الشارع.. عندما يصبح الخيار الاخير للعمال

الشارع.. عندما يصبح الخيار الاخير للعمال
الرابط المختصر

مطالب غير قانونية، اعتصامات مخالفة وعمال لا يريدون العمل و يسعون لتخريب البلد، اتهامات أصبح يتعرض لها كل من ينزل للشارع ينشد حقوقه المهضومة, وسط تجاهل الإدارات ووعود الجهات الرسمية وترحيل المطالب العمالية جراء تعاقب الحكومات المستمر.

شهد الأردن في التسعة أشهر الماضية (691) احتجاجاً عماليا، للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، بحسب ما ذكرت مديرة مشروع المرصد العمالي الأردني شيرين مازن، بحسها " غالبية الاعتصامات نفذها عمال القطاع العام، وتحديداً عمال المياومة الذين طالبو مؤسساتهم بتثبيتهم في أعمالهم".

ولا يبدو أن مسألة التثبيت في العمل مقتصرة على عمال المياومة، فيقول الناطق باسم اعتصام النقابة المستقلة لمصفاة البترول في العقبة أسامة الرفوع: "نعاني من مسألة العقود هنا في الشركة، فبحسب قانون العمل يثبت العامل بعد ثلاثة أشهر من تاريخ العقد لكننا لا نثبت في الشركة إلا بعد خمس سنوات وهذا في الحقيقة يخلق لنا متاعب كثيرة، منها الأعباء المالية التي نتحملها من غير ضمان أو تأمين صحي أو أي امتياز يمنح للموظف المصنف, وناهيك عن التعب النفسي الذي نلاقيه لأن الأمن الوظيفي غير موجود في ظل عدم التثبيت هذا، وبأي لحظة ممكن أن يقولوا لك استغنينا عن خدماتك".

في الزاوية الأخرى من الصورة نرى أناس لا تقل أعمارهم عن الستين نزلوا للشوارع رغم المشكلات الصحية التي تركتها لهم سنين العمل المضني في واحدة من أكثر المهن إضرارا في الصحة,, فيقول لنا الناطق باسم الاعتصام عمال الفوسفات أمين الطراونة: " عملنا في الفوسفات لمدة لا تقل عن ثلاثين عاما، والعمل في مادة الفوسفات له أضرار نعاني منها بعد التقاعد, إضافة إلى مشكلات التقدم في السن ونحن لم نطلب شيء سوى مكافأة نهاية الخدمة التي هي حق لنا, بعد أن صدر قرار في الثالث من تموز لسنة 2011 بإعطاء العاملين في الشركة ألف دينار عن كل سنة خدمة وتُصرَف بأثر رجعي, ولا تشمل هذه المبالغ المتقاعدين قبل هذا القانون".

يتابع " هل من العدل أن يأخذ هؤلاء الموظفين ما لا يقل عن ثلاثين ألف دينار، ولا نستحق نحن مكافأة نهاية خدمة أو أي مبلغ بعد ثلاثين سنة خدمة أو أكثر، أين العدل في هذا, لا نريد أن نكسر ميزانية الشركة التي تلوح بأزمتها المالية وإنما نريد حقوقنا".

إذاً, أعباء مالية ومخالفات واضحة لقانون العمل من تثبيت بعد خمس سنوات خدمة وعدم صرف مكافأة نهاية خدمة وغيرها تبرَر بعجز مالي أو إعادة هيكلة وحجج من شأنها أن تحرم المعتصمين حقوقهم، فتقول شيرين مازن: " هناك مؤسسات تقوم بإحباط الاحتجاج بالتهديد بالاستعانة بكوادر أخرى للقيام بالعمل كما فعلت وزارة التربية والتعليم في بداية العام الحالي، وهناك من يلوح بالأزمة المالية التي تمنعه من دفع مستحقات العمال، بالإضافة للمادة 31 من قانون العمل التي أعطت الحق لأصحاب العمل بالتخلص من عمالهم بحجة إعادة الهيكلة".

توضح " لا يوجد نقص أو خطأ في القانون الذي يساوي بين العامل وصاحب العمل في الحقوق والواجبات، وإنما يكون سوء في التطبيق من قبل المنفذين له؛ فكوادر التفتيش والرقابة في وزارة العمل لا تكفي للقيام بدورها، والإدارات تستخدم هذه المادة وتفصل موظفيها أو تهددهم بذلك وفقاً لهذه المادة دون أن تلتزم بشروطها المنصوص عليها في القانون".

وقد يوفر الوضع السياسي بيئة خصبة لزيادة الفجوة بين العامل وأصحاب العمل وخاصة في مؤسسات القطاع العام؛ أمر أوضحته لنا مازن، قائلة: "منذ عام 2006 والأردن يشهد تغيير مستمر في الحكومات، الأمر الذي يجعل مطالب العمال تؤجل ويتم ترحيلها للحكومة الجديدة وتتوالى الوعود بحل المشكلات وتعطى مهل لا نهائية للوصل الى حل غالبا يكون غير جذري، ما يؤدي بالنهاية إلى احتجاج وغضب بين أوساط العمال الذين سبق وحاولوا محاولات عدة قبل اللجوء للشارع لأخذ مطالبهم".

بمعنى ذلك أن الاحتجاج كان الخيار الأخير لديهم". وإن كان الاحتجاج آخر الخيارات المطروحة فإن غالبية المحتجين يؤكدون عدم رغبتهم بالتوقف عن أعمالهم.

الرفوع الناطق باسم اعتصام مستقلة مصفاة البترول، يؤكد : "لسنا مقبلين على الاعتصام بكامل رغبتنا ، الاعتصام كان الحل الاخير أمامنا بعد أن رفضت إدارة الشركة كل مطالبنا".

تصريحات تفتح الأبواب أمام مخالفات كان الصمت يطبق عليها لسنوات طويلة نتيجة لضعف الدور النقابي, وسوء الحوار بين عناصر العمل الثلاث - وزارة العمل وصاحب العمل والعامل.

ويذكَر أن تحسين المستوى المعيشي وزيادة الأجور تصدر أهداف الاحتجاجات العمالية بنسبة %48 بواقع 280 احتجاج بحسب التقرير الصادر عن المرصد العمالي الأردني، وتلاها مطالبات بتحسين شروط العمل والشمول بالتأمين الصحي بنسبة %27 بواقع 143 احتجاج، ثم جاءت الاحتجاجات المطالبة بتحسين أنظمة وقوانين منظمة لأعمالهم, ومن ثم المطالبات بالتثبيت الوظيفي والتي تركزت نسبتها بين عمال المياومة.

أضف تعليقك