الكوتا النسائية في قوانين المشاركة الشعبية الأردنية

الكوتا النسائية في قوانين المشاركة الشعبية الأردنية
الرابط المختصر

في قراءة لما يسمى بـ"حزمة الإصلاحات التشريعية" التي أقر منها مجلس النواب ثلاثة قوانين ناظمة للحياة السياسية والحكم المحلي والتنمية المحلية، وهي قوانين الأحزاب والبلديات واللامركزية، إضافة إلى مناقشة النواب لقانون الانتخاب حالياً، يتبين أن الجهات الرسمية تعاني من عدم وضوح للرؤية تجاه تفعيل دور المرأة بالعمل السياسي في الأردن.

 

المرأة الأردنية نالت حقها بالترشح والانتخاب لمجلس النواب منذ عام 1974، في القانون الذي جاء في فترة الأحكام العرفية، لذلك بقيت مشاركتها حبراً على ورق حتى عام 1989، ومنذ تلك الفترة وهي تعاني من صعوبة بالوصول إلى قبة المجلس، حيث دخلته أول مرة عام 1993 عبر نظام الكوتا، ولكن ليست للمرأة وإنما لأقليات عرقية وهي كوتا الشركس، وبقي الوضع على ما هو عليه حتى عام 2003، الذي تم فيه إقرار كوتا نسائية في المجلس بنسبة 6 سيدات من أصل 80 نائبا، وهي النسبة التي أخذت بالارتفاع من وقتها.

 

قانون الأحزاب

 

على مستوى الأحزاب السياسية، فإن 34 حزباً مسجلاً في الأردن يقود ثلاثة منها فقط نساء هن عبلة أبو علبة أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد"، ورولى الحروب أمين عام حزب أردن أقوى، ومنى أبو بكر أمين عام الحزب الوطني الأردني، في حين أن الـ31 الباقية يتربع على أمانتها العامة رجال.

 

كما أن الحكومة خلال تعديلها لقانون الأحزاب السياسية هذا العام 2015، قامت بشطب الكوتا التي كانت مفروضة في قانون عام 2012، حيث كان يشترط على الأحزاب أن تضمن نسبة 10% للنساء من عدد مؤسسي الحزب، أي أنه أصبح غير إلزامي على الحزب أن يضع بين مؤسسيه سيدات.

 

وتعتزم الحكومة تعويض هذه الإشكالية بربط نسبة الدعم المالي للأحزاب بعدّة عوامل منها عدد النساء فيها.

 

 قانوني البلديات واللامركزية

 

لم تأت الحكومة بجديد في قانون البلديات، حيث تم إقرار الكوتا بنسبة 25% من أعضاء المجلس البلدي، وهي ذات النسبة التي كانت في القانون السابق عام 2011، والذي يمنح ربع مقاعد المجلس للنساء الحاصلات على أعلى الأصوات بالنسبة لعدد المقترعين ضمن مجالسهن المحلية.

 

في حين خرج قانون اللامركزية من مجلس النواب بكوتا للمرأة بنسبة 10% من عدد أعضاء المجلس المنتخبين، وهي إضافة اللجنة القانونية النيابية، فيما جاء القانون المقترح من الحكومة دون كوتا للمرأة.

 

تلك الكوتا لم تعجب الكثيرين من النواب الذين أصرّوا على شطبها قبل أن يصار إرسال القانون لمجلس الأعيان عبر مراحل إقرار القانون الدستورية، الأعيان بدورهم أصرّوا على وجود الكوتا مما استدعى عقد جلسة مشتركة بين المجلسين وفق أحكام الدستور، لتنجح الكوتا بموافقة أغلبية مجلس الأمة بشقّيه "النواب والأعيان".

 

خلال الجلسة أبدت النائب وفاء بني مصطفى استغرابها مما وصفته بـ” الصمت الحكومي المطبق تجاه هذا الموضوع”، متسائلة “هل هذا تمكين المرأة الذي يتشدقون به ليلاً نهاراً؟ وهل هذا هو مشروع التمكين الوطني الذي وقعت عليه الحكومة عام 2014”.

 

واعتبر النائب عدنان السواعير أن الانحياز إلى قرار مجلس الأعيان هو انحياز للديمقراطية وتمكين المرأة، في حين أبدى النائب ياسين بني ياسين تخوفه من أن “تصبح المرأة ترتكن على هذه الكوتا دون العمل على النجاح دونها”.

 

أما النائب هايل الدعجة فقال "علينا الأخذ بالاعتبار ما حققه الأردن فيما يتعلق بالمرأة، ولا بأس أن تعطى المرأة فرصة لترسيخ العمل النسوي في المشاركة الشعبية وصنع القرار".

 

التخوفات الأخرى التي طرحها النواب في موضوع الكوتا تمثّلت بأن البعض منهم يعتقد أن النساء سيعتمدن بشكل كلي على الكوتا، ولن يحاولن الوصول الى المجالس المحلية أو المنتخبة بشكل عام دون الاستناد إليها، الأمر الذي يعني أن المرأة ستبقى قاصرة عن المشاركة الفاعلة.

 

قانون الانتخاب

 

ينص مشروع قانون الانتخاب الذي من المنتظر إقراره خلال الدورة العادية الجديدة لمجلس النواب، على أن يمنح كل محافظة مقعداً للنساء فيها، أي 13 مقعداً وهي نسبة 10% من المجلس القادم، الأمر الذي ترى فيه الناشطات النسويات إجحافاً بحقهن، حيث أن أعداد المواطنين متفاوتة بين المحافظات الكبيرة كالعاصمة عمان واربد والزرقاء، وبين بقية المحافظات.

 

وتطالب بعض الفعاليات النسوية بأن يتم رفع النسبة إلى مرأة عن كل دائرة انتخابية وليس عن كل محافظة لضمان عدالة التمثيل النسبي الجندري، وفي حال تم ذلك فإن النسبة سترتفع إلى 20% تقريباً، في حين تذهب ناشطات للمطالبة برفع النسبة إلى 30% من عدد مقاعد المجلس.

 

التحديات أمام المرأة.. بين التشريعات والبعد الاجتماعي

 

يلعب البعد العشائري والنمط الذكوري في المجتمع دوراً كبيراً في الحد من مشاركة المرأة بالحياة السياسية في الأردن، فمنذ إقرار قانون الصوت الواحد فضّلت العشائر إرسال رجالها إلى مجلس النواب وحرمت النساء من الترشح، الأمر الذي رسّخ فكرة عدم قدرة المرأة على القيادة وإحداث التغيير في المجتمع، وهذه النظرة انسحبت على جميع مناحي العمل السياسي اللي ومنها قانون اللامركزية.

 

البعض يتحدث عن أن الكوتا غير دستورية، حيث تتعارض مع المادة 6 من الدستور التي تنص على أن "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين"، مما يعني أن الكوتا عبارة عن تمييز.

 

في حين يدافع المناصرون للكوتا عنها بأنها "تدبير خاص مؤقت يهدف إلى تثبيت مبدأ الدستور الأساسي وهو المساواة" حسب عضو مجلس الأعيان مهند العزة، وبما أن المرأة لا يتم تمثيلها في المجالس المحلية فإن عدم المساواة يفرض وجود كوتا.

 

الكوتا في الإعلام

 

اهتم الإعلام بالحديث عن كوتا المرأة في العناوين الرئيسية بسبب خلاف النواب والأعيان فقط، وليس بسبب إشكالية المرأة في المشاركة السياسية، لكن في متن الخبر لم يكن هناك إسهاب أو شرح عن إشكالية الكوتا في غالبية المواد الصحفية.

 

وانفردت "الرأي" بكتابة مادة حول الكوتا النسائية في قانون اللامركزية قبل تراجع مجلس النواب عنها تحت عنوان "مجلس النواب ينتصر للمرأة"، كاتبة المادة هي سمر حدادين وهي ناشطة نسوية، أي أن توجهها هو الذي أثر على كتابة المادة وليس التوجه التحريري للصحيفة.

 

ولم يكن هناك اهتمام عام من قبل المواطنين بقضية الكوتا، وليس الكوتا وحدها إنما أيضاً قانون اللامركزية؛ بسبب عدم إيمان الناس بقدرة المجالس المنتخبة على إحداث التغيير المنشود، وانشغال الناس بالقضايا الاقتصادية أكثر من القضايا التشريعية، وهذا الأمر أثر بطبيعة الحال على تعاطي الرأي العام مع كوتا المرأة.

 

هل النسبة كافية؟

 

بعض النواب والفئات المجتمعية اعتبروا أن النسب الممنوحة للمرأة في تلك القوانين كافية، ولكن الأرقام توحي بأنه يجب زيادة تلك النسب حتى تؤدي هذه المجالس مهمتها وهي التمثيل الشعبي، حيث أن نصف المجتمع على الأقل من السيدات، الأمر الذي يعني أنه في حال كان هناك تمثيل حقيقي لفئات المجتمع، فيجب أن تكون نسبة المرأة النصف.

 

فعلى سبيل المثال، في مجلس النواب الحالي أخذت السيدات ثمانية عشر مقعداً شكلت 12% من عدد مقاعد مجلس النواب السابع عشر والبالغ 150 مقعداً، بينما شكلت النساء 52% من نسبة الناخبين.

 

هل تشارك المرأة بالإقصاء؟

 

من خلال النظر إلى خارطة القوى العاملة في قضايا المرأة، يتضح وجود تشرذم وعدم توافق وتجانس في المواقف، فالشارع الأردني يكاد يخلو من أي نشاط موحد مطالب برفع نسبة الكوتا، سواء على شكل اعتصامات أو حتى بيانات إعلامية.

 

هذا وتنص العديد من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها أو اعترف بها الأردن على ضرورة إشراك المرأة في الحياة العامة، بما يضمن المعايير الدولية للمساواة، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية الحقوق السياسية للمرأة.