اقتصاد الانتخابات: كيف تساهم الحملات الانتخابية في تحسين الأوضاع الاقتصادية للشباب

الرابط المختصر

"أنا أعمل في الحملات الانتخابية، خلال فترة الانتخابات يكون هناك طلب كبير على خدمات مثل توزيع المنشورات وتنظيم الفعاليات، جمع بيانات الناخبين أو حتى مرافقه المرشحين في زياراتهم للناخبين وتسجيل بياناتهم، وان كان هذا الامر يتطلب مني العمل لساعات طويلة وتحت ضغط كبير قد يكون مرهقًا أحيانًا بسبب العمل حتى ساعات متأخرة من الليل لضمان جاهزية التحضيرات والمواد الدعائية الا اني استغل فترة الانتخابات البرلمانية للحصول على دخل جيد يمكنني من تلبية احتياجاتي الشخصية"

بتول، شابة تبلغ من العمر 25 عامًا، تجد في فترة الانتخابات البرلمانية فرصة لتحسين وضعها المالي من خلال العمل المؤقت في الحملات الانتخابية.

تأتي الانتخابات البرلمانية في الأردن في وقت تشهد فيه البلاد ظروفًا اقتصادية صعبة، حيث تعاني من ارتفاع معدلات البطالة وتزايد التحديات الاقتصادية، في هذه الفترة الحرجة التي تحتاج فيها البلاد إلى حلول فعالة لتحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، تبرز الانتخابات كفرصة مهمة تتجاوز مجرد تحديد مستقبل السياسة الوطنية. فهي تمثل أيضًا فرصة لتحفيز الحركة الاقتصادية وتوفير فرص عمل مؤقتة للشباب، مما قد يسهم في تحفيز النشاط التجاري والاقتصادي في عدة قطاعات. حيث تفتح المجال أمام فرص اقتصادية واجتماعية متعددة، لاسيما من خلال مشاركة الشباب في الحملات الانتخابية، مما يساهم في معالجة قضايا البطالة وتحقيق تحسينات ملموسة في المشهد الإقتصادي.

هذا ما يؤكده فهد العلي (27)، شاب متعطل عن العمل يوضح إنه يلتزم بالعمل مع مرشحي الدورة الانتخابية المقبلة كعمل مؤقت يوفر له وللعديد من الشباب فرصًا مناسبة خلال هذه الفترة، وحتى انتهاء الانتخابات.

يشرح فهد أن فترة العمل مع المرشحين تمتد لنحو ستة أشهر، يتقاضى خلالها كل شاب أجرًا لا يقل عن 280 دينار شهريًا. تشمل المهام الموكلة لهم إعداد وتوزيع البرامج الانتخابية، تنظيم اللقاءات في القرى والبلدات، حشد الأصوات، تنظيم جداول الزيارات، إقناع الناخبين بالبرامج الانتخابية، وكذلك ترتيب وتجهيز الاجتماعات.

وأضاف فهد أن كل مرشح يحتاج إلى ما بين 15-20 شابًا وشابة للعمل ضمن حملته الانتخابية. هذا وتعتمد ساعات العمل على نشاط المرشح وتحركاته خلال فترة الترشح مما يشكل فرصة ذهبية لعدد من الشباب المتفرغ

ومن جهة أخرى فإن الإنفاق المرتبط بالحملات الانتخابية يدفع عجلة الاقتصاد من خلال زيادة الطلب على السلع والخدمات. وهذا بدوره يمكن أن يعزز من مستوى النشاط التجاري اذ تسهم هذه الديناميكية في تحسين الظروف الاقتصادية على نطاق أوسع، حيث يتمكن المزيد من الشباب من الحصول على وظائف مؤقتة أو بدوام جزئي، مما يساهم في وتحسين مستوى المعيشة.

ونتيجة لهذه الحالة تبنت بعض الأدبيات مفهوم اقتصاد الانتخابات الذي يشير إلى التأثيرات الاقتصادية التي تطرأ على المجتمع والاقتصاد خلال فترات الانتخابات، سواء كانت محلية أو وطنية. يتضمن هذا المفهوم التدفقات المالية والأنشطة الاقتصادية التي تنتج عن الحملات الانتخابية، مثل الإنفاق على الدعاية، والإعلانات، والفعاليات الانتخابية، والمواد المطبوعة، والخدمات اللوجستية.

 

يقول رأفت العربي (32سنه): "تعتبر فترة الانتخابات من أكثر الفترات ازدحامًا ونشاطًا بالنسبة لمطبعتنا. نبدأ في استقبال الطلبات من المرشحين والأحزاب السياسية قبل أشهر من بدء الانتخابات، حيث يحتاجون إلى كمية كبيرة من المواد المطبوعة للدعاية الانتخابية. هذا الارتفاع في الطلب يساعدنا في تحقيق أرباح جيدة تمكننا من تحسين معداتنا وتوسيع أعمالنا".

ويضيف رأفت: "بالإضافة إلى زيادة الدخل، توفر فترة الانتخابات فرص عمل مؤقتة للشباب. خلال هذه الفترة، نقوم بتوظيف عدد أكبر من العمال المؤقتين لمساعدتنا في تلبية الطلبات المتزايدة. هذا لا يساعد فقط في توفير فرص عمل للشباب، بل يساهم أيضًا في اكتسابهم خبرات جديدة في مجال الطباعة والتصميم".

يشير رأفت إلى أن الانتخابات لا تقدم فقط دفعة اقتصادية مؤقتة، بل تساعد أيضًا في تعزيز العلاقات مع العملاء الجدد.

يقول: "من خلال التعامل مع مختلف المرشحين والأحزاب، نبني علاقات عمل جديدة يمكن أن تستمر حتى بعد انتهاء الانتخابات. الكثير من العملاء الذين تعاملنا معهم خلال الفترات الانتخابية يستمرون في العمل معنا في مشاريع أخرى، مما يساعد في استدامة أعمالنا"

وفي حديث صوت شبابي مع الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخابات السيد محمد خير الرواشدة حول التفاعل بين العملية الانتخابية والأنشطة الاقتصادية المصاحبة لها، وما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية على المجتمع ككل قدم الرواشدة وجهة نظره حول الأبعاد الاقتصادية لفترة الانتخابات، حيث قال: "هذا موسم له أبعاد اقتصادية هناك تدفق لأموال الحملات الانتخابية في عدة قطاعات، وهذا من شأنه أن يخلق حركة تجارية قد تنعكس بشكل أو بآخر على حياة الناس وبمستويات متفاوتة وهذا ما بات يعرف باقتصاد الانتخابات"

ومع ذلك، يشدد الرواشدة على أهمية الالتزام بالإطار الأخلاقي خلال هذه الفترة. فبالرغم من الفوائد الاقتصادية، يجب أن تكون هناك مراعاة للقيم والأخلاقيات لضمان أن تكون الانتخابات وسيلة لتحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل نزيه ومنظم.

حيث أضاف مؤكدا " فتره الانتخابات يمكن اعتبارها موسما أتمنى أن يكون منظمًا وأن تستفيد منه معظم القطاعات، وأن يكون هناك أيضًا التزام بالإطار الأخلاقي لمثل هذه المواسم أكثر من الالتزام ببنود القوانين والتعليمات النافذة."

هذا يسلط الضوء على أهمية التوازن بين الفوائد الاقتصادية والأخلاقيات في العملية الانتخابية. في ظل التحديات الاقتصادية التي يوجهها البلد، تعتبر الانتخابات فرصة لتوجيه الجهود نحو تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية، ولكن ذلك يتطلب تطبيق المبادئ الأخلاقية لضمان استدامة النتائج الإيجابية. لذا، فإن الالتزام بالإطار الأخلاقي، كما أشار الرواشدة، يعدّ حجر الزاوية لتحقيق نجاح الانتخابات كموسم اقتصادي فاعل ومفيد للجميع.

في حين أن العديد من الشباب يستفيدون اقتصاديًا بشكل مباشر من خلال العمل مع المرشحين خلال فترة الانتخابات، هناك فئة أخرى تستفيد بشكل غير مباشر من خلال الخبرة والتجربة والتمكين وبناء العلاقات، وهم المتطوعون.

حيث بلغ عدد المتطوعين حسب إحصائيات الهيئة المستقلة للانتخاب في كافة مراحل العملية الانتخابية منذ العام 2013 ما يقارب (35000) متطوع ومتطوعة وقد بلغت نسبة الاناث (45%)

المتطوعون لا يحصلون فقط على تجربة ميدانية تثري سيرهم الذاتية، بل يتمكنون أيضًا من بناء شبكة علاقات واسعة يمكن أن تفتح لهم أبوابًا جديدة في المستقبل. كما يعزز العمل التطوعي لدى الشباب من فهمهم لآليات العملية الانتخابية ويتيح لهم فرصة للمساهمة في تعزيز نزاهة العملية الديمقراطية.

إذن، بينما توفر الانتخابات فرص عمل مؤقتة مباشرة للشباب، فإن المتطوعين يحصلون على فوائد غير مباشرة من خلال تطوير مهاراتهم، اكتساب الخبرات، وبناء علاقات مهنية يمكن أن تساهم في مسيرتهم المهنية على المدى الطويل.


في الختام، تبرز الانتخابات البرلمانية كفرصة استراتيجية تدعم الاقتصاد وتوفر فرص عمل مؤقتة للشباب في أوقات التحديات الاقتصادية. سواء من خلال العمل مع المرشحين أو التطوع، يستفيد الشباب من تجربة قيمة تساهم في تحسين أوضاعهم المالية وتطوير مهاراتهم. كما تسهم الانتخابات في تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز استدامة الأعمال. إن التوازن بين الفوائد الاقتصادية والالتزام بالأخلاقيات يضمن نجاح العملية الانتخابية كموسم اقتصادي مثمر ومفيد لجميع الأطراف.