تعد مشاركة الشباب في الانتخابات النيابية قضية ذات أهمية متزايدة، نظرًا لدورهم المحوري في تشكيل المستقبل السياسي للبلاد. ورغم التحديات العديدة التي تواجههم، يظل الجيل الجديد قادرًا على إحداث تأثير كبير في العملية الانتخابية.
بدأت الدكتورة أماني السرحان، فتاة أردنية في الثلاثينيات من عمرها، نشاطها السياسي منذ سن مبكرة من خلال المشاركة في الأنشطة المجتمعية والمبادرات الشبابية. وقد خاضت تجربة الترشح للانتخابات النيابية على مستوى البادية الشمالية، مدفوعة برغبتها في إيصال صوت الشباب والتعبير عن احتياجاتهم ومعاناتهم في منطقتها.
قالت السرحان ل"صوت شبابي" : إنها واجهت العديد من التحديات خلال تجربتها، منها التحديات الاقتصادية مثل قلة الموارد المالية واللوجستية، بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والثقافية المتعلقة بمشاركة الشباب، وخاصة النساء في السياسة، موضحة " أن العادات والتقاليد في تلك المنطقة كانت تحارب رغبتها في الترشح، حيث تُعطى الأولوية للرجال حتى لو كانت المرأة تحمل أعلى المراتب العلمية وأعلى الكفاءات العملية.
أسباب ضعف المشاركة
يعود ضعف المشاركة السياسية للشباب إلى عدم فهم الشباب أنفسهم لأهمية المشاركة الانتخابية بشكل دقيق بحسب الدكتورة زهور غرايبة، باحثة في شؤون المرأة الأردنية ومسؤولة مشروع "صوّت" في معهد تضامن النساء الأردني، التي قالت ل "صوت شبابي " إن عدم إدراك الشباب والشابات لآليات التصويت، قد يثنيهم عن المشاركة من الأساس إضافة إلى غياب البرامج التعليمية التي تركز على التوعية السياسية في المدارس والجامعات، وتزايد الإحساس بعدم شفافية أو عدالة الانتخابات مما يعزز الشعور بعدم الجدوى من التصويت، مشيرة إلى "أن الإحباط من الأداء السياسي والقرارات الحكومية التي لا تلبي احتياجات الشباب وتطلعاتهم يزيد من هذا الشعور".
وأضافت غرايبة "أن بعض التقاليد والقيم الاجتماعية قد تؤدي إلى تهميش دور الشباب في المشاركة السياسية، بالإضافة إلى تأثير سلبي من الأسرة والأصدقاء الذين لا يشاركون في الانتخابات، والصعوبات اللوجستية مثل عدم القدرة على الوصول إلى مراكز الاقتراع أو عدم توفر الوقت الكافي للمشاركة في يوم الانتخابات".
الإحصائيات ومشاركة الشباب
أوضح تقرير صادر عن "راصد" حول الانتخابات النيابية الأردنية لعام 2020 أن نسبة مشاركة الشباب من الفئة العمرية 18-34 عامًا كانت حوالي 29% من إجمالي الناخبين. هذه النسبة تعكس التحديات التي يواجهها الشباب في الانخراط بالعملية الانتخابية وتُظهر وجود فجوة بين عدد الشباب المؤهلين للتصويت وأولئك الذين فعلاً يشاركون في الانتخابات.
توضح الأستاذة ربى المطارنة، الأمينة العامة لتجمع لجان المرأة، ل"صوت شبابي" إن نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات مقارنة بالدول الأخرى تعتبر جيدة نوعًا ما فوفقًا لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، حيث وصلت نسبة مشاركة الشباب في الأحزاب إلى 42%، وهي نسبة جيدة. كما أوضحت الوزارة أن ثلث عدد السكان في الأردن ممن هم أقل من 24 عامًا هم من الشباب، وهذا يدل على أهمية صوت الشباب الذي من الممكن أن يحدث تغييرًا، خاصة إذا تُرجمت هذه النسب إلى مشاركة فاعلة ونوعية في صناديق الاقتراع.
استراتيجيات لزيادة المشاركة
وقال قيس محمود إرشيدات، رئيس قسم المجتمع المدني في الهيئة المستقلة للانتخابات، ل "صوت شبابي" : إن الهيئة تعمل على تنفيذ عدة استراتيجيات لزيادة مشاركة الشباب. تشمل هذه الاستراتيجيات برامج توعية وتثقيف تستهدف الفئة العمرية من 18-34 عامًا، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل ومؤتمرات بالتعاون مع المؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني. وأضاف إرشيدات أن الهيئة تسعى لتعزيز الشفافية في العملية الانتخابية لضمان ثقة الشباب بالنظام الانتخابي، مع التركيز على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول أهمية المشاركة الانتخابية.
وتقوم الهيئة بتحليل بيانات المشاركة وإجراء استطلاعات الرأي بين الشباب لقياس النجاح وتقديم توصيات مستقبلية مبنية على النتائج الفعلية. ولفت إلى تحسن ملحوظ في الوعي والمشاركة/ بحسب إرشيدات الذي أشار إلى أهمية تقييم فعالية هذه الاستراتيجيات بعد تنفيذها، حيث ، مشددًا على ضرورة التركيز على تعزيز الشفافية وزيادة التعاون مع المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني.
تمكين الجيل الجديد
يمكن لقطاع الشباب أن يؤثر بشكل كبير في الانتخابات النيابية في الأردن من خلال عدة طرق، كما قالت إنعام العشا، المديرة التنفيذية لمعهد تضامن النساء الأردني وأكدت " أن تعزيز المشاركة الفاعلة للشباب يتطلب أولاً توفير بيئة سياسية مشجعة تدعم تمكينهم من التعبير عن آرائهم بحرية. كما شددت في حديثها ل"صوت شبابي" على أهمية توعية الشباب بأدوارهم السياسية من خلال برامج تدريبية مكثفة وتعزيز ثقافة الحوار بينهم، مضيفة " أن تمكين الشباب من الوصول إلى المناصب القيادية في الأحزاب والمجالس المحلية يساهم في تطوير رؤية جديدة وشاملة تحقق طموحاتهم وتطلعاتهم، مما يعزز تأثيرهم في العملية الانتخابية ويجعل أصواتهم أكثر فعالية في إحداث التغيير المنشود.
الشباب هم أدوات التغيير لتوجيه البوصلة نحو أردن أقوى يعتمد على العمل السياسي والبرامجي. ومع التعديلات على التشريعات والفرص المكرسة للشباب والمرأة، يُتوقع تمثيل أفضل للشباب، خاصة مع خفض سن الترشح إلى 25 عامًا