الرحلة من المخيم إلى الأولمبياد: قصة لاجئ

الرابط المختصر

"حمل هذا العلم الخاص لفريق اللاجئين في حفل افتتاح أولمبياد باريس يعني الكثير لي" يحيى الغوطاني 20 سنه

في عالم مليء بالصراعات والأزمات الإنسانية، تبرز قصص الأمل والإصرار كمصدر إلهام للجميع. في زحمة التحديات، تتجلى قوة الإرادة والعزيمة في أشخاص يرفضون الاستسلام للظروف، ويسعون جاهدين لتحقيق أحلامهم رغم كل الصعوبات. واحدة من هذه القصص هي قصة الشاب السوري يحيى الغوطاني، الذي سطع نجمه في رياضة التايكواندو ليصبح رمزًا للأمل لكل اللاجئين حول العالم.


 

يحيى الغوطاني، شاب سوري يبلغ من العمر 20 عامًا، ينافس في رياضة التايكواندو في وزن 68 كغ مع فريق اللاجئين الأولمبي. يحمل العلم الأولمبي نيابة عن الفريق الأولمبي للاجئين التابع للجنة الأولمبية الدولية خلال حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 بكل فخر. يحيى هو الابن الأكبر لعائلة مكونة من سبعة أبناء. اكتشف لعبة التايكواندو بمحض الصدفة عن طريق صديقه في مخيم اللاجئين في الأردن، الذي أخبره عن دورة للتايكواندو أقامتها المؤسسة الإنسانية للتايكواندو في عام 2016. كانت تلك اللحظة نقطة تحول في حياة يحيى، حيث تعرّف على رياضة كانت لها الفضل في تغيير مسار حياته بالكامل.


 

يقول الكابتن عاصف صباح  مدرب يحيى لصوت شبابي "يحيى بدأ التدريب داخل مخيم الأزرق مع منظمة التايكواندو الإنسانية التابعة للاتحاد الدولي للتايكوندو حيث بداء معي من هناك و من ثم اكمل التدريب معي في مركز العاصف" ,  في أكاديمية التايكواندو بمخيم الأزرق في الأردن، يدرب عاصف صباح الرياضيين اليافعين السوريين على لعبة التايكواندو وعن يحيى قال : "عندما بدأ يحيى بالتايكواندو في عام 2016، كان فتى صغيراً، لا يتجاوز عمره 12 عاماً، وفي الدرس الأول، حاول أن يقدم أفضل ما لديه ليثبت إمكانياته " أظهر يحيى موهبة فذة في ممارسة هذه الرياضة، الأمر الذي دفعه للسعي للوصول إلى أعلى المستويات التي يمكن لأي رياضي أن يحلم بها. استطاع خلال خمس سنوات فقط أن يحقق مستوى الحزام الأسود الثاني، متحديًا كل ظروفه الصعبة. وبفضل دعم الاتحاد العالمي للتايكواندو، استطاع يحيى المشاركة في العديد من البطولات الدولية خارج الأردن. في مايو الماضي، خلال مهرجان الأمل والأحلام الرياضي الذي يستمر لثلاثة أيام، تحقق حلم يحيى، إذ تم اختياره لينضم إلى 36 رياضيًا من 11 دولة يتنافسون في 12 لعبة رياضية في دورة الألعاب الأولمبية ضمن الفريق الأولمبي للاجئين الذي اختارته اللجنة الأولمبية لدورة الألعاب في باريس عام 2024. كما تم اختياره لحمل العلم الرسمي للفريق خلال حفل الافتتاح.


 

الغوطاني يعكس عمق التحديات التي واجهها اللاجئون حول العالم، وكذلك الأمل والإصرار الذي يحملونه لتحقيق أحلامهم رغم الظروف القاسية. يحيى لم ينس من وقف بجانبه ودعمه في رحلته نحو الأولمبياد، مظهراً امتناناً عميقاً لأصدقائه وأفراد عائلته الذين كانوا سنداً له. حمل العلم في حفل افتتاح أولمبياد باريس يمثل رمزاً مهماً ليحيى، حيث إنه لا يحمل فقط علم الفريق، بل يحمل أيضاً آمال وتطلعات أكثر من 100 مليون لاجئ حول العالم. الأمر الذي يعكس مدى التزامه ومسؤوليته تجاه مجتمعه، ويبرز طموحه في إثبات أن اللاجئين قادرون على تحقيق إنجازات كبيرة في مختلف المجالات.



 

وهذا ما عكسه في تصريح سابق له، حيث قال: "حمل هذا العلم الخاص لفريق اللاجئين في حفل افتتاح أولمبياد باريس يعني الكثير لي. أشكر كل من ساعدني في رحلتي للأولمبياد من الأصدقاء والأهل. أنا سعيد جدًا بتمثيل أكثر من 100 مليون لاجئ حول العالم الذين اضطروا، مثلي، إلى الفرار من منازلهم. أنا ممتن جدًا للجنة الأولمبية الدولية على هذه الفرصة الخاصة، وأملي كبير أن نثبت للعالم ما يستطيع اللاجئون فعله، لأن لدينا طموحات كبيرة".


 

يحيى يظهر في تصريحه امتناناً كبيراً للجنة الأولمبية الدولية على الفرصة التي منحتها له ولزملائه اللاجئين، مؤكداً أن هذه الفرصة هي بمثابة منصة ليثبتوا للعالم ما يستطيعون تحقيقه. إنه يأمل أن تغير هذه المشاركة نظرة العالم للاجئين، ويثبت أن لديهم طموحات وأحلام كبيرة يمكنهم تحقيقها إذا ما أتيحت لهم الفرصة والدعم المناسبين.


 

وأضاف: "أنا أمثل مخيم الأزرق في الأردن، وكنت من أوائل اللاجئين المشاركين في بطولة العالم. عندما ارتديت الزي الرسمي كنت سعيدًا جدًا. كانت البدايات صعبة في المرة الأولى التي تدربت فيها، إلا أنني أعشق لعبة التايكواندو رغم صعوبتها، وأعتقد أن هذا الأمر جعلني قويًا أشعر بمزيد من الثقة بنفسي. أنا أمر بحياة صعبة، لكن الآن لدي الفرصة للقاء أشخاص من وسائل الإعلام يمكنني أن أشرح لهم ما يمر به اللاجئون. هدفي هو أن أكون في الألعاب الأولمبية، وهذا الحلم تحقق، وسأواصل العمل بجد أيضًا للمشاركة في أولمبياد لوس أنجلوس 2028".

أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية عن أول فريق للاجئين في مسعى لتعزيز الوعي بهذه القضية مع تدفق مئات الآلاف من الأشخاص من الشرق الأوسط وأماكن أخرى إلى أوروبا هربا من الصراعات والفقر.

حيث بدأ الفريق بمشاركة محدودة في دورة ريو دي جانيرو 2016، ووسّع حضوره في دورة طوكيو 2020، ليصبح في دورة باريس 2024 الفريق الأكبر والأكثر تمثيلاً ليمثل السكان النازحين الذين يتجاوز عددهم 100 مليون نسمة وخلال هذه البطولة، سيتنافس يحيى مع أفضل لاعبي التايكواندو في العالم للحصول على ميداليات في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس 2024، تحت شعار الفريق الأولمبي للاجئين التابع للجنة الأولمبية الدولية.


 

حياة يحيى بدأت بالتغير منذ أن غادر سوريا وهو في السابعة من عمره بسبب الحرب. هذا التغيير كان بإمكانه أن يكون سلبياً ومليئاً بالتحديات لولا أنه وجد أمامه شاباً بعزيمة حديدية وروح محبة للحياة، ليصبح أول لاعب يمثل مخيم الأزرق في بطولة العالم. هذا الحلم لم يتوقف عند حدود المخيم، بل يسعى يحيى إلى تحقيق المزيد من النجاحات وتمثيل اللاجئين في المحافل الرياضية العالمية.