الديْـن العام.. "كرة ثلج" أطاحت بالقانون

الديْـن العام.. "كرة ثلج" أطاحت بالقانون
الرابط المختصر

- أبو حمور: تراكم ديون السنوات الثلاث الأخيرة يوازي تراكمها خلال 60 عاما

- 3 آلاف دينار حصة المواطن من الدين العام

- الوزني: الدين العام سيلامس حاجز الـ90% من الناتج المحلي

 

حِمْـل يرهق كاهل الحكومات المتتالية بمديونية لم تكف عن التزايد طيلة السنوات الماضية، ليرتفع نصيب المواطن من هذا الديْن إلى ثلاثة أضعاف خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

 

هذا العبء بالمديونية، قوبل بسياسات حكومية اقتصادية وصلت بهذه المديونية إلى تجاوز النسبة التي حددها قانون الدين العام الأصلي بـ80% من الناتج المحلي كحد أعلى للديْن، حيث تجاوز الدين العام للمملكة هذا العام الـ20.5 مليار دينار، أي ما نسبته 83.% من إجمالي الناتج المحلي

 

وبلغ الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي حوالي 23.8 مليار دينار، ليقدر لهذا العام بـ24.5 مليار دينار بعد إضافة نسبة نمو الاقتصاد الوطني البالغ 3%.

 

 

وكان وزير المالية أمية طوقان قد كشف سابقا بأن إجمالي ديون المملكة سيصل إلى 21.2 مليار دينار حتى شهر حزيران الماضي، ليبلغ بذلك لنسبة الـ83.2% من الناتج المحلي.

 

قانون الدين العام وتأجيل سريان المفعول

 

في عام 2009، حددت حكومة سمير الرفاعي موعدا للعمل بقانون الدين العام وإدارته لسنة 2008، مع بداية العام 2010 والذي تضمن مادتين تحددان السقف الأعلى للدين العام بـ60% بدلا من 80% من الناتج الإجمالي المحلي في القانون الأصلي لسنة 2001، إلا أنها عادت وأجّلت العمل به  دون وضع تاريخ محدد لسريانه، الأمر الذي جعل القانون بحكم "المجمّد". 1

 

ولا يقتصر التجاوز القانوني على القانون الأصلي "أي قانون الدين العام لسنة 2001"، فباقي مواد قانون الدين العام لسنة 2008 "المجمّد" تعد سارية المفعول، إذ تنص المادة 21 منه على عدم جواز زيادة صافي الدين الداخلي عن نسبة 40% من الناتج المحلي، فيما سجل الدين الداخلي لهذا العام  13.6 مليار دينار متجاوزا نسبة الـ 48 % من الناتج المحلي الإجمالي.  

 

 

 

النائب محمود الخرابشة يوضح بأن اللجنة القانونية في مجلس النواب السادس عشر التي كان عضوا فيها، أضافت مادة على القانون تمنح مجلس الوزراء صلاحية تحديد موعد سريان القانون، كـ"مخرج" للحكومة رغم "خروجها عن المألوف"، مرجعا تجميد المادتين 22 و 23 من قانون الدين العام إلى مشكلات "فنية"، على حد قوله. 

 

 

ويشير الخرابشة إلى ما نصت عليه المادة 93 من الدستور الأردني حول سريان مفعول القانون بإصداره من جانب الملك ومرور ثلاثين يوماً على نشره في الجريدة الرسمية، إلا إذا ورد نص خاص في القانون على أن يسري مفعوله من تاريخ آخر، في حين أن قانون الدين العام لم يحدد تاريخا واضحا ومنح مجلس الوزراء صلاحيات تأجيل العمل به إلى إشعار آخر.

 

ويضيف بأنه ورغم وجود هذه المادة في قانون الدين العام، إلا أنه لا يحق لمجلس الوزراء إبقاء مواد القانون مجمدة لوقت طويل، لافتا إلى أنه تم الاتفاق عند إقرار المادة، على أن يقوم مجلس الوزراء بتحديد تاريخ واضح ومحدد لسريان القانون.

 

بل ويذهب الاستشاري القانوني محمد الصبيحي إلى أن منح مجلس الوزراء صلاحية تحديد موعد لسريان القوانين يعد خروجا عن الدستور، إضافة لمخالفة الحكومة لقانون الدين العام الأصلي، والذي يرجع إليه بعد تجميد المادتين "22،و23" من القانون بتحديد النسبة القانونية للدين العام المسموح به.

 

مديونية تتضاعف ومشاريع غير تنموية

 

ارتفع الدين العام على المملكة من 11 مليار دينار في 2010، إلى أكثر من 20 مليار دينار العام الجاري، إضافة إلى الفوائد المترتبة على هذا الدين لهذا العام والتي بلغت مليار و 100 مليون دينار، في حين كانت قبل ثلاثة أعوام نحو 700 مليون دينار، الأمر الذي يصفه وزير المالية الأسبق محمد أبو حمور بالارتفاع الضخم.

 

ويشير أبو حمور إلى أن تراكم مديونية الدولة خلال ستين عاما ماضية بلغ 11 مليار دينار، وهو ما يوازي تراكمها خلال السنوات الثلاث الماضية فقط.

 

ويحمل أبو حمور ارتفاع الدين العام إلى إدارة السياسة المالية الحكومية وتعاملها مع ملفات اقتصادية كتعاملها مع خسائر شركة الكهرباء الوطنية التي بلغت 4.6 مليار دينار العام الجاري، بالإضافة إلى التوسع في الإنفاق العام وعدم ضبط الإنفاق الحكومي، مشيرا إلى صعوبة العودة بنسبة الدين العام إلى ما دون الـ 60%، إلا في حال اتبعت الحكومة سياسات حقيقية بضبط الإنفاق وعدم التوجه بزيادة الضرائب لدعم نسب النمو وتحريك عجلة الاقتصاد.

 

ويشير الوزير الأسبق إلى ضرورة أن يتم استغلال المنح الخارجية كالمنحة الخليجية البالغة 5 مليارات دولار، بمشاريع استثمارية تنموية، موضحا بأن نسبة استغلال المنحة لم تتجاوز 50%، وفي مشاريع غير تنموية.

 

ويؤكد أبو حمور على خطورة الاقتراض لسد الديون المتراكمة، مشيرا إلى أن الحكومة ستقترض 7 مليار دينار خلال عام 2015 لسداد 5 مليارات دينار ديون قديمة ومتراكمة، الأمر الذي يضاعف أرقام فوائد الديْن.

 

المحلل الاقتصادي خالد الوزني، يتوقع بأن يلامس الدين العام لهذا العام حاجز الـ90% من الناتج المحلي، إذا ما تم احتساب مديونية البلديات ومتأخرات الدفع للمقاولين العاملين في المشاريع الحكومية.

 

ويشير الوزني إلى صعوبة سداد المملكة لهذه الديون على المدى القصير، وحاجتها إلى إيرادات إضافية من خلال توسعة مصادر الاقتصاد والدفع بعجلة الاستثمار، "على أن لا تكون هذه الإيرادات من جيب المواطن"، على حد تعبيره.

 

فـ"المشكلة الأساسية في مديونية المملكة، بان هذه المديونية بدات وتراكمت نتيجة نفقات جارية وليس مشاريع استثمارية تنموية"، يقول الوزني.

 

فيما ترجع الحكومة أسباب تضاعف الدين العام إلى بداية الأزمة المالية العالمية عام 2009، وصولا إلى ما نتج عن التوترات الإقليمية بعد ما عرف بـ"الربيع العربي"، وموجة اللجوء التي شهدتها المملكة للعام الرابع على التوالي، إضافة إلى أزمة قطاع الطاقة التي كبدت الخزينة ما يزيد عن 4.6 مليار دينار، خاصة مع استمرار انقطاع الغاز المصري.

 

وسجل الدين العام الأردني حتى نهاية الشهور التسعة الأولى من العام الجاري ٢٠ مليار ونحو ٥٠٠ مليون دينار، بارتفاع أكثر من ١.٣ مليار دينار عن مستواه في ٢٠١٣، لتصل حصة المواطن من الدين العام حوالي 3000 دينار.

 

بين الدين الداخلي والخارجي

 

يمثل الدين العام مجموع ما يترتب على الحكومة من ديون داخلية من مؤسسات او بنوك محلية، وديون خارجية تقترضها المملكة من دول مثل امريكا واليابان وفرنسا، بالإضافة إلى الفوائد المترتبة على هذه الديون، والتي تمثل ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

 

وشهد الدين الخارجي ارتفاعا بنسبة 15.9% في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري ليصل إلى 8.3 مليار دينار، مع ارتفاع مدفوعات الفوائد بنسبة 29.7% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 496 مليون دينار.

 

وتظهر أرقام البيانات المتعلقة بصافي الرصيد القائم للدين الداخلي نهاية الربع الثاني من عام 2014، انخفاضا بمقدار 154.5 مليون دينار عن مستوياته في 2013 على الرغم من ارتفاع اجمالي الرصيد القائم للدين الداخلي بـ 231 مليون دينار خلال نفس الفترة ليصل إلى 13.6 مليار دينار.

 

أما الفوائد المترتبة على الدين الداخلي حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري،  فقد سجلت ارتفاعا بنسبة 24.5% عن مستوياتها لذات الفترة من العام الماضي، وذلك بسبب ازدياد إصدارات أدوات الدين في السنوات السابقة.

 

وكانت الحكومة قد وقعت خمسة اتفاقيات قروض جديدة خلال النصف الأول من عام 2014 بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 1025.8 مليون دينار، حيث كانت الحصة الكبرى لتمويل جزء من عجز الموازنة بحوالي 1020 مليون دينار، من خلال توقيع اتفاقيات قروض صندوق النقد العربي والوكالة اليابيانية للتعاون الدولي والبنك الدولي، وإصدار سندات اليوروبوند بمبلغ مليار دولار بكفالة الحكومة الأمريكية.

 

 

أضف تعليقك