الأرجيلة: من تسلية إلى إدمان بين الشباب الأردني

الرابط المختصر

" على مدار 16 سنة وانا استخدم الأرجيلة يوميا، بحس براحة نفسية، وكأنه ناقصني شي لما ما يدخنها بعصبية وبحس حالي مو مو مرتاح " قال الشاب عمر طلافحة الذي كان متواجدا في  أحد المقاهي، معترفا أن هذه العادة  أثرت على صحته ، وأصبح مؤخرا  يشعر بالتعب وضعف المناعة، وأصيب بالفعل بالتهاب القصبات المتكرر، مؤكدا على ندمه الشديد لاستخدامها.

التقينا عمر  خلال  جولة لعدد من المقاهي الشعبية  الذي كان غالبية روادها من  الشباب الذين يدخنون الأرجيلة، ومنهم جامعيون وموظفون في قطاعات مختلفة، وعدد كبير من الشابات، بينهن أمهات وحوامل.

يقول هشام بني عيسى"33" بدأت بتدخين الأرجيلة حتى اقدر اترك السجائر، لكن حاليا بلشت اصير عصبي وعندي صداع والتعب لما ما أأرجل " ويعترف أنه أصبح يشعر مؤخرا بالتعب وضيق التنفس.

النرجيلة ليست حلا للإقلاع عن السجائر

استشاري الأمراض الباطنية والصدرية الدكتور محمد الطراونة" أكد  أن  الأرجيلة والسجائر الإلكترونية لا يمكن أن تكون حلا للإقلاع عن التدخين، بل هي مسبب رئيسي لأمراض سرطانات الرئة والجهاز الهضمي والتنفسي، والانسداد الرئوي المزمن والربو القصبي، ومشكلات الجهاز التنفسي، وأنه كلما بدأ الشخص بالتدخين مبكرًا، زادت الأضرار والمضاعفات، لأن كفاءة الرئة تنمو حتى سن 25 أو 30 عامًا، ثم تبدأ بالانخفاض بعد سن الأربعين"

ومن جهة أخرى يرتبط التدخين بمعدلات الخصوبة ويعد من  العوامل المؤثرة في تأخر الإنجاب، وإن لم يكن سبباً مباشراً للعقم، بحسب الدكتور الطراونة الذي قال ل "صوت شبابي"  " يحتوي التدخين مواد سامة تؤدي دوراً غير مباشر في ضعف الخصوبة والقدرة على الإنجاب وبلوغ سن اليأس في سن مبكر"، موضحا " " التدخين وإن كان بمعدل متوسط، يؤثر في عملية إنتاج الحيوانات المنوية، والمقاسة بعدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي، إذ أنها عند  المدخنين أقل عن غير المدخنين بمعدل 13–17%، إلا أن هذا النقص يمكن تفاديه في حال التوقف عن التدخين الخصوبة"

 

غياب الرقابة

وأشار الدكتور الطراونة إلى أن  الترويج للتدخين غير مسيطر  عليه بكافة أشكاله، وخاصة "الأرجيلة"، في ظل غياب الرقابة، وأن وسائل التوعية لا تزال دون المستوى المأمول، ومن المهم حماية الفئات العمرية الصغيرة من هذه الآفة".

من المهم تفعيل قوانين الصحة العامة والاتفاقية الإطارية مع منظمة الصحة العالمية، للحماية من جائحة التبغ التي باتت تغزو المجتمع الأردني، بحسب الطراونة الذي قال " لا بد من تغليظ العقوبات والغرامات بالمنشآت ووسائل المواصلات، ورفع الضرائب على الدخان، لافتا إلى أنه إذا لم يتم وضع خطة لتقليل آثار التدخين على المجتمع، فإننا سندفع الثمن باهظا جراء التدخين.

 

وفقا لمنظمة الصحة العالمية " تعد أساليب التسويق المخادعة الشرسة التي يمارسها صانعي التبغ  في هذه الصناعة  فخا للشباب لتحقيق أرباح مدى الحياة من خلال إنشاء موجة جديدة من الإدمان، وقد أصبح الأطفال يتعاطون النرجيلة والسجائر الإلكترونية بمعدلات تفوق مثيلاتها بين البالغين في جميع الأقاليم،حسب ما ورد عن المجلس الأعلى للسكان.

عادة مجتمعية ضارة

ومن جهته، قال أمين السر في الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين محمد أنيس، ل "صوت شباب"  أصبح التدخين  عادة مجتمعية، وبخاصة الأرجيلة التي أصبح نشاط تتشارك به العائلات، بالإضافة إلى أن الأسعار المختلفة للمنتجات التبغ كافة مناسبة وبمتناول الجميع، ثم أن عدم الالتزام بالقوانين يعد سببا رئيسيا لارتفاع نسبة التدخين، والأشكال والأنواع والألوان المختلفة لمنتجات التبغ الذي يستخدمها صناعها في الترويج سبب رئيس في جذب المدخنين الشباب والأطفال".

وعن حملات الترويج الشرسة التي يستخدمها صناع التبغ، قال أنيس أنه يوجد اتفاقية تم توقيعها في عام 2005، التي تنص المادة الخامسة منها على الحد من تدخلات شركات التبغ في السياسات العامة، واصفا شركات التبغ  بأنها تظهر نفسها  "الحمل الوديع"، وتبادر للعمل مع الجمعيات الخيرية و وتنظم الحفلات وتقدم المساعدات ومنها مساعدة الطلاب، بهدف التقرب من المجتمع كليا، وجذب الشباب لاستهلاك منتجاتها" متهما  البلديات وأمانة عمان بالتقصير برصد المخالفات التي تتعلق ببائعي التبغ ومروجيه.

تجربة وتعلق ثم إدمان

وعن تأثير الأرجيلة من الجانب النفسي والإدمان ، أوضح الأخصائي النفسي والإدمان ، الدكتور حمزة الصمادي  أن استخدام الأرجيلة باتت ظاهرة شائعة بين الشباب في المجتمعات العربية، وهذه العادة تسبب الكثير من المشكلات الصحية والنفسية على الشباب، وقال ل"صوت شبابي" : قد يدمن الشخص على الأرجيلة إذا كان يستخدمها على نحو منتظم ومتكرر، يصبح الاعتماد عليها يمكن أن يتطور بسرعة أكبر مما يُعتقد، خاصة إذا كان الشخص يستخدمها يومياً أو عدة مرات في الأسبوع " مؤكدا أنها "تزيد من مستويات القلق نتيجة الاعتماد على النيكوتين، وتسبب الاكتئاب عند الانسحاب عن  النيكوتين، يسبب الإجهاد والتوتر حيث أن استخدام التبغ يمكن أن يتداخل مع النوم ونوعية الحياة"

 

وأشار الصمادي إلى علامات الإدمان على الأرجيلة والتي تتمثل بالرغبة الشديدة في تعاطيها بانتظام، وتعاطي الأرجيلة بمواقف وأوقات خطيرة "مثل تعاطي الاركيلة أثناء القيادة"، صعوبة التوقف عن تعاطيها على المدى القصير، ويحتاج المستخدم إلى كميات أكبر للحصول على نفس التأثير، تجاهل التأثيرات السلبية للاستخدام على الصحة.

التجربة والأقران والبيئة المحيطة

وذكر بدوره، دوافع الشباب لاستخدام الأرجيلة التي تتمثل، بالبحث عن التجربة والمغامرة، ويلجأ البعض إلى الأرجيلة كوسيلة لتخفيف التوتر والضغط النفسي، التقليد وقد يشجع وجود أقران أو أفراد الأسرة يستخدمون الأرجيلة على تجربتها، التأثيرات الثقافية والاجتماعية التي تشجع على هذا السلوك، ترويج وسائل الإعلام والتسويق لصورة إيجابية غير حقيقية للاستخدام(و هذا ما نشاهده بوضوح بالدراما العربية ) بالإضافة إلى البيئة المحيطة والأقران .

 

يُسبب التدخين سنوياً وفاة أكثر من (9,000) فرد أردني، نسبة (56%) من هذه الوفيات هي حالات وفاة مبكرة دون سن السبعين عاماً بحسب تقديرات وزارة الصحة 2020، وفقا للمسح الوطني التدريجي (لرصد عوامل الخطورة المرتبطة بالأمراض غير السارية) 2019.

 وتشير بيانات السجل الوطني للسرطان خلال الأعوام 2008 إلى 2022، إلى أن سرعة تزايد أعداد السرطانات المرتبطة بالتبغ تبلغ 164% ضعف سرعة تزايد أعداد السرطانات الأخرى.