الطحاوي الزعيم الروحي السجين لأنصار "تنظيم الدولة" في الأردن
برز اسم الأردني عبد القادر شحادة الملقب بـ(أبي محمد الطحاوي)،في سماء الشخصيات الجهادية في تسعينيات القرن الماضي، ليصبح فيما بعد أحد أهم منظري التيار السلفي الجهادي الأردني، ورقما صعبا في معادلة شطرت التيار نصفين بين "الدولة" و "جبهة النصرة".
عمل الطحاوي مدرسا للتربية الإسلامية في المملكة العربية السعودية في الثمانينات، وتأثر كثيرا في وقتها بكتابات الشيخ عبد الرحمن الدوسري، (أحد أبرز شيوخ السلفية في السعودية)، لتسفره السلطات السعودية هو عائلته في بداية التسعينات الى الأردن؛ بسبب ما يحمله من فكرة سلفي "لا يرضي آل سعود" كما يقول صديق مقرب منه".
استقر الطحاوي في عام 1990 في الأردن، ليتوجه فيما بعد "للجهاد في أفغانستان" التي أمضى فيها عامين كاملين ليعود مجددا الى مسقط رأسه مدينة اربد (شمال العاصمة عمان)، ويبدأ بنشر الفكر السلفي الجهادي برفقة أبي مصعب الزرقاوي وأبو محمد المقدسي في فترة وصفها الكاتب المتخصص بشؤون الجماعات الإسلامية، محمد أبو رمان "بالفترة الذهبية لصعود التيار الجهادي الأردني"؛ لأسباب اقتصادية واجتماعية.
تميزت هذه الفترة (1990-2001) كونها عام التأسيس للتيار السلفي الجهادي الأردني، وشهدت محاولات نشر الفكر وتوتر العلاقة مع الدولة والأجهزة الأمنية بشكل محدود، وبدأ أفراد التيار في هذه المرحلة بالعودة من أفغانستان مدربين ومسلحين بأيديولوجيا السلفية الجهادية.
قاد الطحاوي التيار السلفي الجهادي الأردني إلى انعطافات مهمة بعد الربيع العربي، وشكل تحت وطأة المسيرات التي اجتاحت مدن وقرى المملكة عام 2011 "حراكا سلفيا جهاديا"، لينخرط ضمن الأصوات المطالبة بالتغيير، رافعا شعار "الشعب يريد تحكيم القرآن"، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين من أبناء التيار".
حراك خلق له أعداء من أبناء التيار رفضوا الانخراط في المسيرات باعتبارها " ضرب من الكفر"، مما أحدث انقساما في صفوف التيار، وصلت إلى تكفير الطحاوي ومن شارك في المسيرات على يد عمر مهدي زيدان المكنى بأبي المنذر، الذي اعلن تنظيم الدولة مقتله في أبريل\نيسان 2017 في رسالة تهديد موجهة إلى الأردن تحت اسم اصدار "بما يسوؤهم".
ودافع الطحاوي في حينها عن الاعتصامات في حديث سابق"، معتبرا أن "هذه الوسائل مشروعة ، استنادا لما قاله علماء في أن الأصل فيها الإباحة ما لم يرد نص فيها يحرمها، كما ان هذه الوسائل تتوافق إلى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام وقاتلوا المشركين باللسان والسنان" .
استمر الطحاوي وأنصاره بتنفيذ الاعتصامات، ليشكل اعتصام مدينة الزرقاء نيسان\أبريل 2011 نقطة مفصلية في مصير التيار، بعد أن اشتبك أعضاء التيار مع الأجهزة الأمنية الأردنية التي فضت تجمعهم بالقوة واعتقلت المشاركين.
كان الطحاوي، والقيادي سعد الحنيطي، على رأس من اعتقلتهم السلطات الأردنية إلى جانب قياديين آخرين، واحالتهم الى محكمة أمن الدولة العسكرية، لتفرج عنهم السلطات الأردنية في أكتوبر/تشرين الأول 2013 ، الا أن هذا الإفراج لم يدم طويلا إذ عادت السلطات الأردنية واعتقلت الطحاوي في يناير/كانون الثاني من نفس العام، بحجة تغيبه عن جلسات المحاكمة.
التحول الكبير في حياة الطحاوي جاء بعد بروز تنظيم الدولة سوريا والعراق، ليعلن من سجنه (الموقر2) مبايعة التنظيم في عام 2014 ومهاجمة أبي محمد المقدسي و أبي قتادة ، خلال رسالة سربها لوسائل الإعلام، معلنا عن ولادة جسم بدل للتيار في رسالته يحمل اسم " أبناء دعوة التوحيد والجهاد"، الأمر الذي زاد التيار انقساما بين "الدولة" وجبهة النصرة".
وقال الطحاوي في رسالته "الدولة الإسلامية ليست فقاعة كما يقولون والتحالف الدولي حرب على الله ورسوله".
زادت هذه الرسالة –حسب صديق مقرب سُجن مع الطحاوي- من إصرار السلطات الأردنية على عدم الإفراج عن الطحاوي الطاعن بالسن رغم حالته الصحية السيئة والأمراض المزمنة التي يعاني منها.
وخاض الطحاوي عدة إضرابات عن الطعام، بينما تنشط عائلته في لجنة "الدفاع عن المعتقلين السياسيين" التي شكلها أهالي معتقلي التنظيمات للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم، وحسب ما نقل أحد المحامين المقربين من الطحاوي فإنه ينوي خوض إضراب طويل تحت شعار "الموت أو الإفراج".
هذا ويعتبر التيار السلفي الجهادي الأردني من أكبر مصدري المقاتلين لتنظيم الدولة منذ عام 2011، ويشير تقرير صدر عن دائرة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي حول الأردن في شباط/ فبراير 2017 أن هناك حوالي 4 آلاف أردني انضموا إلى صفوف الدولة خلال الفترة 2011 وحتى اليوم في سوريا والعراق، لتكون الأردن ثاني أكبر مصدر للمقاتلين بعد تونس.