بانوراما 2012: عام حافل بالحكومات والاحتجاجات

بانوراما 2012: عام حافل بالحكومات والاحتجاجات
الرابط المختصر

ساعات تفصل العالم عن مغادرة العام 2012، ليستقبل عاما آخر، مستذكرين ما مضى به العام من أحداث شهدتها الساحة الأردنية على كافة الأصعدة، قد يكون من أبرزها توالي الحكومات المختلفة، والاحتجاجات الشعبية التي تباينت في حدتها وسقوف شعاراتها في استمرار لحراك شعبي يمضي مودعا عامه الثاني.

يصف الكاتب والمحلل السياسي جهاد المحيسن ما حدث في عام 2012 على الساحة السياسية الأردنية "بالحالة غير الطبيعية"، فقد مرّ العام بتغيير 3 حكومات وحل للبرلمان، ومظاهرات عمت جميع أنحاء المملكة لم تترك جمعة لم تخرج فيها إلى الشارع.

يقول المحيسن لـ"عمان نت" إننا لم نعد نعرف متى يبدأ عمل الحكومة ومتى ينتهي وما هو المطلوب منها، مشيرا إلى أن الحكومات الثلاث "كانت تطلق عند رحيلها بالونات اختبار تريد منها تبيان أنها كانت تطبّق ما يملى عليها"، خلافا لما تتحدث به كل حكومة أثناء وجودها في الدوار الرابع، ما ولد "عدم الثقة" لدى المواطنين بسبب تراكم الفعل الحكومي.

ومما زاد الاحتقان الشعبي بحسب المحيسن، قيام أجهزة الدولة "الأمنية والسياسية" باعتقال الناشطين وأبناء الطفيلة في نيسان الماضي وعدم فتح أي باب للحوار.

ولا يمكن فصل ملفات الإصلاح السياسي "المتعطلة" عن الأبعاد الاقتصادية، حيث يعد مطلب "إسقاط النظام" سابقة في تاريخ الاحتجاجات في المملكة الأردنية، حيث كانت المظاهرات قبل ذلك تطالب الملك عبد الله الثاني بالإسراع في الإصلاحات الديمقراطية التى تعهد بها فقط.

وجاء هذا المطلب على خلفية قرار حكومة النائب السابق عبد الله النسور رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية، ليصل سعر اسطوانة الغاز إلى 10 دنانير.

واعتقل على خلفية الاحتجاجات ما يزيد على 400 شخص وقف منهم أمام محكمة امن الدولة 116 شخص من بينهم 13 طفلاً، والذين أفرج عنهم جميعا مطلع الشهر الحالي فيما أبقي 6 منهم قيد الاعتقال لدى أمن الدولة.

وكانت منظمات مجتمع مدني عديدة طالبت بالأفراج عن المعتقلين، فيما أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش بيانا أدانت فيه سلسلة الاعتقالات التي طالت نشطاء أردنيين.

من جهتها، ترى رئيس لجنة الحريات العامة في نقابة المحامين نور الإمام أن تطبيق التعديلات الدستورية جاء مخالفا لكل التوقعات خصوصا تعديل المادة 8 من الدستور، والغاء أخذ الإذن من الحاكم الإداري لإجراء الإجتماعات العامة، حيث كان عام 2012 "مليء بإنتهاكات قيدت الحق بحرية الرأي والتعبير وشهد العام حالات تعذيب وإساءة".

واتسمت الأيام الـ 4 الأولى للاحتجاج بزخم كبير على امتداد رقعة الوطن لم تسلم من مواجهات مع قوات الأمن، وغابت عنها الأحزاب والحركة الإسلامية بشكل فاعل ورئيسي.

وتوفي خلال الاحتجاجات الملازم الثاني فيصل سعيدات والرقيب احمد المقابلة متأثران بجراحهما أثناء تأديته الواجب الرسمي .

وخيم الحزن على قرية كفر اسد في محافظة اربد عقب مقتل الشاب قيس العمري في الاحتجاجات التي شهدتها المحافظة على رفع اسعار المشتقات النفطية .

وأضربت عن العمل نقابات من أهمها نقابة المعلمين لمدة ثلاثة أيام، إحتجاجا على رفع الدعم عن المحروقات. و وصلت نسبة الاستجابة لإضراب المعلمين 75 بالمئة وفقا للقائمين عليه.

الخصاونة ..  يكسر البروتوكلات:

وأثارت استقالة حكومة عون الخصاونة التي قال فيها للملك عبد الله "هداكم الله لما فيه خيركم"، جدلا واسعا في الصالونات السياسية ووسائل الإعلام.

فالخصاونة كسر جميع أشكال البروتوكلات بتقديمه استقالته من الأراضي التركية ليسجل أول إستقالة لرئيس وزراء أردني وسط خلافات حادة مع الديوان الملكي وفريقه الوزاري.

لم يختلف خروج الخصاونة عن خروج الرئيس الأسبق عبد الكريم الكباريتي فكلاهما "خرج غاضبا"، ويعتقد المحيسن أنّ الخصاونة لم يكن موفقا من البداية حين ظنّ أن الساحة السياسية الأردنية ليس فيها قوى سياسية غير الإخوان المسلمين وفي هذا "مقتل أي سياسي".

ووصفت حكومة فايز الطراونة "بحكومة أزمات"، وكانت من أبرز قراراتها رفع الدعم عن المحروقات.

لتندلع أزمة سياسية في البلاد بعد أن بادر 89 نائبا، بالتوقيع على مذكرة نيابية، تطالب بطرح الثقة بالحكومة، رفضا للقرار، مستندين في ذلك الى المادة 53/أ من الدستور.

وتم تطبيب الإحتقان بشكل مؤقت بقرار الملك تجميد قرار الحكومة الأخير.

قانون الانتخاب .. والمقاطعة:

يرى محللون أن البلاد استطاعت مواجهة عاصفة الربيع العربي بإجراء تعديلات دستورية في السابع من نيسان.

ومن أبرز التعديلات انشاء محكمة دستورية بقانون تكون مهمتها النظر في تفسير مواد الدستور ودستورية القوانين، إضافة إلى إنشاء الهيئة المستقلة للإنتخاب لتشرف على العملية الإنتخابية.

وتم إقرار قانون الانتخاب في الثالث والعشرين من تموز بشكل وصفته المعارضة بالسريع والغير مدروس معلنة رفضها لما أسمته بقانون "الصوت الواحد" وأعلن كل من الإخوان المسلمين وحزب الحياة وحزب الوحدة الشعبية مقاطعتها للإنتخابات.

وبعد حل مجلس النواب في الثالث من تشرين أول، دعا الملك عبد الله الثاني لإجراء انتخابات نيابية آخر العام. ثم جرى تأجيلها إلى بداية العام 2013. مطالبا الجميع بالمشاركة وتعديل القوانين "من تحت القبة".

ويقول المحيسن لـ"عمان نت" إن التعديلات لم تجد نفعا في ظل عدم الجدية في محاربة الفساد وتعديل قانون الانتخاب ليصبح توافقيا، فيما نرى من كانوا متهمين بالفساد يترشحون للانتخابات، ملخصا المرحلة بالمثل الشعبي القائل "وكأنك يا أبو زيد ما غزيت".

"حس المراقب" للحراكيين .. لم يسلم منه أحد:

وصفت مسيرة المعارضة الأردنية التي أطلق عليها جمعة إنقاذ الوطن بالأكبر على الساحة الأردنية، والتي شارك فيها إعلاميون احتجاجا على إقرار قانون المطبوعات والنشر.

فيما شهد العام 2012 "نضوجا" في القوى الشبابية والحراكية وبروز قيادات أدارت الشارع بذكاء بعيدا عن القيادات الحزبية والسياسية.

فالمحلل السياسي المحيسن يرى أن "حس المراقب"، تنامى في العام 2012 لدى الحراكيين ولن يسلم منه احد في الفترة القادمة.

2012 عام "الانتفاضة" العمالية:

وفي القضايا العمالية، تجاوز عدد الاعتصامات والإضرابات العمالية حاجز 829 إضرابا وإحتجاجا. وتغيّر شكل الإحتجاجات العمالية منذ عام 2009 بعد إضراب عمال الموانئ.

وشهدت الساحة العمالية في عام 2012 تحولات بالتعامل مع الاحتجاجات الأمر الذي وصفه مدير المرصد العمالي أحمد عوض بـ"التعسف بالعقوبات" ضد العاملين والنقابين.

حيث أوقعت دائرة الإحصاءات العامة اول عقوبة جماعية في تاريخ النزاعات العمالية في الأردن بحق 250 موظف لديها.

فيما شهدت الساحة العمالية ارتفاعا في الأسعار وغلاء في المعيشة مع ثبات مستويات الأجور عند سقف 412 دينار أردني المتوسط الحسابي للأجور حسب الإحصاءات الرسمية، فيما كانت نسبة من لا يتمتعون بالحماية الإجتماعية من العاملين إلى 44 % ولم تقل معدلات البطالة منذ 10 سنوات عن 12 %. فيما وصلت بالرابع الثالث من العام 2012 إلى 14.3% .

ويضيف عوض لـ"عمان نت" بأن ضعف السياسات الحكومية في إنفاذ القوانين والتعليمات الخاصة بحقوق العمال وتحسين واقع العامل الأردني دور كبير في "وجود إنتفاضة من العمال على واقعهم".

اللاجئون السوريون في تزايد مضطرد:

في الشأن السوري، افتتحت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، مخيم طوارىء لاستقبال اللاجئين السوريين النازحين إلى المملكة في منطقة الزعتري بمحافظة المفرق. وصل عدد قاطنيه حتى اليوم ما يقارب 53 ألف لاجئ ولاجئة.

ورجح الناطق الإعلامي باسم مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن أنمار الحمود الانتهاء من تجهيز المخيم الثاني في مريجب الفهود نهاية العام.

وتكررت خلال عام 2012 الاﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ﻓﻲ ﻣﺨﯿﻢ اﻟﺰﻋﺘﺮي كان آخرها ﻋﻠﻰ اﺛﺮ وﻓﺎة ﻄﻔل ﯾﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ 7 أﺷﮭﺮ. ليرتفع عدد الاطفال المتوفين في المخيم إلى 4 أطﻔﺎل ﺳﻮرﯾﯿﻦ.

وكان الملف السوري حاضرا في كل مرة يتحدث فيها المسؤولون عن الأزمة الإقتصادية، خصوصا في قطاعات الطاقة والمياه.

الطاقة .. قضية العام:

وشهد العام 2012 إعلانا رسميا وعلى لسان وزير الطاقة علاء البطاينة، أن الأردن بلد نفطي وغازي وأنه سيتم بدء عمليات التنقيب في العام المقبل، على أن تبدأ عمليات التصدير في العام 2020

فيما سخر موزعو مادة الغاز المنزلي من تصريحات الحكومة التي قالت بإنهم افتعلوا أزمة الغاز الأخيرة بعد تأخر الشحنة القادمة إلى الأردن عن موعدها. وعانى المواطن الأردني من أزمة الغاز الذي اختفى فجأة من مراكز التوزيع .

واكتسبت الزيارة القصيرة لرئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل للأردن أهمية كبيرة باعتبارها أول زيارة لمسئول مصري بهذا المستوى الرفيع بعد ثورة 25 يناير.

حيث خرجت بنتائج مهمة في مسيرة العلاقات الثنائية بين مصر والأردن في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، خصوصا فيما يتعلق بتوريد الغاز الطبيعي من مصر الى الأردن وفقا للاتفاقيات الموقعة والنافذة لكلا البلدين.

وساهمت زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى عمان بإنفراج التبادل التجاري بين البلدين خصوصا في تصدير الخضراوات وحصول الأردن على 15 الف برميل نفط خفيف يوميا بأسعار تفضيلية.

النسور .. تصريحات ماراثونية:

شهد العام 2012 تصريحات "ماراثونية" لرئيس الوزراء عبد الله النسور تعلقت منذ اللحظة الأولى بالأزمة الإقتصادية، بالرغم من أن حضوره "للدوار الرابع" في مهمة سياسية هي إجراء الإنتخابات البرلمانية.

وأشار كلّ من وزراء المالية والطاقة والتخطيط والتعاون الدولي وفي أكثر من مكان وزمان وموقف إلى ضرورة حماية الدينار الأردني من انخفاض قيمته الشرائية بشتّى الوسائل.

المساعدات .. هل تسد الرمق؟

أظهرت بيانات صادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي عن بلوغ حجم المساعدات الخارجية الكلية للعام 2012 حوالي 2,493.95 مليار دولار، وبلغت نسبة المنح منها حوالي 57.8% من اجمالي المساعدات بما تعادل قيمته 1,439.147 مليار دولار، فيما بلغت نسبة القروض الميسرة من المساعدات حوالي 42.2% بما تعادل قيمته 1,045.8 مليار دولار.

وأشارت البيانات الى أن المساعدات الخارجية من منح وقروض ميسرة والموجهة للموازنة العامة بلغت قيمتها 924.2 مليون دولار بما تعادل نسبته 37%، أما عن المساعدات الموجهة للمشاريع التنموية فقد بلغت للعام الحالي 766.75 مليون دولار بما تصل نسبته 30,7%، اما المتبقي فهو  منح صندوق دول مجلس التعاون الخليجي المتوقعة للعام 2012 والتي بلغت 754 مليون دولار بما تعادل نسبته 32.3%.

أضف تعليقك