من غزة إلى عمّان: صعود رياضة البيكلبول وتأسيس مجتمع شبابي رياضي

الرابط المختصر

وصل الشاب محمد سيسالم إلى الأردن عام 2019 قادما من غزة حاملا معه فكرة  رياضة جديدة نسبيا  ليس على مستوى الأردن وفلسطين فحسب وإنما على مستوى المنطقة وهي رياضة " البيكلبول" ، يقول سيسالم " عندما جئت إلى الأردن، كنت مليئًا بالحماس لنشر رياضة البيكلبول هنا. كنت أرى فيها شيئًا مختلفًا، رياضة يمكنها أن تجمع الناس من مختلف الأعمار وتكون نشاطًا شبابيًا رائعًا وبذات الوقت الأردن لطالما كانت حاضنة للتجارب الجديدة".

رغم أن "البيكلبول" منتشرة عالميا منذ ستينات القرن الماضي بدأت بالباحات الخلفية للمنازل وانتشرت بعد ذلك كرياضة تجمع بين خصائص عدة رياضات مثل التنس وتنس الطاولة والریشة، يتم اللعب على ملعب يشبه ملعب التنس، ولكن بحجم أصغر، حیث یبلغ طول الملعب 44 قدمًا وعرضه 20 قدمًا، يتم استخدام شبكة بارتفاع 34 بوصة في الوسط و36 بوصة على الأطراف.

أردنيا استكمل الشاب مراد السلايمة، مسيرة سيسالم  ويوضح ل "صوت شبابي"  "لقد شاهدت تأثير هذه الرياضة على الشباب، وكيف أنها قادرة على تحفيزهم على المشاركة والنشاط، لهذا السبب شعرت أنه من الضروري أن نقوم بتأسيس نادٍ يجمع عشاق رياضة البيكلبول في الأردن."

البداية

كانت  بداية محمد سيسالم، الشاب الغزاوي العاشق للرياضة منذ الصغر، مبكرا بممارسة هذه الرياضة  في مدينة غزة حيث والذي وصلت له فكرتها من  بعض الأصدقاء  المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية، في هذا السياق، يقول  سيسالم ل"صوت شبابي": " كنا نلعب على ملعب واحد فقط في نادي يُدعى الأصدقاء قبل أن تتوسع قليلًا هناك، في كل مرة كنت ألعب فيها؛ كان هناك رغبة قوية لدي لنشر هذه الرياضة في الأردن، وكانت الرؤية واضحة في أن البيكلبول لديها القدرة على جذب مختلف الأعمار والمستويات ".

لم تكن المهمة سهلة بالنسبة لسيسالم، فقد كانت التحديات عديدة، لكنه كان مصممًا على تحويل هذا الحلم إلى حقيقة، يضيف سيسالم ل"صوت شبابي": "عندما قررت نقل البيكلبول إلى الأردن، كنت مدركًا أنني أواجه تحديات عديدة سواءً كانت لوجستية أو حتى على مستوى نشر اللعبة الجديدة، ولكن الشغف والرغبة في مشاركة هذه التجربة مع الآخرين كانا المحرك الرئيسي بالنسبة لي."

كان التفاعل مع اللعبة مفاجئًا، حيث انجذب الشباب بسرعة إلى هذه الرياضة الجديدة، مما دفع سيسالم إلى تأسيس ورشات عمل وجلسات تعريفية في المدارس والجامعات. "رأيت في الأردن بيئة مثالية لتوسيع رقعة هذه الرياضة. لقد كان الأمر يتطلب جهدًا كبيرًا، ولكن النتائج كانت مشجعة للغاية"، بحسب سيسالم.

 

تأسيس جهة رسمية لرياضة البيكلبول

"اجتمعنا مع وزير الشباب محمد سلامة النابلسي، حيث ناقشنا أهمية نشر الرياضة وتعزيزها وأيضًا الإجراءات اللازمة لتأسيس جهة رسمية معنية برياضة البيكلبول" و ناقشنا مع اللجنة الأولمبية شروط ومتطلبات وإن كان بالإمكان إنشاء اتحاد أو لجنة خاصة تحت مظلة اتحاد لعبة من اللعب المشابهة كالتنس والسكواش مثلًا كخطوة أولية، مما سيعطينا الصلاحيات لتنظيم بطولات أكبر وبشكل أسرع وأوضح." بحسب سيسالم مضيفا " إضافة إلى جهودهم في تطوير اللعبة، فإن مجموعة "عمان بيكلبول " كانت تعمل بنشاط في المجتمع المحلي، حيث تعاونوا مع الناشط في حقوق ذوي الإعاقة، سعيد قفاف، لتنظيم حدث رياضي لنشر الوعي ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، يهدف هذا الحدث إلى تسليط الضوء على قدراتهم وإمكانية ممارستهم لرياضة البيكلبول والرياضة بشكل عام، هذا بجانب العديد من المبادرات الشبابية والعائلية الأخرى والتي تأتي ضمن البطولات الودية المُقامة.

استكمال المسيرة

بعد مغادرة سيسالم إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته، شعر مراد السلايمة بأن مسؤولية استكمال هذا الحلم تقع على عاتقه، في عام 2022، قرر مراد تأسيس "نادي الأردن للبيكلبول"، النادي الأول من نوعه في الأردن في الوقت الحالي، يتحدث مراد عن بداية المشروع قائلًا ل"صوت شبابي: "كنت مؤمنًا بأن البيكلبول لديها القدرة على أن تصبح رياضة وطنية في الأردن، أردت أن أخلق بيئة تجمع كل الفئات العمرية وتتيح لهم فرصة اكتشاف متعة هذه الرياضة."

 

وبالفعل بعد شراء مراد لكافة الأدوات اللازمة لتنظيم اللعبة من المضارب والشبكة والكرات باشر مراد في تأسيس صفحات باسم المجتمع "jordan pickleball club" على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ويقول ل"صوت شبابي": بدأت بتنظيم اللعبة مقابل رسوم مادية معنية في دفع إيجار المكان الذي نلعب به ولاستمرارية المجتمع بشكل نشيط وفعّال" إذ وبحسب مراد، تتم تنظيم اللعبة بأماكن مختلف في عمّان على حسب اختلاف الطقس ونوعية الأرضية المرغوبة.


 

 النادي لم يكن مجرد مكان للعب، بل أصبح مركزًا للنشاطات الرياضية والمجتمعية، يوضح مراد ل"صوت شبابي": "قمنا بتنظيم بطولات محلية وفعاليات مفتوحة، وكانت هذه النشاطات فرصة للشباب للتعرف على أهمية العمل الجماعي والالتزام بالتحسين المستمر." ويضيف مراد أن

 

وفيما يتعلق بالتحديات التي واجهها، يقول السلايمة: "كان التحدي الأكبر هو نشر الوعي حول هذه الرياضة وجذب المجتمع للانضمام إلينا، لكن مع الوقت، بدأنا نشهد اهتمامًا متزايدًا من قبل الشباب وحتى من قبل العائلات."

لم يتوقف طموح مراد عند حدود الأردن فقد عمل على بناء شبكة من الشراكات والعلاقات مع نوادي بيكلبول في دول مثل مصر والإمارات ونسعى لبعض الشراكات الأخرى، يعلق السلايمة ل"صوت شبابي": "رأينا ضرورة نقل التجربة الأردنية إلى مستوى إقليمي من خلال التعاون مع نوادي في القاهرة ودبي والمشاركة في بعض البطولات في الدول المجاورة." هذه الشراكات ساهمت في تنظيم لقاءات تدريبية مشتركة وإقامة بطولات ودية على مستوى إقليمي.

مستقبل واعد لرياضة البيكلبول في الأردن

الشغف برياضة البيكلبول لم يتوقف عند سيسالم ومراد فقط؛ خالد، أحد الشباب الذين انضموا للنادي في وقت مبكر، يقول ل"صوت شبابي": "عندما بدأت بممارسة البيكلبول، لم أكن أتوقع أن تصبح جزءًا كبيرًا من حياتي، الآن لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونها." ويضيف يزن: "كنت أتابع البيكلبول عبر الإنترنت ولم أكن أعتقد أنني سأتمكن من ممارستها هنا في الأردن، لكن النادي منحني الفرصة لذلك." أما لارا، فتقول بحماس ل"صوت شبابي": "أحببت البيكلبول لأنها رياضة تناسب الجميع، وخاصة الشابات مثلنا. إنها حقًا رياضة شاملة ومن الممكن أن يكون للرياضة النسوية مكانًا مهمًا فيها."

إن الحلم الأكبر لكل من سيسالم والسلايمة والمجتمع الشبابي الرياضي أيضًاهو رؤية الأردن على خريطة البيكلبول العالمية، لتحقيق هذا الهدف، بدأ النادي في العمل على إنشاء مشروع وطني يهدف إلى تعزيز الرياضة وتوسيع نطاقها على المستوى المحلي والدولي، يختتم مراد حديثه ل"صوت شبابي" ويقول: "نسعى لجذب رعاة يؤمنون برؤية طويلة الأمد لتطوير الرياضة، وتأسيس برامج تدريبية ومنح دراسية للشباب الموهوبين."

رياضة البيكلبول: اللعبة، الكرة، والملعب

اللعبة تُلعب باستخدام مضارب مصنوعة من مواد خفيفة مثل الجرافيت أو الخشب، وكرة مثقبة تشبه كرات الپينغ پونغ لكنها أكبر قليلًا وأثقل، وزن الكرة يكون حوالي 22 إلى 26 جرام، ويتراوح قطرها بين 7 و8 سنتيمترات، تعتمد اللعبة على توجيه الكرة فوق الشبكة إلى ملعب الخصم، مع محاولة تسجيل النقاط عبر جعل الكرة تسقط داخل منطقة اللعب المخصصة.

اللعب في البيكلبول يمكن أن يكون فرديًا أو زوجيًا، ويجب أن يصل أحد الفريقين إلى 11 نقطة للفوز، بشرط التفوق بفارق نقطتين على الأقل.

أضف تعليقك