل بالفعل، والركن المعنوي وهو القصد (اتجاه الإرادة والعلم إلى الفعل)، وأخيراً الركن التشريعي وهو نص التجريم.

وينوه المحامي يونس عرب إلى أن عدد القضايا المتعلقة بالجرائم الإلكترونية كبير جداً، ويقع في مناح مختلفة كالتهديد وإهانة الشعور الديني وقضايا البورصات والمحتوى المخل بالآداب، وحتى إطلاق الشائعات.

كيف تتم المتابعة؟

يؤكد الخبير المختص في شبكات الانترنت رعد نشيوات أن الحكومة الأردنية تستطيع السيطرة على ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن لها سيادة مطلقة على الانترنت داخل حدود الأردن؛ لأن كل اتصالات الانترنت تصدر عن محطة "هاشم 1"  وهي تحت سيطرة الحكومة، أي أنها قادرة على معرفة كافة محتويات الانترنت من داخل الأردن سواء بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي.

ويشير نشيوات إلى التعاون الاستخباراتي بين الأردن وأمريكا، الذي يسهل الوصول إلى الشخص الذي ينشر معلومات قد تمس الأمن القومي للأردن عبر مواقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر"، لأنهما موقعان أمريكيان ويخضعان لقانون ضد الإرهاب.

وتتم الملاحقة حسب المحامي يونس عرب عبر الـ(IP Address) أو اشتراك الانترنت، مشيرا إلى أن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات والشركات المزودة بالانترنت هي الجهات التي تستطيع تحديد هذه المعلومات.

ويعتبر الـ(IP Address) المعرف الرقمي الذي يتم تعيينه لكل جهاز على الشبكة العنكبوتية، بحيث يصبح عنواناً خاصاً له يسهل الوصول إليه و تحديد موقعه على الشبكة ويسمح له بالاتصال بغيره من الأجهزة.

ويؤكد المحامي سقف الحيط أن غالبية  دول العالم تتابع مواقع التواصل الاجتماعي عبر أجهزتها الأمنية، داعياً الى التمييز بين الدور الرقابي والمساءلة الجزائية.

أضف تعليقك