خدمات مصرفية تقتحم الخصوصية المالية للصم وتعيق إدماجهم مجتمعيًا

الرابط المختصر

تفاجأت مترجمة لغة الإشارة (الصم والبكم) علا علاونة عند دخولها فرعًا لأحد البنوك في المملكة بحالة من اللغط والاستياء في المكان بسبب تواجد عدد من الأشخاص الصم  الذين كانت ترافقهم لإتمام معاملات مصرفية وعدم قدرة الموظفين على التعامل معهم وإنجاز معاملاتهم.

تقول علاونة، صدمت من تعامل موظفي البنك مع الصم المتواجدين هناك فبادرت لإنهاء المشكلة بالترجمة بين الجانبين وعند طلب الموظفين إحضار شهود رفضت ذلك وأكدت لهم بأن تعليمات البنك المركزي تمنع طلب الشهود ويكتفى بأوراقهم الثبوتية.

علاونة تؤكد حق ذوي الإعاقة السمعية وذوي الإعاقة بشكل عام في الوصول لخدمات مصرفية تحفظ خصوصيتهم وتمنع استغلالهم أو الاحتيال عليهم من قبل أي كان فهم أشخاص طبيعيين ويمارسون حياتهم ولهم إنجازات ونجاحات يشار لها، فالمجموعة المرافقة لها كانوا يستعدون لتمثيل الأردن في فعالية دولية وليس من اللائق التعامل معهم بهذه الطريقة لما له من أثر سلبي على إدماجهم اجتماعيًا ومشاركتهم في الحياه العامة كأفراد طبيعيين وانتهاك لخصوصيتهم المالية بوجود شهود عند كل معاملة مصرفية.

التعامل معهم بحقوق كاملة

بحسب تقرير دائرة الإحصاءات العامة لتعداد السكان والمساكن 2015، بلغ عدد الصم في الأردن من مختلف الأعمار نحو 182 ألفًا فيما تؤكد تقديرات غير رسمية ارتفاع العدد لنحو 250 ألف شخص، بالتزامن مع عدم توفر بيانات حديثة حول عددهم الكلي وتوزيعهم الجغرافي ومشاركتهم في سوق العمل ومستواهم التعليمي لعدم تنفيذ أي مسوحات أو إحصاءات بعد العام 2015 ما يعيق التعرف لعددهم واحتياجاتهم بحسب مدير مديرية الوصول والتصميم الشامل في المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة، رأفت الزيتاوي.

الزيتاوي أكد ضرورة إلتزام البنوك بتعليمات البنك المركزي بتقديم الخدمات  لذوي الإعاقة وتدريب موظفيهم على ذلك وعدم التمييز بينهم وبين الآخرين ومنحهم حقوق كاملة وقبول توقيعهم دون اشتراط معرفين وانتهاك خصوصيتهم وإطلاع الآخرين عليها بحجة الإعاقة.

دعا الزيتاوي البنوك لتوفير مترجمين لغة الإشارة في فروعهم أوتوفير تطبيق المترجم الفوري بلغة الإشارة للمساهمة في تسهيل معاملاتهم وإدماجهم بسوق العمل خصوصًا مع ارتفاع نسبة ذوي الإعاقة، وتوثيق المعاملات المصرفية التي يقومون بها بالصوت والصورة والاحتفاظ بها لمدة زمنية محددة، منعاً للتلاعب وفقًا لأحكام القانون واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.


تعليمات لا تنفذ

الناشطة في الدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة روان بركات قالت أن تعليمات الخدمات البنكية للأشخاص ذوي الإعاقة رقم(18) لسنة 2018 حظرت على البنوك الإمتناع عن تقديم أي خدمة بنكية للأفراد على أساس الإعاقة، وأمهلتهم عامًا من تاريخه لتنفيذها إلا أن هذه التعليمات لا تنفذ في كثير من الأحيان إما لعدم معرفة الموظفين بها أو لعدم تهيأتها بشكل مستمر من قبل البنوك (الاستدامة) ما يعرض ذوي الإعاقة لانتهاكات جسيمة كالحق في الخصوصية المالية والتمييز السلبي تجاههم باعتبارهم أشخاص غير مسؤولين عن تصرفاتهم.

 توضح بركات، وهي من ذوي الإعاقة البصرية، أن مشكلات التعامل المصرفي لا تقتصر على الصم والبكم وأنها تهدد النشاط المالي لذوي الإعاقة بمختلف فئاتهم فالعديد منهم يتعرضون لمشكلات في البنوك ترتبط أساسًا بحقهم في التعامل المصرفي كأي شخص آخر ومنعهم من ممارسة حقهم في إدارة أموالهم وممارسة نشاطات اقتصادية تسهم في زيادة نسب تشغيلهم وإدماجهم في سوق العمل.

وتقول أنها في أحد الأيام "تفاجأت باتصال هاتفي من أحد البنوك في الأردن يدعوها فيه لإغلاق حسابها لديهم وسحب نقودها، لعدم وجود بطاقة تعريفية من المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة، أو تقرير طبي من لجان يثبت حالتها" وطالبوها بإحضار شاهدين في الوقت الذي أقرت تعليمات البنك المركزي حق ذوي الإعاقة بالخصوصية وأوجبت على البنوك اعتماد توقيعهم بالشكل الذي يختارونه سواءً كان بصمة أو إمضاء أو ختم دون اشتراط الشهادة.


ملتزمون بإنفاذ القانون

مدير عام جمعية البنوك الدكتور ماهر المحروق أكد على التزام البنوك بتوفير خدمات مصرفية ميسرة وآمنة لذوي الإعاقة على اختلافها وأن جزء كبير من البنوك يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار إنفاذا للقانون وضمانات الجودة .

وفيما يتعلق بحماية الخصوصية المالية لهم أفاد بأن البنوك حريصة على حفظ حقوق ذوي الإعاقة وصون خصوصيتهم باستخدام أفضل برامج الأمن والحماية لحساباتهم وتعاملاتهم المالية وأن التكلفة المالية ليست عائقًا لاستمرارية تقديم الخدمات لهذه الشريحة فما تنفقه البنوك على المسؤولية الاجتماعية يفوق ذلك بكثير على حسب قوله. 

وعن نسبة البنوك المهيئة لذوي الإعاقة بين المحروق أن تعليمات البنك المركزي ألزمت البنوك بتوفير ما لا يقل عن 10 في المئة من مبانيها لتكون ملائمة للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة لتوفير شروحات إلكترونية تقدم للعميل عند الطلب من خلال وسائط متعددة تلائمهم، مبديًا استعداد الجمعية للتعامل بشكل فوري وعاجل مع أي شكاوى بهذا الخصوص.

تكفل المعايير الدولية حقوق ذو الاحتياجات الخاصة، وخاصة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادق عليها الأردن عام 2008، ونشرت في الجريدة الرسمية، وتقضي المادة (12) منها بالاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على أساس المساواة مع الآخرين أمام القانون، إضافة إلى حق اللجوء للقضاء وفقا لأحكام المادة (13) من الاتفاقية.".

كما كفل الدستور الأردني حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الفقرة الخامسة من المادة (6)، وتنص على أن "يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال".

 

أضف تعليقك