الحاجة اهم من القومية...قصة لاجئين سودانيين في الاردن

الحاجة اهم من القومية...قصة لاجئين سودانيين في الاردن
الرابط المختصر

تحاول 15 امراة سودانية التحرك داخل غرفة اسمنتية بحجم 6 متر * 8 متر.

 

يضعن كراسٍ ويخرجن كراسات اللغة. غطاء الرأس ذات الألوان البراقة تضيء غرفة ذات الشباك الوحيد فيما يتنقل الأطفال بين الكراسي مع بدء حصة اللغة الانجليزية.

 

 

غالبية السيدات السودانيات من دارفور وهي منطقة شهدت قتال شرس بين الحكومة السودانية والمعارضة المسلحة.

 

 

وفيما تنتظر العائلات قرارت اعادة التوطين أو المساعدات تتوفر لتلك السيدات فرصة الاستفادة من الوقت الفارغ بتعلم اللغات.

 

"لنعيد تعداد الأرقام" قالت ميرال وهي تقوم بالبدء بالحصة مدتها ساعتان في الأسبوع. ميرال وعمرها 28 مصممة جرافيك اردنية  بدأت قبل شهران بالتطوع في تعليم اللغات من خلال مؤسسة سويان وهي مؤسسة مجتمع مدني محلية. "قبل ان تطلب مني دينا المؤسسة المشاركة ل سويان ان اعلم لم اكن اعرف بوجود لاجئين سودانين في حارتنا او مدى صعوبة حياتهم اليومية."

 

 

يوجد الآن حوالي أربعة آلاف لاجئ سوداني مقيم في عمان، معظمهم يعاني من فقر وتمييز من قبل جيرانهم العرب.

 

فالسودانيين هربوا من حرب أهلية في بلادهم وجاءوا من مناطق ريفية الى منطقة سكنية مكتظة ولا يحق لهم العمل ويسكنون في منازل ذات اجرة عالية وفي نفس الوقت هناك محاولة مجتمعية لشيطنتهم.

 

 

وفي مجال توزيع المساعدات في الأردن من قبل الحكومة والمؤسسة الدولية  للاجئين فمن المؤكد ان اللاجئ السوري له الاولوية. هذا الأمر ترك الاقليات من اللاجئين بمثابة منسيين. "مشكلة اللاجئين السودانيين هي ان مؤسسات الاغاثة قد نسيتهم وتركتهم بدون اي اهتمام يذكر" تقول دينا بسلان المؤسسة المشاركة ذات ال 32 عام في  جمعية سويان. "يجب ان يتم اعطاء اولوية الحاجة قبل القومية."

 

لم تكن  مشكلة السودانين في الاردن مرتبطة بمؤسسات الاغاثة بل بالمجتمع الدولي ككل والذي وضع قضيتهم على الرف. فمنذ 2003 خلق النزاع في السودان ملايين اللاجئين. مارتا رودس منسقة الأمم المتحدة في السودان تقول ان مؤسسات الاغاثة تعاني من تعب وإرهاق.

 

مشكلة السودانين ليست محصورة في موضوع الاغاثة. فقضيتهم غائبة كليا عن الإعلام. كريم وعمره 26 وأبو راحم ذوي 30 عام كلاهم لاجئين سودانيين يجتمعون في مقهى يملكه سوداني ذوي الاربعين عام والذي كان يعمل في دارفور كصحفي. زجاجات الشاي تتطرق مع طاولات الخشب في غرفة اسمنتية قليلة الأثاث.

 

 

"في السودان تسيطر الحكومة على مدار الساعة بما يمكن مشاهدته،" يقول المواطن سوداني ذات الاربعين عام. "لقد استخدمت الحكومة السودانية السلاح الكيماوي عدة مرات اسوء بكثير من سوريا ولكن لم نسمع شيء عن ذلك في الاعلام." ويستمر في المقارنة بالقول ان "الوضع في سوريا ارحم بكثير من وضعنا," يعلف ابو راحم.

هناك حاجة واضحة لوضع اللاجئين غير السوريين في الأردن. ولكن بما ان معظم المساعدات الدولية التي تصل الى الاردن مخصصة للسوريين فان قدرة المؤسسات الاغاثية لمساعدة غير السودانيين محدودة جداً.

 

"المجتمع الدولي يجب ان لا ينسى الآخرون،" تقول بسلان. "لو تركوهم سنشهد عملية ابعاد جماعي وهو ما حدث في 18 كانون اول عام 2016. يجب ان نستمر في نشاطاتنا ومطالباتنا بمساعدة اللاجئين والا سيحدث الابعاد الجماعي مرة اخرى."

 

ومن اجل ان يتم ابقاء الحاجة معروفة, تحاول مؤسسة سيوان مساعدة المجتمع السوداني بشكل كامل بدل من فقط مساعدة اللاجئين. يتركز اهتمام المؤسسة على مساعدة السودانيين والصوماليين والاردنيين بشكل متساوي. تقول بسلان ان الاردن لن يشهد تحسن في وضع السودانيين بدون تحسن وضع الدولة المستضيفة.

 

 

منيرة انتقلت من دارفور في السودان عام 2014 الى عمان لأسباب طبية. مؤسسة سيوان ساعدت منيرة ذات ال 49 عام ماليا لتغطية نفقات معالجة زوجها الطبية. وتقوم منيرة بزيارة مؤسسة سيوان اسبوعين لالتقاء الاصحاب والتحدث مع الاصدقاء وابناء مجتمعها. "تأخذنا دينا لرحلات," تقول منيرة. "كنت مريضة وبقيت في البيت في الفراش ولكن دينا اصرت ان اشارك بقولها انه علينا تغيير المناظر التي نراها يوميا. تقوم دينا بزيارتنا وتساعد في نفقات علاج زوجي. لم تاتي دينا لمرة واحدة بل جاءت عدة مرات ودرسة الموضوع بشكل كلي قبل ان تساعدنا." تقول منيرة ان هناك مؤسسات اخرى تزور السودانيين وتقدم مساعدات لمرة واحدة او لشهر او للصيف وثم تختفي. "نحن نبحث عن عمل وننتظر بفارغ الصبر عن اخبار إعادة التوطين".

 

يقول مهاج وهو لاجئ سوداني شاب عمره 25 عام ويسكن في الاردن لمدة خمس سنوات مع خدمة مؤسسة اليسوعيين والتي توفر مساعدات وتدريب للاجئين من جنسيات مختلفة. "اعتقد ان ما يصل للسودانين هنا هو حوالي 5% من مجمل ميزانية المؤسسة المخصص للاجئين."  ويسرد انه انتقل من سجن الى سجن اخر. "اصبحت الاردن سجن لنا بدون امل وبدون مساعدة," يقول السوداني ذوي 26 عام الذي انتقل الى الاردن قبل خمسة أعوام.

 

 

من الضروري ان يتم وصول المعونات حسب الحاجة وليس حسب القومية  ويجب مساعدة جميع السودانيين بدل من عدد محدود من اللاجئين فإن المجتمع السوداني في الاردن سيتضرر.

 

 

ولكن ولغاية ان يتم ذلك ستستمر مؤسسات الاغاثة بشق الطريق الصعب لخلق آليات لدمج مساعدة السودانيين والاردنيين حسب الحاجة وليس حسب الجنسية.

 

·       الكاتبة طالبة إعلام جامعية  متطوعة من الولايات المتحدة في الاردن

 

 

 

أضف تعليقك