كيف تنظر المؤسسات الرياضية في الأردن إلى الشباب ودعمهم؟
"للأسف، دعم المؤسسات للرياضيين الشباب في الأردن شبه معدوم، يجب أن يكون لديك أشخاص يدعمونك داخل المؤسسات للحصول على الدعم"، يقول محمد، خريج قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة من الجامعة الهاشمية.
هذا الوضع لا يختلف كثيرًا في نظر الصحفي الرياضي أنس عشا، الذي يضيف: "الشاب الرياضي في الأردن لا يحظى بالدعم الكافي، وهذه المشكلة لا تقتصر على المؤسسات الرياضية وحدها، بل إن الأشخاص الذين يديرون هذه المؤسسات تقع عليهم مسؤولية كبيرة في فهم خلفية المجال والسعي دائماً نحو الأفضل" هذه الكلمات هي ما بدء بها محمد وأنس عند السؤال عن واقع الشباب والرياضة في الأردن.
نقص الدعم المؤسسي
أنس عشا، الصحفي الرياضي العامل في المجال بمختلف قطاعاته، يشير بوضوح بحديث ل "صوت شبابي" إلى أن "الشاب الرياضي في الأردن لا يحظى بالدعم الكافي." يضيف أن هذه المشكلة ليست محصورة فقط في المؤسسات الرياضية، بل تمتد إلى السياسات الحكومية والمجتمعية التي لا تولي الرياضة الاهتمام اللازم، يتحدث عشا عن التجارب الملموسة قائلاً: "تعاني المؤسسات الرياضية نفسها من نقص الدعم الكافي، وتدار من قبل أشخاص تقع عليهم المسؤولية الكبيرة لإيجاد الحلول اللازمة لدعم الرياضيين الشباب." وكلما زاد القصور في الإدارة جعل المؤسسات تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي، وهو توجه يعتبره عشا خاطئاً لأنه يحد من استقلالية المؤسسات وقدرتها على الابتكار والتطوير.
تحديات الإدارة والتمويل
يتابع أنس عشا حديثه ل "صوت شبابي": "من بين التحديات الكبيرة التي تواجهها المؤسسات الرياضية في الأردن هي إدارة شؤونها من قبل أشخاص ليس لديهم خلفية رياضية." هذا التحدي الإداري يعقد الأمور ويزيد من صعوبة تقديم الدعم اللازم للرياضيين الشباب. يعتقد عشا أن الحل يكمن في بناء شراكات استراتيجية مدروسة مع الرعاة والشركات الخاصة، وتجاوز الاعتماد على الواسطات والعلاقات الشخصية، ويضيف: "يجب تعزيز وعي الجمهور الرياضي لدعم الرعاة وجلبهم، وهذا يتطلب جهدًا متواصلاً من جميع الأطراف المعنية."
مشكلة التوزيع غير العادل للدعم
تعاني اللجنة الأولمبية الأردنية من محدودية الموارد، ومعظم الدعم المالي موجه نحو كرة القدم. هذا التوجه يترك رياضات أخرى، مثل التايكواندو والرياضات الفردية، بدون الدعم الكافي، يقول عشا ل "صوت شبابي": "رغم جهود اللجنة الأولمبية لتلبية متطلبات الرياضات الشبابية الأخرى، فإن تركيز الدعم على كرة القدم يعكس تحيزًا غير عادل." يتابع: "مشكلة أخرى تكمن في أن المؤسسات الرياضية تميل إلى دعم الرياضيين بعد تحقيقهم الشهرة، في حين يجب دعمهم منذ البداية."
تجربة محمد والطموحات المحبطة
محمد، شاب خريج رياضة، يعبر عن خيبة أمله من الدعم المؤسسي، يقول محمد ل "صوت شبابي": "للأسف، دعم المؤسسات للرياضيين الشباب في الأردن شبه معدوم. يجب أن يكون لديك أشخاص يدعمونك داخل المؤسسات للحصول على الدعم." يشير محمد إلى أن تخصصه في التربية الرياضية، وبالتحديد في التأهيل الرياضي، لم يُعتمد من وزارة الصحة، مما يجعل الحصول على رخصة لمزاولة المهنة يتطلب دورة خاصة مثل "مبادرة قصي". هذا الوضع يضيف عبئاً إضافياً على الشباب الذين يسعون لتحقيق أحلامهم في مجال الرياضة.
تأثير المحسوبية والواسطة
يشدد محمد على أن جميع الاتحادات الرياضية في الأردن سيئة في التعامل المادي، وأن من يستفيد منها هو من لديه واسطة تمكنه من الحصول على الفرص، بغض النظر عن مستوى الأداء. "إذا كنت لاعب كرة قدم في الدرجة الأولى، قد لا تواجه مشكلات كبيرة، لكن المشكلة تبرز في الرياضات الأخرى التي تحتاج إلى الدعم الكبير لتجاوزها عن طريق الدعم الكبير توفير الدورات اللازمة والمشروطة من قبل الجهات الرياضية.
قصة أحمد أبو غوش
تعتبر قصة أحمد أبو غوش، بطل التايكواندو الأردني الحائز على الميدالية الذهبية في أولمبياد ريو 2016، واحدة من أبرز الأمثلة على التحديات التي يواجهها الرياضيون الشباب في الأردن. تعرض أبو غوش لمشكلات قانونية وظلم، مما دفعه إلى اتخاذ قرار بالاعتزال المبكر. يقول محمد: "قضية أبو غوش أعطت نظرة سلبية، وأصبح الرياضيون يشعرون بأنهم قد يتعرضون للظلم بسبب موهبتهم ورغبتهم في رفع اسم بلدهم، حيث أصبحت النصيحة الرئيسية هي مغادرة البلاد عند أقرب فرصة لعدم وجود أي تقدير للأبطال في الأردن " هذه القصة تعكس حالة القلق والإحباط التي يعيشها العديد من الشباب الرياضي في الأردن.
دور المؤسسات في تحسين الواقع الرياضي
بالعودة لحديث أنس، يرى أن الحل يكمن في جعل الرياضة مسارًا ممنهجًا لبناء الرعاة والدخل، والاهتمام بالرياضيين الشباب منذ البداية. "ينبغي على المؤسسات الرياضية أن تهتم بالرياضات الأخرى غير كرة القدم، وتعمل على تطوير البنية التحتية، وبناء الشراكات الاستراتيجية، ورؤية الشباب كأصول استثمارية تحتاج إلى الرعاية والاهتمام لرفع مستواهم ورفع اسم الأردن عاليًا." هذا التوجه يتطلب رؤية شاملة وتعاوناً من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القطاع الخاص والجمهور الرياضي.
أهمية دعم الرياضة والمشاركة الشبابية
للرد على كلام محمد وأنس وبحسب اللجنة الأولمبية الأردنية إن الأردن يشهد تطورًا ملحوظًا على الصعيد الرياضي في السنوات الأخيرة بفضل العديد من المبادرات والبرامج الهادفة لدعم وتعزيز مشاركة الشباب في الأنشطة الرياضية، إذ تعمل اللجنة على تبني مجموعة متنوعة من المبادرات، مثل مبادرة "ساعة رياضية"، التي تهدف إلى دمج الرياضة في الأنشطة المدرسية عبر البرنامج الوطني الصيفي "بصمة" بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ما يساعد على تحسين جودة الحياة وتعليم القيم الأولمبية للطلاب في جميع محافظات المملكة.
من بين المبادرات الأخرى البارزة، برنامج "شبابنا قوة"، الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، والذي يهدف إلى تأهيل الشباب والشابات وخلق فرص التطوع واكتساب المهارات والخبرات لتعزيز دورهم في المجتمع وتحسين وضع الرياضة في الأردن.
كما سعت اللجنة الأولمبية الأردنية عن طريق مبادرة "قصي" إلى تحسين منظومة العلاج الطبي الرياضي في المملكة من خلال تدريب وتأهيل المعالجين الرياضيين، وقد حققت هذه المبادرة إنجازات كبيرة في الفعاليات الرياضية المحلية والدولية. تدعم المبادرة أيضا إصدار تشريعات لضمان وجود معالجين رياضيين مؤهلين في النوادي الرياضية والاتحادات.
إضافة إلى ذلك، تم إطلاق الأكاديمية الأولمبية الأردنية لتعزيز المبادئ والقيم الأساسية للحركة الأولمبية، وتقديم برامج تعليمية و تدريبية لرفع كفاءة العاملين في القطاع الرياضي، مما يساهم في تحسين الاقتصاد والمجتمع من خلال الرياضة، إذ تأتي هذه المبادرات الدائمة كدليل واضح على دور اللجنة الأولمبية بتحسين الواقع الرياضي في الأردن
وبحسب اللجنة الأولمبية الأردنية بما يتعلق بالإنجازات بالرياضات المختلفة وبغض النظر عن التألق الذي شهدته كرة القدم الأردنية، فقد حققت الأردن نجاحات بارزة في العديد من الرياضات المختلفة، مثل التايكواندو والجوجيتسو، حيث حصد اللاعبون الأردنيون ميداليات متنوعة في البطولات الإقليمية والدولية، مما يعكس الجهود المبذولة لدعم الرياضيين الشباب وتطوير مهاراتهم في مختلف القطاعات الرياضية، مما يدل على الاهتمام الكامل بمختلف أنواع الرياضات الشبابية في الأردن بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية من وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب بالطبع.
بحسب محمد وأنس تشكل الرياضة وسيلة مهمة لتحقيق التنمية والتطور للشباب في الأردن، لكن الواقع الحالي يشير إلى وجود تحديات كبيرة تتطلب حلولًا جذرية، من خلال بناء شراكات استراتيجية، وتعزيز وعي الجمهور، وتوفير الدعم اللازم للرياضيين منذ بداية مسيرتهم، يمكن تحسين الوضع الرياضي في الأردن وخلق بيئة أفضل للشباب لتحقيق طموحاتهم الرياضية. الاستثمار في الرياضة ليس فقط استثماراً في الصحة البدنية، بل هو أيضاً استثمار في تنمية المجتمع وتطوير الأجيال القادمة، علينا جميعًا أن نعمل معًا لتحقيق مستقبل رياضي مشرق للشباب الأردني، وهو ما تُعبر عنه الجهات الرياضية في الأردن أن الواقع الرياضي الأردني في تحسن مستمر واضح وملحوظ في السنوات الأخيرة.