أحزاب : ضعف المخصصات وفشل الإدارة أسباب لتراجع القطاع الصحي
ركز حزبيون في نقاشاتهم ضمن المناظرة الإذاعية التي نظمها راديو البلد حول التحديات التي تواجه القطاع الصحي في المملكة، على ضرورة زيادة مخصصات الموازنة العامة للقطاع الصحي، وتحسين رواتب وحوافز الكوادر الصحية لتفادي هجرتهم إلى القطاع الخاص أو الهجرة إلى الخارج، كما أكدوا على أهمية توفير التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين والعمل على توحيد نظام التأمين الصحي.
واستضافت المناظرة التي أدارها الصحفي محمد العرسان وبثت عبر تطبيق زووم، ممثلين عن الأحزاب السياسية، محمد زرقان من حزب حشد، أحمد الجماعات الأمين العام المساعد للشباب والرياضة، الدكتور ضيف الله بني خالد مساعد الأمين العام للشؤون الصحية والبيئية في حزب نماء، والدكتور معتصم فايز الربيع من حزب ميثاق.
الملف الصحي في برامج الأحزاب
يقول محمد زرقان، عضو المكتب السياسي في حزب حشد، إن القطاع الصحي يشكل محورا أساسيا في برامج الحزب بسبب تأثيره المباشر على معاناة المواطنين اليومية.
ويشير إلى أن الدستور يكفل حق المواطن في الصحة والتعليم، ورغم وجود العديد من المستشفيات الحكومية، فإن المواطنين يشعرون بتقصير في جودة الخدمات الصحية نتيجة الازدحام الكبير في العيادات ونقص الأسرة في المستشفيات العامة.
ويضيف زرقان أن المواطنين الذين يتوجهون اضطراريا إلى المستشفيات الحكومية لا يتلقون الحد الأدنى من الرعاية الصحية المطلوبة، ما لا يتناسب مع ما يخصم من رواتبهم.
ويعتبر زرقان أن جزءا من معاناة المواطنين يرجع إلى ضعف المخصصات الحكومية في الموازنة الخاصة بالخدمات الصحية، مشددا على ضرورة ضغط الأحزاب على الحكومات المتعاقبة لزيادة هذه المخصصات وتحسين الخدمات الصحية في ظل الزيادة السكانية الكبيرة، حيث يتم تقديم الخدمات حاليا ضمن الحد الأدنى.
أما أحمد الجماعات، الأمين العام المساعد للشباب والرياضة، فيوضح أن القطاع الصحي هو من أهم الملفات التي تؤثر بشكل كبير على المواطنين في الفترة الحالية، مشيرا إلى أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تردي كفاءة القطاع الصحي، مثل الزيادة السكانية وتدفق اللاجئين، وقد وضع حزب عزم سياسة شاملة لمعالجة هذه القضايا من خلال تحسين الكفاءة الطبية وزيادة عدد الكوادر الطبية، وذلك لتفادي الإرهاق الذي يعاني منه الكادر الطبي بسبب زيادة ساعات العمل.
من جانبه، يرى الدكتور ضيف الله بني خالد، مساعد الأمين العام للشؤون الصحية والبيئية في حزب نماء، أن مستوى الخدمة الصحية شهد تراجعا ملحوظا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.
ويؤكد أن هذه الخدمة لا تتماشى مع التأمينات الصحية المتاحة، مما يخلق فجوة كبيرة بين الأردن والدول الأخرى، مشيرا إلى أن معاناة المواطنين من البيروقراطية في القطاع الصحي، حيث يتأخرون في الحصول على مواعيد من الأخصائيين ويعانون من نقص في العديد من الإجراءات الطبية.
أما الدكتور معتصم فايز الربيع من حزب ميثاق، فيعتبر أن القطاع الصحي من أهم القطاعات التي تؤثر على جميع شرائح المجتمع، نظراً لدوره المباشر في الصحة العامة، مشيرا إلى أن تراجع كبير في مستوى تقديم الخدمة مقارنة بالعقود السابقة، رغم قلة الإمكانيات والموارد، مستذكرا الجهود التي بذلها الكادر الطبي خلال جائحة كورونا، موضحا بأنه أظهر التزاما عاليا في الحفاظ على صحة المواطنين.
إجراءات لتطوير القطاع الصحي
يقول زرقان إن وجود 33 مستشفى حكوميا، و15 مستشفى عسكريا، ومستشفيين جامعيين يظهر أن هناك عددا كبيرا من المستشفيات، ولكنها تفتقر إلى التخصصات الطبية الرئيسية والفرعية.
ولحل هذه المشكلة، بحسب زرقان يتعين استقطاب كفاءات طبية متخصصة، وهذا يستدعي زيادة مخصصات الموازنة المقدمة لوزارة الصحة، مشيرا إلى أن المبلغ المخصص في عام 2024، والذي يبلغ 766.4 مليون دينار، يتوزع بين الأدوية والرواتب والبنية التحتية، لكنه لا يكفي لتلبية الاحتياجات.
ويضيف زرقان أن السبب الرئيسي في انخفاض المخصصات هو اشتراطات صندوق النقد الدولي التي تمنع زيادة الإنفاق على الصحة من الموازنة العامة.
كما طلب الصندوق في توصياته الأخيرة تعديل أقساط التأمين الصحي، وهو ما لا يتماشى مع احتياجات المواطنين ومتطلباتهم الأساسية في العلاج، كما ينص عليه الدستور، بحسب الزرقان.
من جهته، يشير الجماعات إلى أن هناك هجرة مرتفعة للأطباء من القطاع العام إلى الخاص، بالإضافة إلى أن الميزانية الحالية لا تغطي جميع احتياجات وزارة الصحة.
ويؤكد ضرورة رفع مخصصات الموازنة لتحسين مستوى الخدمات، مشيرا إلى أن القطاع العام يقدم خدمات جيدة، لكن هناك تراجعا مقارنة بالماضي، ويطمح الجماعات إلى العودة إلى مستوى الخدمات السابق عند الوصول إلى البرلمان.
ويعزو الجماعات تردي القطاع الصحي إلى نقص كبير في الكوادر الطبية في المستشفيات العامة، ويأمل في زيادة عدد الكوادر الطبية وتقليل ساعات العمل لرفع جودة الخدمة الصحية، كما يطالب بزيادة مستحقات ومزايا العاملين في القطاع العام لتقدير جهودهم والحد من هجرتهم إلى القطاع الخاص.
يقول بني خالد إن هناك فارقا كبيرا بين مستوى الخدمة الطبية في القطاع العام والخاص، حيث يفتقر القطاع العام إلى الدعم والحوافز الكافية للأطباء، مما يساهم في الهجرة إلى الخارج.
ويؤكد أن الحزب سيركز، إذا وصل إلى البرلمان، على تحسين نظام الحوافز للأطباء، حيث لم يعط الأطباء حقوقهم الكاملة رغم إقرار النظام عدة مرات، مشددا على أن زيادة الرواتب وسد الفجوة بين القطاعين العام والخاص سيساهم في حل العديد من المشاكل، بما في ذلك الهجرة إلى الخارج.
أما الربيع، فيشير إلى أن حزب ميثاق وضع خطة تفصيلية لمعالجة مشكلات القطاع الصحي، تتضمن التعامل مع تكدس الحالات وقوائم الانتظار الطويلة، وضغط حالات التحويل، وتحسين نظام السجلات الطبية، واستكمال رقمنة وربط المؤسسات الصحية.
كما يهدف الحزب إلى توسيع قاعدة المشمولين بالتأمين الصحي لتقليل الهدر وتحقيق وفورات في فاتورة الاستشفاء، ودعم المجلس الصحي العالي، الذي يعتبر ركنا مهما في القطاع الصحي.
ويؤكد الربيع أن الفشل في القطاع العام هو فشل إداري وليس طبي، ويجب معالجته من خلال التشريعات التي تحكم الجهات المقدمة للخدمات الصحية لمنع سوء الاستغلال والتعدي على الحقوق العمالية.
تأمين صحي يحفظ كرامة المواطن
يوضح زرقان أن تحقيق جوهر التأمين الصحي الشامل يتطلب ضمان العدالة لجميع المستفيدين، مشيرا إلى أن هناك تفاوتا كبيرا في إمكانيات وتجهيزات المراكز الصحية بين المناطق النائية والمدن الرئيسية، وينبغي أن يحصل كل مواطن على نفس مستوى العلاج والخدمات الصحية، دون تمييز بين محافظة وأخرى، بما يضمن توفير الدواء والخدمات الصحية بالتساوي عبر مختلف المراكز الصحية، ويشمل جميع التخصصات الطبية لتجنب الحاجة إلى تنقل المواطنين بين المراكز.
ويؤكد زرقان أن تحقيق ذلك يتطلب من الدولة تحمل مسؤولياتها في مجال الصحة، وأن يكون قانون الموازنة العامة أساسا في هذا السياق، و يجب مناقشة وإقرار قوانين الموازنة على مستويات وطنية متعددة قبل اتخاذ أي قرارات من قبل الغرفة التشريعية.
ويضيف زرقان أن توصيات صندوق النقد الدولي ليست ملزمة لصناع القرار في مجلس النواب، وأن الحكومة مسؤولة عن رفع مخصصات الصحة لتحسين القطاع وضمان حقوق المواطنين في الرعاية الصحية.
من جانبه، يرى الجماعات أن دعم تحسين القطاع الصحي يجب أن يتضمن حلولا عملية على الأرض، أبرزها تعزيز مظلة التأمين الصحي لتشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين.
يشير بني خالد إلى أن موازنة وزارة الصحة تبدأ من المراكز الصحية المنتشرة في جميع أنحاء المملكة، لكن مخصصات الموازنة العامة للقطاع الصحي قليلة جدا، خصوصا مع وجود إعفاءات خاصة من رئاسة الوزراء والديوان الملكي تصل إلى حوالي 250 مليون دينار، مما يبرز الفارق الكبير بين الإعفاءات الصحية الخاصة والموازنة المخصصة لوزارة الصحة.
ويعتبر بني خالد أن بعض الحالات الصحية البسيطة يمكن علاجها في المراكز الصحية الأولية، ولكن بسبب عدم كفاءة هذه المراكز ونقص الأطباء، يتم تحويل هذه الحالات إلى المستشفيات، مما يسبب ضغطا كبيرا على المستشفيات وكوادرها الطبية.
يرى زرقان أن توحيد نظام التأمين الصحي يعني أن يحصل كل مؤمن صحي على حقه في الرعاية الصحية العادلة والمتساوية في جميع مستشفيات المملكة، مما يضمن تقديم العلاج بشكل متساو دون تمييز.
من جانبه، يعتبر الربيع أن الرعاية الأولية تشكل أساس نجاح النظام الصحي، حيث أنها تخفف الضغط على المستشفيات الرئيسية، مشيرا إلى أن وجود فشل إداري في تفعيل المراكز الصحية، رغم توفر المباني والأجهزة، بسبب نقص التخصصات المطلوبة وعدم تفعيل هذه المراكز بشكل كاف.
ويضيف الربيع أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بعدم التعاون بين القطاع الصحي العام والخاص، حيث يمكن الاستفادة من إمكانيات المستشفيات الخاصة عبر شراء الخدمات منها، كما يدعو إلى تسهيل إنشاء مستشفيات خاصة في المحافظات لتقليل التركيز على العاصمة عمان فقط.
كما يلفت الربيع إلى أن الزيادة السكانية في المملكة نتيجة لموجات اللجوء وارتفاع معدلات الخصوبة قد زادت العبء على القطاع الصحي، مما يتطلب من المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته تجاه اللاجئين لضمان حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة.