الشباب في الزرقاء.. هل حقا يفضلونها "موظفة"؟

الشباب في الزرقاء.. هل حقا يفضلونها "موظفة"؟
الرابط المختصر

طالما كانت معايير اختيار الشاب لعروسه في الزرقاء تدور في فلك: التدين والحسب والجمال، لكن المتغيرات الاقتصادية والمعيشية التي طرأت في السنوات الأخيرة، دفعت البعض إلى إضافة معيار جديد، وهو "الوظيفة".

 

مصطفى، شاب أعزب في الخامسة والعشرين من العمر، يلخص توليفة تلك المعايير بقوله "حين أنوي الزواج، فأنا أريدها محترمة وبنت ناس، وعدا عن ذلك، متعلمة وتعمل".

 

وبرر مصطفى إدراجه معيار العمل ضمن مواصفات زوجة المستقبل، بأن "الحياة أصبحت غالية، وراتب واحد (في البيت) لا يفي بالغرض".

 

وأضاف "بعد الزواج سيصبح هناك أولاد والتزامات، وراتب واحد مقداره 300 أو 400 دينار لن يكفي"، مؤكدا أن أمور الأسرة لن تستقيم ما لم يكن الزوجان موظفين.

 

ويمثل مصطفى نموذجا لنمط تفكير تتبناه شريحة واسعة من الشباب في محافظة الزرقاء، والذين هم في غالبيتهم من ذوي الدخول المحدودة والمتدنية، لكن غياب الدراسات العلمية يجعل من المتعذر التعرف بدقة على حجم هذه الشريحة.

 

ميزة إضافية

في موازاة من يفضلون الزواج من موظفة، لا يزال هناك قطاع من الشباب ممن لا يجعل عمل العروس شرطا، ويتمسك بالمعايير التقليدية التي تحكم عملية اختيار شريكة الحياة.

 

ومن هؤلاء، أحمد الأبطح، وهو شاب في السابعة والعشرين من العمر، والذي أكد أنه يبحث عن "فتاة ذات خلق و(مؤهلة لان) تربي أولادي، هذا أهم شيء بالنسبة لي. ولا يعنيني إن كانت موظفة أم لا".

 

ومع ذلك، يقر الأبطح بأن عمل الفتاة يكسبها ميزة تجعلها مرغوبة أكثر من الخاطبين، خاصة الباحثين عمن يساعدنهم في نفقات البيت، وساق على ذلك مثلا بقوله "أختي لأنها موظفة أصبح يأتيها عرسان، وأهم ما فيها بنظرهم أنها موظفة".

 

يعقوب (23 عاما)، أكد من جهته أيضا أنه لا يكترث ما إذا كانت العروس موظفة أم لا، وإن أول معيار يتحراه فيها هو التدين.

 

وقال "يهمني أن تكون متدينة جدا، أكثر من كونها تعمل أو تتقاضى راتبا، بل لا يهمني إن عملت أم لا، فوضعي كزوج يحتم علي توفير كل شئ لها حسب ثقافة مجتمعنا"، مضيفا أنه "إذا كان دخلي لا يؤهلني.. فلا داعي لأن أتزوج".

 

وشدد على أنه سيحرص على اختيار عروسه بحيث تكون أيضا "من عائلة محترمة وتتمتع بخلق حسن، وجميلة روحا ووجها".

 

طغيان الجمال

تتفق إنعام عصام، وهي موظفة في الثالثة والعشرين من العمر، مع من يرون أن عمل الفتاة بات حاليا عنصر جذب يزيد من فرصها في الزواج.

 

وتقول في هذا الصدد "سابقا كان الخاطبون يرغبون بغير المتعلمة، أما اليوم فهم يريدونها متعلمة وتعمل، لأن الوضع المادي أصبح صعبا"، مضيفة أن هناك في المقابل "من يتخوفون من الفتاة العاملة لظنهم أن وظيفتها ستجعلها تهمل تربية أولادها".

 

أما غيداء جمال، وهي موظفة في أوئل العشرينات من عمرها، فترى أن جمال الفتاة وحسنها لا يزال المعيار الطاغي والمقدّم على كافة المعايير الأخرى التي تجعل الخاطبين يقبلون عليها، وحتى معيار الوظيفة.

 

وقالت غيداء "أهم معيار بالنسبة للشباب هو أن تكون الفتاة جميلة، وبيضاء، ولا يطغى على ذلك شرط الوظيفة، فالشاب ليس مستعدا للزواج من إنسانة قبيحة وتعمل".

 

وتبعا لهذا النسق، فهي ترى أن المعايير تأتي وفق الترتيب التالي"الجمال أولا، ثم الوظيفة وبعدها النسب والوضع الاجتماعي الجيد للأهل".

 

ولا تغفل غيداء أن هناك نوعا من الشبان ممن يرفضون بتاتا عمل الزوجة لأن واحدهم "يريد أن يكون سي السيد، وبالتالي لا يقبل أن تنفق زوجته عليه".

 

معايير قيمية

على صعيدها، توضح الأخصائية الاجتماعية غيثاء الشريف أن "توجهات الشباب في هذه الأيام مرتبطة بالوضع الاقتصادي للبلد"، مبينة أنها تنصب على "الزوجة الجامعية التي تعمل ولها راتب لتساعد في إعالة الأسرة".

 

واعتبرت الشريف أن من شأن هذه التوجهات "التاثير على الفتاة غير المتعلمة أو العاملة"، لكنها رأت في الوقت ذاته أن "هناك فئة من الشباب الذي يفضل غير المتعلمة أو العاملة، ويجدها الأنسب له، فهو يريدها أن تلزم البيت وتقوم بواجباته".

 

وبدوره، أكد مــســاعـد مدير أوقاف الزرقاء محمد زاهي مقدادي، أن عدم الالتزام بالمعايير التي أرشدنا اليها شرعنا الحنيف في ما يتعلق باختيار الزوجة يشكل أحد أسباب الخلافات التي تقع في إطار مؤسسسة الزوجية.

 

وقال مقدادي أن المعايير الشرعية يوجزها حديث النبي: "تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".

 

وتابع "إذن، النبي وضع أربعة معايير، لكنه ركز على معيار الدين، لأنه معيار قيمي أخلاقي، بينما المعايير الأخرى نفعية"، مؤكدا أنه "لو تمسكنا بهذا المعيار لما وجدنا هذه الخلافات الموجودة في الزمن الحاضر".

 

ولم يجد مقدادي مثلبة في معيار الوظيفة الذي يبحث عنه بعض الخاطبين في العروس، وذلك من باب "مراعاة الظروف التي يمر بها الناس حاليا"، لكنه شدد على ضرورة أن لا يتقدم هذا المعيار أو يكون في معزل عن المعايير القيمية الأخرى.

 

وقال أن ضيق ذات يد الخاطب أحيانا أو عدم كفاية راتبه قد يدفعه لتفضيل الموظفة، لكنه شدد على أن ذلك لا يجب أن يكون المعيار الوحيد عند اختياره لها، بل ينبغي أن يحرص على أن تكون أيضا ذات دين وخلق.

 

وأكد مقدادي أن "على الشاب إذا أراد أن يبني حياة زوجية مستقرة آمنة مطمئنة، أن يراعي البعد الأخلاقي، والبعد الديني الذي حث عليه النبي، لأن الدين والأخلاق هي روادع، وهي موازين لاستقرار الحياة الزوجية".