"الوصاية".. قانون ينتهك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
- قانون يساوي ذوي الإعاقة بالحيوان المفترس...
قد لا تدرك فادية "30 عاما" ما يحيط بها من انتهاكات تتعرض لها، تبدأ بعدم تمتعها بأسرة آمنة بعد تخلي والدها عنها بسبب إعاقتها، ولا تنتهي بقوانين تقارنها بـ"الحيوانات المفترسة" وتنعتها بـ"الجنون".
كانت الإعاقة الذهنية الشديدة التي تعاني منها فادية السبب وراء تخلي والدها عنها وطلاقه من والدتها، التي تؤكد أن مشكلة فادية مشكلة اجتماعية بدأت بطلاق الوالدين، حيث تتحول الرعاية للأم و لكن تبقى الوصاية للأب الذي لا يعترف بواجباته تجاهها، مع غياب قانون يلزمه بذلك عند وجود طفل من ذوي الإعاقة الذهنية.
وتضيف والدة فادية أن العلاج الطبي المستمر لهؤلاء الأطفال، قد يتطلب دخول المستشفى في بعض الأحيان، فهم بحاجة للتأهيل والتعليم المناسب، الأمر الذي يتطلب توقيع الوصي "وهو الأب" وفقا للقانون والشريعة، متساءلة عن الحل إذا ما كان لا يعترف بهم، واضطرار الأم للجوء إلى المحاكم.
"وتوقف أحد المستشفيات الحكومية عن إجراء عملية جراحية ضرورية لفادية بسبب عدم تواجد الأب ورفضه الحضور لتوقيع الإجراءات العملية، كما لا ليسمح لأحد آخر التوقيع كونه الوصي الويد، حتى لو كانت الأم بنفسها، ما أدى إلى استئصال بعض أعضاء جسدها بسبب تفاقم الحالة الصحية لها"، كما تروي الوالدة.
السيدة روشان يعاني ابنها من إعاقة نفسية، سلكت دروب القانون بتوجهها إلى المحكمة لتحويل الوصاية في ظل سفر الأب وانفصاله عن العائلة، إلا أنها لم تجد أي قانون أو جهة ترشدها إلى الطريق الصحيح لمتابعة متطلبات ابنها.
وتصف روشان الواقع الذي يعيشه الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن بـ"الحرب المستمرة" لما يتعرضون له من استغلال من قبل أفراد المجتع، وعدم الاعتراف بأبسط حقوقه.
وتقارن حال ابنها في المجتمع المحلي، بما كان عليه أثناء إقامته في الولايات المتحدة، حيث لم يكن يشعر هناك بأنه من ذوي الإعاقة، مع تلقيه المساعدة والدعم في أي مكان يتواجد فيه، وتأمين أسرة ترعاه في حال انعدامها، وهو خلاف الواقع محليا.
المحامية هديل عبد العزيز من مركز العدل للمساعدة القانونية، تؤكد أن معاناة الأم المطلقة تتضاعف مع وجود طفل مريض أو من ذوي الإعاقة، لما يتطلبه من إجراءات روتينية تتطلب وجود الوصي.
وتضيف عبد العزيز بأن القانون يعطي الحضانة للأم والوصاية للأب كونه "ولي الدم"، ولكن من حق الأم اللجوء إلى القضاء لتحويل الوصاية في حال أثبتت معاناتها وتخلي الأب عن مسؤوليته، أو في حال سفره، وذلك لمصلحة الطفل الذي ينظر إليه القانون بشكل أولي".
"إلا أن الطريق أمام الأم لتحويل الوصاية ليس سهلا، وخصوصا بوجد طفل من ذوي الإعاقة، "فالضغوطات الاجتماعية المحيطة تجبرها على الاستسلام، إلا أن هذا الحق يجب أن يطالب به بأي شكل، وهناك مؤسسات قانونية من الممكن أن تقدم الدعم و المساعدة والاستشارة القانونة للأم لتسهيل الوصول إلى هذا الحق"، تقول عبد العزيز.
قانون عكس التيار:
وترجح عبد العزيز أن السبب الرئيس لهذه القضية، يتمثل بعدم موائمة القوانين الموجودة مع بنود الاتفاقيات الحقوقية التي وافق الأردن عليها والملزمة له، كاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مشددة على ضرورة أن ينظر القانون لمصلحة الطفل أولا وأخيرا.
من جهته يرى الناشط الحقوقي وعضو ائتلاف المجتمع المدني العامل على رصد تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن أنس الشتيوي، أن المشكلة الأساسية تكمن في القوانين المبنية على النظر إلى الشخص من ذوي الإعاقة الذهنية أوالعقلية على أنه شخص عاجز وغير قادرعلى تحمل مسؤولياته، ويبنى على ذلك عدم توفر بيئة آمنة للعيش تبدأ بتواجد أسرة آمنة أو بديلة تعوض محل الأسر الأصيلة.
كما يتسبب بتعميق معاناة هؤلاء الأشخاص، عدم وجود وعي كافي للتعامل معهم، إضافة إلى غياب تقنيات لتدريبهم على مجموعة من المهارات التي من ضمنها مهارات اتخاذ القرار و ممارسة الحياة، "فهؤلاء الأشخاص قادرون على اتخاذ قراراتهم ولكن بطرق وأساليب تراعي إمكانياتهم"، بحسب الشتيوي.
ويؤكد عضو ائتلاف المجتمع المدني العامل على رصد تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، على ضرورة وجود التزامات داخلية بعد توقيع الاتفاقيات الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يجب مراجعة التشريعات وتعديلها في ما يتضمن جميع القوانين.
ورصد فريق عمل الائتلاف مجموعة من الانتهاكات في قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات فيما يتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، "فالمادة (467) من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 تنص على أنه “يعاقب بغرامة حتى خمسة دنانير…كل من أفلت حيوانا مؤذيا أو أطلق مجنونا كان في حراسته”.
"فالمشارع، إذن،يساوي في هذا النص بين الحيوان المؤذي الذي قد يفتك بالناس وبين الشخص من ذوي الإعاقة النفسية أومايسميه بـ”المجنون”، في صورة تمييزية قلّ أن تعرف لها نصوص التشريعات الوطنية في دول العالم مثيلاً أونظير."
ويؤكد الشتيوي على أن الدور في حل الموضوع متشعب يبدأ بدور الحكومة في مراجعة التشريعات وتعديلها، إضافة إلى الجهات المنفذة التي لها علاقة في تقديم المقترحات لتعديل التشريعات، ولا سيما الدور الأساسي للمجتمع المدني بتقديم تلك المقترحات والبدائل لأي تعديل بعد زيادة الوعي بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة ".