فرحة منقوصة واحتفالات خجولة في عيد يكرر تزامنه مع أوضاع صحية صعبة، فرضت على الأفراد قيوداً كثيرة اتخذتها السلطات للحد من تداعيات هذا الوباء.
الفرحة الكبيرة، التي يترقبها الصغار قبل الكبار اختلفت كسائر المناسبات، إذ يحتفل المسلمون بعيد الفطر للمرة الثانية وسط جائحة كورونا، فالعالم مازال يشهد ارتفاعاً في تسجيل الإصابات ولا تزال اجراءات التباعد الاجتماعي مطبقة، والمخاوف في تزايد حول اخر التطورات الصحية، دون إغلاق شامل كالعام الماضي، لكن الجديد الآن هو حصول أعداد كبيرة من السكان على اللقاح، الأمر الذي ساعد في عودة بعض أشكال الحياة الطبيعية، مع ذلك لا تزال الجهات الصحية توصي بعدم التخلي عن إجراءات الوقاية.
كما تعالت أصوات الأردنيين في أواخر الأيام من شهر رمضان، بالمطالبة بتقليل ساعات الحظر الليلي، ليتسنى للمواطنين شراء حاجياتهم ولوازمهم قبيل عيد الفطر.
الآن تنتظر المملكة الأردنية العيد دون التقاليد الخاصة التي تميزت بها، وغياب كثير من الطقوس الدينية والتقاليد المحلية التي ترسم أجواء العيد وتنشر روح الفرح، والتي كانت تظهر من خلال التسوق ما قبل العيد بأيام، فتزداد زحمة الأسواق خاصة في وسط البلد، إضافة إلى تجهيز البيوت ومستلزماتها لحسن الضيافة، فهي من أهم التقاليد المتوارثة عبر الأجيال في الأعياد، مع زيارة المولات، والمحامص، وصالونات الحلاقة وغيرها، وتبقى هذه العادات والطقوس تضفي جمالية خاصة تتفرد بها أجواء العيد.
وأعدت الدوائر الرسمية في الأردن والجهات المعنية استعداداتها، لاستقبال عيد الفطر، إضافة إلى تنفيذ خطتها التي وضعتها للتسهيل على المواطنين، وتنظيم الحركة المرورية، والتخفيف من الازدحامات التي تشهدها المحافظات، خصوصاً في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وذلك في ظل انتشار جائحة كورونا المستجد.
كما أصدر رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة، قراراً يقضي بتعطيل الوزارات والدوائر الرسميّة والمؤسسات والهيئات العامة في الأردن أعمالها، اعتباراً من صباح يوم الثلاثاء الموافق 11 مايو، وحتى مساء يوم السبت الموافق 15 مايو، بمناسبة عيد الفطر 2021، لتكون إجازة العيد في الأردن 5 أيام، واستثنى القرار الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسّسات التي تقتضي طبيعة عملها خلاف ذلك.
ضريبة اجتماعية للجائحة
يعبر أسامة العبابنة، 33 عاما، عن استعداداته للعيد في ظل هذه الظروف، بقوله لا شي يبدو طبيعياً أو كما كان سابقاً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتجمعات، فيصعب عليه أن يحيي هذه المناسبة كعاداتهم السابقة، فالاستعدادات مختلفة كلياً من ناحية الزيارات وشراء المستلزمات.
ويتابع في حديث لعمان نت " ضريبة كورونا أنها أجبرتنا على الحذر وقلة العزايم والاختلاطات، وبخصوص الأسواق ولباس العيد فهـي أمور ما عادت من أولوياتنا كـشعب في هيك أزمة أقتصادية، لكن نحمد الله اننا سنقوم بصلاة العيد في الساحات الخارجية، وإحياء شعيرة من شعائر الله عز وجل "
لا يختلف رأي أسامة عن باقي أفراد الشعب الأردني، فالحال واحد، والضغوطات واحدة، يقول علاء الحوراني -27 عاما ويعمل في سوبر ماركت-"افتقدنا الجمعة العائلية في رمضان، والآن سنفتقد تجمعات العيد، فمعظم التهاني مع الاهل والاصدقاء أغلبها <أونلاين>، وأن استعدادت العيد من جانب لباس أطفاله جاهزة لفرحتهم، إلا أن الحظر والقيود هي ما تقيد حركتهم وسهرات ليالي العيد، الى جانب الالتزامات خوفاً من أي عدوى، آملين أن يكون العيد القادم بلا أي أوضاع تجبر العالم على مثل هذه القيود."
أوضاع اقتصادية صعبة
بجانب تأثيرات فيروس كورونا الصحية، لا يخفى الضرر الذي سببه الفيروس على الاقتصادات الدولية والمحلية. وتعاني غالبية الدول العربية ومنها الأردن من أوضاع اقتصادية صعبة انعكست على دخل المواطن العربي، ما بدا واضحاً من قلة الإقبال على شراء الملابس ومستلزمات العيد.
ومازالت المراكز التجارية تعاني من ضعف في العائدات، حتى في موسم العيد مقارنة بالسنوات السابقة، فتشهد خلال هذين العامين خسائر كبيرة، لقلة تحرك البضائع داخل الاسواق، وذلك بسبب القيود التي فرضها الوباء ولسوء الأوضاع المالية للأفراد، مما دفعهم للتغاضي عن الكثير من المستلزمات.
وتفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية للأسواق؛ بسبب ما فرضته الحكومة من مواعيد للحظر الجزئي في الآونة الآخيرة والتي تبدأ من الساعة الـ 6 مساءاً، مما قلل حركة وإقبال الأفراد على المحلات التجارية خاصة في أيام رمضان.
بدوره يقول الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش إن هذا العجز يأتي في محصلة تأثير فيروس كورونا والذي ظهر في أكثر من صورة وشكل خلال شهر رمضان، تشكل ذلك في انخفاض نسبة المبيعات وقلة الأجور وتضرر القطاعات الاقتصادية على أثر أوامر الدفاع المختلفة.
كما أشار الى تضرر المحلات التجارية بشكل كبير، وخاصة تلك التي يغيب نشاطها خلال شهر رمضان في الوضع الطبيعي والتي أصبحت الآن تغيب غياباً كلياً عن القطاع، هذه القطاعات التي لم تعد قادرة على النهوض، مما أثر على أدائها ودخلها وزاد من الكلف التي تتحملها، وحوَّل بعضها لأن تكون مديونة مما يجبرها على الإغلاق.
وأكد على المعاناة الكبيرة القادمة من الجائحة، مع غياب الخطط الحكومية لكيفية التعامل مع الأزمة لذلك بقيّ الناس والتجار أسرى لقرارت حكومية كثيراً ما تكون متعارضة مع بعض المعنيين بمواجهة كورونا ومعهم القطاعات الاقتصادية.
وأكد على جانب أخر من معاناة العاملين الذين خرجوا من أعمالهم في رمضان بالتحديد، والتي تقدر بأكثر من 100 ألف ربما فقدوا أعمالهم أو انخفضت أجورهم، مما أثر على جودة الحياة لهؤلاء الأفراد ولأسرهم، خلال الشهر الذي من المفترض أن يكون الاستهلاك فيه ضعف باقي أشهر السنة.
وذكر عايش بأن الروح المعنوية باتت منخفضة للجميع، فالشعب فقد الحماس فأصبح تركيزهم الكامل على الغذاء وتغيرت أولوياتهم بالنظر لباقي السنين، بحكم انخفاض الدخل ووجود هاجس كورونا والخوف من الإصابة ، وبالنظر الى أن الجميع يعيش حالة من عدم التأكد من المستقبل، وهذه جميعها عوامل أدت للانكماش ولتراجع اقتصادي كبير.
وأضاف عايش بأنه من المتوقع أن تكون 2021 أكثر خطورة على الوضع الاقتصادي وعلى الناس بالنظر بأن الحكومة لا تملك خطة أو برنامج واضح لدفع الاقتصاد الى طريق التعافي.
إجراءات حكومية
سيحل العيد هذا العام في وقت يواصل فيه العالم مكافحة الوباء، الأمر الذي سيحتم فرض عدد من الإجراءات التي ستجعل هذه المناسبة الدينية بنكهة مختلفة، حيث مازال على المصلين إلى الالتزام بالضوابط الصحية المعلن عنها من حيث التباعد وارتداء الكمامة وإحضار سجادة الصلاة وعدم التقبيل والمصافحة حرصًا على السلامة العامة في ظل الحالة الوبائية، كما ستكون صلاة العيد في الساحات الخارجية والمصليات العامة وفق ضوابط واشتراطات صحية.
ويبدأ تقليص ساعات الحظر الجزئي في أول أيام عيد الفطر بموجب أمر الدفاع رقم 19 لسنة 2020، ليبدأ من الساعة 11 مساء وحتى الـ 6 صباحاً للأفراد لجميع أيام الأسبوع، وللمنشآت من الساعة 10 ليلا وحتى الـ6 صباحاً طوال الأسبوع، باستثناء المنشآت التي تقرر السلطات أن طبيعة عملها خلاف ذلك.
وأكدت الحكومة أن القرار يأتي في إطار الإجراءات التخفيفية والتدريجية الآمنة التي تتخذها وفقاً لتطورات الوضع الوبائي، وصولاً إلى الهدف الاستراتيجي بالوصول إلى صيف آمن تكون فيه معظم القطاعات والعجلة الاقتصادية عادت إلى طبيعتها بشكل كامل من خلال تطبيق البروتوكولات الصحية والالتزام بالمطاعيم.
كما أنها شددت على أن الرهان يبقى على التزام المواطن والمنشآت بإجراءات السلامة العامة، مؤكدة مضيها قدماً في الموازنة بين الحفاظ على صحة المواطنين، واستدامة النشاطات الاقتصادية، واتخاذ إجراءات تخفيفية، وفقاً للوضع الوبائي.