العائق المادي يحول دون التحاق الطلاب السوريين بالتعليم الجامعي

الرابط المختصر

مع استمرار الأزمة السورية للعام الثالث عشر على التوالي لا زال الكثير من الطلاب السوريين في الأردن يواجهون عقبات وصعوبات شتى في متابعة تعليمهم العالي لعل على رأسها الجانب المادي في ظل تعقيدات عملية اللجوء، والسعي إلى سبل عيش جديدة، والحصول على وضع رسمي في البلد المضيف.

ولعل هذه المشكلة ليست مقتصرة على وضع اللاجئين في الأردن بل إن وصول اللاجئين إلى التعليم على مستوى العالم يعد منخفضًا بشكل محبط. وتتجاوز هذه القضية مجرد الوصول إلى التعليم، لتشمل الجودة والأهمية والارتباط بفرص أوسع نطاقًا.

وأدى إطالة أمد إقامة اللاجئين السوريين في الأردن إلى عدد من الإصلاحات واعتماد سياسات جديدة في مجال التعليم العالي، وقد نفذت خطة الاستجابة الأردنية، التي تم اعتمادها في عام 2015، مجموعة من السياسات التي تهدف إلى إدراج اللاجئين السوريين في التعليم العالي ، ولكن المشكلة ليست متعلقة بالتخطيط بقدر ما هي متعلقة بالطلاب أنفسهم وظروفهم المادية التي تقف حائلاً في أحيان كثيرة دون هذا الطموح. 

وفي إطار سعيها لتوسيع وتنويع فرص التعليم العالي والتعليم والتدريب التقني والمهني استضافت المفوضية في الأردن في عام 2022  أول طاولة مستديرة للمضي قدمًا لتسجيل 15 في المائة من طلاب اللاجئين في مؤسسات التعليم العالي بحلول عام 2030.

 وبعد هذا الجهد، أصبحت جامعة اليرموك في عام 2023 أول جامعة حكومية في الأردن تسمح للطلاب اللاجئين، بغض النظر عن أصلهم، بالدراسة في الجامعة مقابل نفس رسوم الطلاب الأردنيين.

 وتبع ذلك آخرون وهناك حالياً أربع جامعات خفضت الرسوم للطلاب اللاجئين. وبناءً على هذا التقدم، أنشأت المفوضية تحالف التعليم العالي مع شركاء متشابهين في التفكير لتنسيق وتسهيل وصول اللاجئين إلى التعليم العالي وفرص التعليم والتدريب التقني والمهني بشكل أفضل.

كما وقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مايو أيار 2023   مذكرة تفاهم مع جامعة اليرموك بهدف تسهيل وصول الطلاب اللاجئين إلى التعليم العالي في برامج البكالوريوس والدراسات العليا لهذه المؤسسة المرموقة من خلال الحد من الحواجز المالية.

وبفضل هذه المبادرة، سيتمكن آلاف الطلبة اللاجئين من مختلف الجنسيات من دراسة كل التخصصات من الهندسة المعمارية إلى القانون إلى الطب في جامعة اليرموك ابتداءً من الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2023-2024، وبرسوم أقل.

 كما أن إعفائهم من رسوم الطلبة الدوليين سيوفر لهم فرصة الدراسة بالسعر العادي (غير التنافسي) الأقل للطالب الأردني.

وتختلف تكلفة الدراسة الجامعية في الأردن بين الدرجات الأكاديمية المختلفة وبين الطلاب الأردنيين والدوليين. وتتراوح ما بين 4500 دينار أردني إلى 8000 دينار أرني، وتكون تكلفة الفروع العلمية أكثر من الفروع الأدبية بقليل.

قصة شهد

"أحمد حسن " شاب سوري في السابعة عشرة من عمره، يصف نفسه بأنه "مهووس بالدراسة "، وهو عازم على التعلم. وبعد فشله في اختبار اللغة الإنجليزية ذات مرة، قام بتعليم نفسه اللغة الإنجليزية في المنزل وهو الآن يتحدثها بطلاقة. 

ووصل أحمد إلى الأردن  مطلع تموز 2012  عندما كان في الخامسة من عمره وهو الآن في الصف الحادي عشر، السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية " التوجيهي" ويحلم  الشاب المتحدر من مدينة حمص السورية بالذهاب إلى الجامعة لدراسة الرياضيات، ولكن هذا الأمر يبدو صعب المنال لضعف الإمكانيات المادية لدى عائلته التي تعجز عن دفع الرسوم الدراسية وتنقلات ومصاريف أخرى، وهي نفقات لا يستطيع سوى قِلة من اللاجئين  تحملها.

وتقول الشابة اللاجئة "منار الرمضون" إن الدراسة متعبة جداً وخاصة في فترة التوجيهي التي تعتبر فترة مفصلية في حياة كل طالب بالأردن، وتشكل حاجزاً نفسياً أكبر من حجمها الطبيعي بسبب المجتمع المحيط. 

 ولمن يحالفه الحظ فعليا ويتخطى هذه المرحلة  من الشبان اللاجئين يجد نفسه  في دوامة الجامعة والقبول والموازي والمصاريف الهائلة ليكمل أربع سنوات من مسيرته الدراسية.

 وتضيف منار التي فقدت والدها قبل سنوات وتعيش وحيدة مع والدتها إن أقل تخصص يحتاج لآلاف الدنانير وبعد التخرج يجد الطالب أو الطالبة نفسيهما وهما يخوضان سوق العمل وقلة الفرص المتاحة إن وجدت، وقد يجدا نفسيهما يعملان في مجالات لا علاقة لها بدراستهما لتأمين لقمة العيش.

فجوة في التعليم

وقالت الطالبة السورية "جهينة" إن أغلب الطلاب السوريين في الأردن يعانون من عدم المقدرة المادية على دفع رسوم الجامعة، علاوة على أن الطالب السوري الذي يتمكن من الإلتحاق بالجامعة يدفع أكثر من رسوم التعليم الموازي بل الموازي الدولي أي بما يعادل الـ 5  أضعاف عن الطالب الأردني، وأي سوري يعيش ضمن ظروف اللجوء المعروفة غير قادر على تحصيل تكاليف هذه الرسوم. 

ولفتت جهينة إلى أن نسبة كبيرة من طلبة الثانوية العامة ينسحبون من الدراسة لعدم وجود أمل لديهم بدخول الجامعات فلا يتقدمون ولا ينجحون، إضافة إلى أن هناك فجوة بين المدارس المسائية المخصصة للاجئين والمدارس الصباحية التي يدرس الطلاب الأردنيون فيها فالأولى أضعف لناحية المناهج والتركيز والفائدة الدرسية .

 أما الشابة "عُلا أنور الناعس" التي لجأت مع عائلتها إلى الأردن من مدينة حمص عام 2012 فكان للحظ دوراً إيجابياً في حياتها الدراسية أكثر من زملائها، وتمكنت من تجاوز العقبات المادية ودرست الصيدلة في جامعة الزرقاء التي تخرجت منها في 8-2-2024 وتقول إن تمويل تعليمها الجامعي كان بمنحة موجهة للطلاب الذين يعانون من صعوبات مادية وغير قادرين على دفع رسومهم الدراسية، ومن دون هذه المنحة لم يكن بالإمكان أن تكمل تعليمها وتدرس في الجامعة نظراً للأوضاع المعروفة التي يعيشها اللاجئون وعدم وجود فرص عمل كمردود معيشي.

 وتضيف الصيدلانية المتخرجة حديثاً: "بعد التخرج واجهنا جميعاً كطلبة سوريين عقبة كبيرة وهي عدم قدرتنا على مزاولة المهنة مما يعني عدم السماح لنا بالعمل وفقا لقوانين المهنة وقوانين الدولة ولذلك فمعظمهم –حسب قولها- عاطل عن العمل أو يعمل في مجال بعيد عن مجال دراسته أو تخصصه. 

 وكشفت علا أن أغلب أصحاب العمل في مدينة المفرق حيث تعيش طلبوا منها شهادة مزاولة مهنة وحتى عندما اضطرت أن تبحث عن عمل بمجال ثان غير الصيدلة اصطدمت بانخفاض الأجور التي لا ترقى للحد الأدنى للأجور وهو  260 ديناراً أردنياً علاوة على ساعات العمل الطويلة والمنهكة. 

وكان مجلس نقابة الصيادلة الأردنيين أصدر في عام 2022  قراراً منع فيه تعيين الصيادلة غير الأردنيين، وأكد على كافة الشركات ومستودعات ومصانع الأدوية وأصحاب الصيدليات والجامعات الرسمية وشركات التامين الصحي عدم تعيين صيادلة غير أردنيين للعمل وممارسة مهنة الصيدلة وذلك لتأثير ذلك على فرص العمل المتاحة للصيادلة الأردنيين ورفع نسب البطالة بينهم وتحت طائلة المسؤولية القانونية حيث يعتبر ذلك مخالفة صريحة لنص القانون.

ويظل التوظيف الرسمي بين اللاجئين السوريين منخفضًا جزئيًا لأن 13 مهنة مغلقة تماماً و24 مهنة مقيدة لغير المواطنين.

 

إن التركيز على السوق الرقمية قد يساعد أيضًا في التخفيف من المشكلات الإدارية والقانونية المتعلقة بتصريح العمل. لا يتطلب السوق الرقمي تصريحًا خاصًا ببلد معين، وفي هذا الصدد، فهو حل ملموس في ضوء تصريح العمل غير المؤكد وخطط الإعادة/الهجرة المحتملة.

ويواجه الأطفال السوريون والأردنيون من ذوي الإعاقة عقبات شديدة في التعليم، مع وجود عدد قليل من المدارس العامة الشاملة والمتاحة. وكانت الأردن أول دولة عربية تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأقرت قانونًا لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يحمي على نطاق واسع على الورق، لكن استراتيجيتها الممتدة لعشر سنوات لجعل التعليم أكثر شمولاً تسعى إلى تسجيل 10 في المائة فقط من إجمالي عدد الأطفال في سن المدرسة من ذوي الإعاقة بحلول عام 2031. والأطفال السوريون من ذوي الإعاقة معرضون لخطر شديد من الاستبعاد من التعليم الثانوي، ولكن لم يتم جمع بيانات كافية حول هذه المجموعة المعرضة للخطر.

أضف تعليقك