المشاركة السياسية لذوي الإعاقة حق قانوني غير مفعل

المشاركة السياسية لذوي الإعاقة حق قانوني غير مفعل
الرابط المختصر

"كرامتنا أهم من الانتخابات" بهذه الكلمات عبر محمود الخضور 20 عاماً عن استيائه لعدم قدرته الإدلاء بصوته في الإنتخابات النيابية 18؛ بالرغم من وجود منحدر خاص أمام مركز الإقتراع، تم وضع الصناديق في الطابق العلوي الأمر الذي شكل عائقاً أمام صعوده لاستخدامه الكرسي المتحرك.
الخضور حالة من الحالات العديدة للأشخاص ذوي الاعاقة الحركة؛ الذي انسحب متأسفاً لعدم توفير تسهيلات بيئية مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة في مراكز الانتخاب؛ مما يشكل عائقاً لممارسة الحق الانتخابي باستقلالية ويسر وفق المعايير والاتفاقيات الدولية التي نصت على ذلك.
هذا ما واجهته الأربعينية نهى أيضاً التي اضطر إلى رفعها مجموعة من الشبان وإيصالها للطابق العلوي، موقف وصفته "بالمحرج والمخزي"، لما له من انتهاك ومساس بخصوصيتها وعدم مقدرتها ممارسة حقها بشكل مستقل كباقي أفراد المجتمع .
في حين لم تكن لدى رشا ذات الاعاقة السمعية أي معلومات حول آلية الإدلاء والتصويت، بسبب عدم توفر مترجمي لغة إشارة يوضع العملية الانتخابية للأشخاص الصم وضعاف السمع؛ وهو ما ساهم في امتناع العديد منهم من التصويت لعدم إدراكهم كيفية التصويت .
ورغم تأكيد الهيئة المستقلة للانتخابات على توفير جميع الترتيبات المخصصة لمشاركة الأشخاص ذوي الاعاقة في العملية الانتخابية، رصد فريق مراقبة الانتخابات المشكل من قبل المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، 17 شخص من ذوي الاعاقة الحركية تم رفعهم إلى الطابق العلوي للإدلاء بصوتهم بسبب غياب البيئة المناسبة.
كما تبين وفق تقرير مراقبة الانتخابات عدم وجود العدد الكافي من مترجمي لغة الاشارة للأشخاص الصم، بالإضافة إلى عدم توفير منشورات بلغة بريل ، أو علامات إرشادية بارزة خاصة بالأشخاص المكفوفين ترشدهم إلى صناديق الاقتراع.
وقد سجل التقرير الصادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان الخاص برصد الانتخابات النيابية الثامن عشر والذي قام بتغطية حوالي 70% من مراكز الاقتراع، مجموعة من الملاحظات من ضمنها عدم تهيئة بعض مراكز الاقتراع للأشخاص ذوي الاعاقة و كبار السن إذ كانت غرف الإقتراع في الطابق الثاني .
وبين التقرير ذاته عدم التوضيح للناخب ذوي الاعاقة والمرافق طريقة التأشير على ورقة الاقتراع بما نسبته 4% من صناديق التي تم مراقبتها و تقدر 70% من عدد الصناديق .
ورصد أيضاً عدم مساعدة رئيس لجنة الانتخاب للناخب ذوي الاعاقة بما نسبته 10% في حال عدم وجود مرافق معه، بينما تم تسجيل ما نسبته 17% من الحالات التي سمح من خلالها للمرافقين بمساعدة اكثر من شخص من ذوي الاعاقة.
رئيس وحدة التنسيق الوطني في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين عبدالله الجالودي يؤكد أن المجلس ساهم و بالتنسيق مع وزارة الاشغال العامة والهيئة المستقلة للإنتخابات بتهيئة 1484 مدرسة، إلا أن أغلب السلبيات التي رصدت من الفريق المشكل من قبل المجلس الذي غطى ما يقارب 309 مراكز انتخابية موزعة على الأقاليم الثلاثة أفادت بتواجد الصناديق في الطابق العلوي.
وبحسب الجالودي فإن المشكلة الأساسية تكمن بعدم توفر بينات مفصلة عن الأشخاص ذوي الاعاقة وأماكن تواجدهم، حيث تعتمد الهيئة المستقلة على بيانات دائرة الأحوال المدنية، وهي لا تتضمن على هذه المعلومات التي ستساعد على تقديم الترتيبات المناسبة لشخص المناسب .
في حين بين الحقوقي والعين السابق مهند العزة أن بعض بنود القانون والدستور الأردني بحد ذاتها تقف أمام تمتع الأشخاص ذوي الاعاقة بحقهم في المشاركة السياسية، كالمادة 75 من الدستور الأردني المعنية بشروط الانتخاب والترشيح؛ فهي تستثني الأشخاص ذوي الاعاقة العقلية والذهنية من المشاركة في الانتخابات؛ باستخدامها عباراتي المجنون والمعتوه للدلالة عليهم، علماً أنها عبارات عامية غير علمية.
ويضيف العزة "جاءت المادة 12 من اتفاقية الأشخاص ذوي الاعاقة للوقوف ظامام الحكم المطلق اتجاه هذه الشريحة وعدم ممارسة حقهم، وهي تؤكد على ضرورة اتخاذ الاجراءات التدابير اللازمة لضمان المساواة أمام القانون، ومن ضمنها تشكيل لجان دعم القرار التي تساعد على أخذ القرارات المكنونة لدى الشخص الذي يعاني من أي عارض ذهني أو نفسي.
عضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب سمر الحاج حسن أوضحت بدورها أن الهيئة وبالتعاون مع الجهات المعنية قامت بتقيم جميع المدارس؛ بهدف توفير التسهيلات اللازمة لمشاركة ذوي الاعاقة في الانتخابات، حيت تم إنشاء منحدرات ومداخل مخصصة في 90 % من المراكز القتراع .

الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة
تنص المادة رقم (29) من الاتفاقية ذاتها الفقرة (أ) على: المشاركة في الحياة السياسية والعامة اذ وتضمن الدول الأطراف للأشخاص ذوي الإعاقة الحقوق السياسية وفرصة التمتع بها على قدم المساواة مع الآخرين، وتتعهد بأن تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة إمكانية المشاركة بصورة فعالة وكاملة في الحياة السياسية والعامة على قدم المساواة مع الآخرين، إما مباشرة وإما عن طريق ممثلين يختارونهم بحرية، بما في ذلك كفالة الحق والفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة كي يصوتوا ويُنتخبوا، وذلك بعدة سبل منها: ضمان أن تكون إجراءات التصويت ومرافقه ومواده مناسبة وميسرة وسهلة الفهم و الاستعمال، وحماية حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التصويت عن طريق الاقتراع السري في الانتخابات والاستفتاءات العامة دون ترهيب، و حقهم في الترشح للانتخابات والتقلد الفعلي للمناصب وأداء جميع المهام العامة في الحكومة على شتى المستويات، وتسهيل استخدام التكنولوجيا المعينة والجديدة حيثما اقتضى الأمر، وكفالة حرية تعبير الأشخاص ذوي الإعاقة عن إرادتهم كناخبين والسماح لهم، عند الاقتضاء، وبناء على طلبهم، باختيار شخص يساعدهم على التصويت.
فيما تنص الفقرة (ب) على: أن تعمل الدول الاطراف على نحو فعال من أجل تهيئة بيئة يتسنى فيها للأشخاص ذوي الإعاقة أن يشاركوا مشاركة فعلية وكاملة في تسيير الشؤون العامة، دون تمييز وعلى قدم المساواة مع الآخرين، وأن تشجع مشاركتهم في الشؤون العامة، بما في ذلك المشاركة في المنظمات والرابطات غير الحكومية المعنية بحياة البلد العامة والسياسية، بما في ذلك أنشطة الأحزاب السياسية وإدارة شؤونها، وإنشاء منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة والانضمام إليها كي تتولى تمثيلهم على كل من الصعيد الدولي والوطني والإقليمي والمحلي.

وبحسب الحاج حسن فإن المعضلة الأساسية هي عدم توفر البينات الخاصة بذوي الاعاقة في الاردن، وهذا شكل صعوبة في التواصل والتخاطب لمعرفة احتياجات الناخبن لتأمين الترتيبات المناسبة وتسجيلهم في الطوابق الأرضية .
وللأسباب ذاتها لم تتلق الهيئة أي طلب من الأشخاص الصم لتغيير مراكز اقتراعهم للمراكز الإحدى عشرة التي تم توفير مترجمي لغة إشارة فيها، وهذا ما تم الاعلان عنه من قبل الهيئة في الصحف والحملات التوعوية؛ وفق الحاج حسن .
وتوضح الحاج حسن أنه ومن خلال الاجتماع مع الجمعيات المعنية بذوي الاعاقة، اتضح ضعف التواصل بينهم وبين المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين وهذا شكل ضعف في توصيل المعلومات المتعلقة في الانتخاب والترشيح لمجموعة كبيرة من منتسبي هذه الجمعيات، وبدورها قدمت الهيئة توصية خاصة بهذا الشأن للمجلس الأعلى.

قانون الأشخاص المعوقين رقم (31) لسنة 2007
تنص المادة رقم (3): على ان تنبثق فلسفة المملكة تجاه المواطنين المعوقين من القيم العربية الإسلامية والدستور الأردني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمبادئ والأحكام المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص المعوقين. وتؤكد المادة على المرتكزات و هي احترام حقوق الأشخاص المعوقين وكرامتهم وحرية اختيارهم واحترام حياتهم الخاصة، المشاركة في وضع الخطط والبرامج وصنع القرارات الخاصة بالأشخاص المعوقين وشؤونهم، تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين الأشخاص على أساس الإعاقة، المساواة بين الرجل والمرأة المعوقين في الحقوق والواجبات، ضمان حقوق الأطفال المعوقين وبناء قدراتهم وتنمية مهاراتهم وتعزيز دمجهم في المجتمع، توفير التجهيزات المعقولة لتمكين الشخص المعوق من التمتع بحق أو حرية ما أو لتمكينه من الاستفادة من خدمة معينة، قبول الأشخاص المعوقين باعتبارهم جزءاً من طبيعة التنوع البشري، الدمج في شتى مناحي الحياة والمجالات وعلى مختلف الصعد بما في ذلك شمول الأشخاص المعوقين وقضاياهم بالخطط التنموية الشاملة، تشجيع البحث العلمي وتعزيزه وتبادل المعلومات في مجال الإعاقة وجمع البيانات والمعلومات والإحصاءات الخاصة بالإعاقة التي تواكب ما يستجد في هذا المجال، ونشر الوعي والتثقيف حول قضايا الأشخاص المعوقين وحقوقهم

ومن خلال التعداد السكاني 2015 تبين أن نسبة ذوي الاعاقة من عدد السكان حوالي (11 %)، حيث يقدر عددهم بنحو (900) ألف شخص، فيما بلغ عدد المسجلين من أفراد هذه الشريحة بسجلات المجلس الأعلى للأشخاص المعاقين بلغ فقط (43407)، أي ما نسبته (4.8 %) من إجمالي ذوي الإعاقة.
ووفقاً للتعداد فإن نسبة الذكور من ذوي الاعاقة في المملكة (62.7 %)، فيما بلغت نسبة الاناث (37.3 %)، في حين بلغت نسبة الذين هم في سن العمل منهم (18-60 عاما)، من المسجلين لدى المجلس الاعلى، نحو 58 %.
ومع اقتراب انتخابات اللامركزية والبلدية والتي من المتوقع أن تجرى خلال شهر آب من العام المقبل، بادارة واشراف الهيئة المستقلة للانتخاب؛ يبقى السؤال فيما إذا سيتم الأخذ بهذه المعيقات التي واجهت ذوي الاعاقة وتجاوزها في العملية الانتخابية .
أعد هذا التقرير ضمن مشروع "إنسان"