الملحدون في الأردن والواقع القانوني والدستوري

الملحدون في الأردن والواقع القانوني والدستوري
الرابط المختصر

لا تتوفر أي أرقام تحدد أعدادهم وليس لهم أي ظهور علني في الأردن، لكن الملحدين واللادينيين في المملكة يواجهون جملة من المشاكل القانونية التي قد تؤثر على حياتهم الشخصية، إضافة الى ما يعتبرونه قيوداً باعتناق عقائدهم وأفكارهم الشخصية.

شاب ملحد لم يرغب بالكشف عن اسمه قال لـ"عمان نت"، إنه تعرض لمواقف متعددة جرى سؤاله فيها عن دينه وفضّل عدم الإجابة كي يتجنب أي مشكلة سواء اجتماعية أو قانونية.

ويرى الشاب أنه لا يطمح إلى تصنيفه كملحد على هوية الأحوال الشخصية، آملاً أن تنزع خانة الديانة بشكل كامل "لأن قاعدة المواطنة هي المساواة".

ويوضح بأنه ومنذ بداية إلحاده عمد لقراءة النصوص القانونية التي قد تلحق الضرر به بسبب آرائه، مبدياً تخوفه الدائم من تعرضه للمحاكمة في حال اشتكى عليه أي شخص بتهمة ازدراء الأديان.

فيما يشمل إطار منظومة حقوق الإنسان في تعريفه لحق حرية الدين أو المعتقد، حرية الفرد في اعتناق ما يشاء من أفكار دينية أو غير دينية.

كما عرّفت اللجنة المشرفة على تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الدين والمعتقد بـ"معتقدات بوجود اله، أو بعدم وجوده أو معتقدات ملحدة، الى جانب الحق في عدم ممارسة أي دين أو معتقد".

دستورياً:

 

رغم عدم تمييز الدستور الأردني بين المواطنين عبر مادته السادسة التي تنص على أن "الأردنيين أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين"، إلا أنه لم  ينص على عدم التمييز تجاه الأشخاص الذين لا يتبعون لأي ديانة.

كما لم يضمن الدستور حرية المعتقد والدين ولم يتطرق لها في أيِ من بنوده، بينما ضمن  فقط حرية القيام بالشعائر الدينية للديانات المعترف بها من قبل مجلس الوزراء طبقاً للعادات المرعية في المملكة "ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب"، حسب مادته الرابعة عشرة.

الوضع القانوني:

 

تحدد إشكالية الملحدين واللادينيين القانونية في قانون الأحوال الشخصية وهو القانون الرئيسي المستند لأحكام الشريعة الإسلامية، والذي ينظر في دعاوى الردة التي تحددها أحكام الشريعة.

القوانين والتشريعات الأردنية لا تحاكم على الردة ولا تطبق حدّها، إلا أنه يترتب عليها وفقاً لقانون الأحوال الشخصية أحكام تقضي بتطليق الشخص من زوجته، وحرمانه من حقوق الميراث، وانتزاع حضانة الأطفال.

قانون الأحوال الشخصية

الـمادة281

أ- يحرم من الإرث من قتل مورثه عمدا عدوانا سواء أكان فاعلا أصليا أم شريكا أم متسببا شريطة أن يكون القاتل
عند ارتكابه الفعل عاقلاً بالغاً.
ب-لا توارث مع اختلاف الدين فلا يرث غير المسلم المسلم.
ج-يرث المسلم المرتد
.

ويتيح القانون في الفقرة الأولى من مادته الـ142 للقاضي فسخ عقد الزواج بين الزوجين إذا أصر "المرتد عليها ورفض العودة عن ردته" .

ويتطرق قانون العقوبات إلى الجرائم التي تمس الدين في عدد من مواده، من السهل أن يتم تكييفها كتهم لمن يعلن إلحاده، وفقاً للمحامية تغريد الدغمي.

فالمادة 273 من القانون تقضي بعقوبة تصل الى الحبس ثلاث سنوات بحق "من ثبتت جرأته على إطالة اللسان علناً على أرباب الشرائع من الأنبياء".

وتوضح الدغمي بأن مجرد الإجهار بعدم القناعة بوجود خالق، وفقا لهذه المادة، قد يعتبر ازدراء للأديان.

ومن المواد سهلة التكييف في القانون والتي تسبب عائقاً أمام الملحدين واللادينيين في حال حاولوا التعبير عن أفكارهم المتعلقة بقناعتهم الدينية، المادة 278.

قانون العقوبات

المادة 278

يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر او بغرامة لا تزيد على عشرين ديناراً كل من:
1- نشر شيئاً مطبوعاً او مخطوطاً او صورة او رسماً او رمزاً من شأنه أن يؤدي الى إهانة الشعور الديني لأشخاص
آخرين او الى إهانة معتقدهم الديني ، او
2- تفوه في مكان عام وعلى مسمع من شخص آخر بكلمة او بصوت من شأنه ان يؤدي الى إهانة الشعور او المعتقد
الديني لذلك الشخص الآخر.

وتستشهد الدغمي بقضية "طلبة آل البيت" الذين تم توجيه تهمة ازدراء الأديان بحقهم، بسبب مظهرهم ولباسهم فقط، وادعاء بعض زملائهم بأنهم عبدة شيطان "تمزيق صفحات من المصحف".

المعاهدات:

 

وترى الدغمي أن الأردن الأردن يخالف المواثيق الدولية التي صادق عليها وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تطرق لحرية المعتقد بمادته رقم (18) التي نصت على أنه "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة و إقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة".

إلا أن العهد الدولي الخاص بالشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد منح ضرورة "حماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية" الأولوية على حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده.

ونصت المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على أنه "لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده، بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة".

وبذلك يحرم الأردن الملحدين واللادينيين من أحد الحقوق المنصوص عليها بمعاهدات تعتبر أسمى من القوانين والتشريعات المحلية.

كما لا تحتوي القوانين الأردنية على عقوبات تحمي الملحدين واللادينيين من التمييز المجتمعي ضدهم إنفاذا للمادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تفرض على السلطات أن تحظر بقوانينها "أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف".

أضف تعليقك