البرنامـج النووي.. الواقع والصعوبات
حددت إستراتيجية هيئة الطاقة الذرية الأردنية عام 2018 كموعد لتشغيل أول محطة نووية للطاقة قادر على توليد حوالي 1000 ميغاواط من الكهرباء.
وقد عمل الأردن على تطوير إستراتيجية خاصة بالطاقة النووية منذ العام 2001؛ حيث تهدف الإستراتيجية إلى توليد الطاقة الكهربائية من خلال المفاعلات النووية لتلبية الطلب المتزايد على الحمل الكهربائي ولتحليه المياه.
واستكمالاً لتطبيق رغبة الأردن في امتلاك برنامج نووي سلمي، تم إصدار قانون الطاقة النووية في عام 2007؛ حيث تم بموجبه تأسيس "هيئة الطاقة الذرية"، والتي تهدف حسب المادة (4) من قانون رقم (42) لعام 2007: "نقل الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتكنولوجيا الإشعاع إلى المملكة وتطوير استخدامها وإدامتها، إضافة إلى إقامة المشاريع الاستثمارية لخدمة الاقتصاد الوطني في مجال تكنولوجيا الإشعاع والطاقة النووية واستخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه وللمجالات الزراعية والصناعية والطبية ولأي أغراض سلمية أخرى يحددها المجلس".
ويتكون البرنامج النووي الأردني من مشروعين رئيسيين بحسب الهيئة:
1. مشروع إنشاء محطة الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وإزالة ملوحة المياه باستخدام المفاعلات النووية.
2. مشروع استغلال الثروات النووية الطبيعية الموجودة في الأردن وعلى رأسها اليورانيوم.
وتشتمل الخطة طويلة الأجل للبرنامج النووي على أربعة مفاعلات نووية للطاقة السلمية خلال العقدين القادمين والتي لن تولد احتياجات الأردن من الطاقة الكهربائية فقط، بل ستمكنه أيضا من تصديرها للدول المجاورة.
مؤيدون ومعارضون
بحسب هيئة الطاقة الذرية فإن المشروع يهدف لتوفير الطاقة الكهربائية الكبيرة اللازمة لمشاريع تحلية المياه لخفض العجز في مصادر المياه البالغ حاليا 500 مليون متر مكعب سنويا.
كما يهدف للخروج من حالة الاعتماد الكلي على النفط والغاز المستوردين والذي تبلغ فاتورتهما السنوية أكثر من 4 مليارات دولار والتي أثبتت السنوات الماضية عدم استقرار مصادر التزود بهما وتقلب أسعارهما.
وفي الوقت نفسه، يهدف البرنامج على المدى البعيد لحماية المملكة من تقلبات أسواق النفط والغاز والتي تشكل استيراداتها أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، والتي يتم إنفاقها لشراء أكثر من 95% من احتياجات المملكة من الطاقة.
ويرى بعض المتحمسين للبرنامج النووي بأن هنالك تقديرات تشير إلى وجود 70 ألف طن من اليورانيوم مخزونة في باطن الأرض، إضافة إلى وجود تراكيز لليورانيوم في وسط الأردن مثل الزركونيوم والفانيديوم، فضلاً عن اختلاط الفوسفات بكميات كبيرة من اليورانيوم الذي سيتم إنتاجه فيما بعد، والذي يزود المملكة بالطاقة الكهربائية اللازمة لمدة زمنية تصل من 30-40 سنة قادمة من المقرر أن تنتجها المفاعلات النووية الأردنية الأربعة.
وذلك بالإضافة إلى أنها تعتبر مصدراً نظيفاً للبيئة مقارنة مع المصادر الاخرى كالفحم والنفط والتي تطلق ملوثاتها إلى الهواء مباشرة، كما أن الطاقة النووية اكثر سلامة من المصادر الاخرى طالما تم التعامل معها بطرق صحيحة وملائمة، إضافة إلى أن كمية قليلة من اليورانيوم قادرة على انتاج كميات هائلة من الطاقة.
إلا أن هنالك بعض المعارضين لهذا البرنامج؛ حيث يرى عدد من الخبراء الأردنيين أن الأفضل للأردن أن يتجه لاستغلال الطاقة الشمسية والرياح لتوليد الكهرباء وأن يتجه لتحلية مياه البحر من خلال وسائل غير نووية، نظراً لكونها أقل كلفة وأفضل للبيئة، كما أنها لا تشكل أية مخاطر مستقبلية على الأردن ودول المنطقة التي تعرف بأنها من أكثر مناطق العالم اضطراباً.
كما أن تنفيذ هذا البرنامج من وجهة نظر المعارضين له يتطلب موارد مالية وفنية ذاتية وبيئة قانونية ومالية دولية، وهي غير متوفرة في الأردن حتى الآن.
ويرى المعارضون أن تكلفة إنشاء محطة نووية هي 1500 دولار لكل كيلو واط وهكذا فإن تكلفة إنشاء محطة بقدرة ألف ميغاواط هي 1.5 مليار دولار وهو مبلغ ضخم من الصعب تخيل تنفيذه بدون مشاركة القطاع الخاص، ناهيك عن الأخطار البيئية لإنشاء المفاعلات النووية، وعجز الدولة عن التخلص من النفايات النووية، وعجزها عن إدارة المفاعلات بطريقه دقيقة تحول دون تسرب إشعاعي منها.
التفاعلات الاقليمية حول البرنامج النووي
أما بالنسبة للتفاعلات الإقليمية حول البرنامج النووي الأردني؛ فقد أبرم الأردن اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع عدد من الدول في سبيل حشد الدعم للمضي في تنفيذ البرنامج النووي الأردني وفتح مجالات التعاون النووية ونقل الخبرات حيث عقدت الهيئة اتفاقيات مع كل من فرنسا والصين وكوريا الجنوبية وكندا وروسيا وبريطانيا والأرجنتين ومذكرات تفاهم مع كل من الولايات المتحدة واليابان ورومانيا.
فيما يلقى البرنامج النووي الأردني معارضة وشجب إسرائيلي؛ وهو ما أكده الملك عبد الله الثاني في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية بأن اسرائيل تعمل على "إعاقة" البرنامج النووي السلمي الاردني.
وأكد الملك أن اسرائيل تمارس ضغطاً على بعض الدول التي أعلنت تعاونها مع الأردن في هذا الشأن لاعاقة اي شكل من التعاون.
الشراكات المتعاقد معها بخصوص البرنامج النووي
يشار إلى أن الأردن وفرنسا قد وقعا في عام 2008 اتفاقية تقوم بموجبها شركة أريفا AREVA الفرنسية حقوق استكشاف واستخراج اليورانيوم في منطقة وسط الأردن ضمن مساحة تبلغ حوالي 1400 كيلو متر مربع بمساعدة المملكة في استكشاف واستخراج اليورانيوم؛ حيث نصت الاتفاقية على إنشاء شركة أردنية فرنسية .
وتم تأسيس شركة ائتلاف صغرى بين الشركة الأردنية لمصادر الطاقة وشركة أريفا وهي الشركة الأردنية الفرنسية للتعدين عن اليورانيوم ( JFUMC ) لمتابعة موضوع الاستكشاف والتعدين في وسط الأردن.
إلا أن الحكومة قد رفضت مؤخراً الطلب المقدم من الشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم بخصوص تمديد فترة التوقف طويل الأمد لاتفاقية التعدين الموقعة بين الجانبين على ما افادت به هيئة الطاقة الذرية الأردنية.
وقالت الهيئة أن الرفض جاء إثر أمور تتعلق بشروط عقد الاتفاقية بين الحكومة والشركة ومنها تقديم الشركة تقريرا فنيا عن أعمالها حسب الجدول الزمني المحدد بستة وثلاثين شهرا من تاريخ توقيع اتفاقية التعدين.
وكانت الشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم أعلنت في نهاية شهر أيار الماضي بأن احتياطي خامات اليورانيوم في وسط الأردن يزيد على 20 ألف طن.
فيما تم تأسيس الشركة الأردنية لمصادر الطاقة (JERI) كشركة مملوكة بالكامل لهيئة الطاقة الذرية الأردنية وبرأسمال قدرة مئة مليون دينار أردني، وهي مسؤولة عن أعمال التنقيب واستكشاف اليورانيوم والمواد النووية الطبيعية الأخرى في الأردن.
وتم تأسيس شركة ائتلاف كبرى وهي الشركة النبطية للطاقة بين هيئة الطاقة الذرية الأردنية وشركة أريفا الفرنسية (Nabattean) برئاسة رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية ومجلس إدارة مؤلف من خمسة أعضاء منهم ثلاثة أردنيين وفرنسيين اثنين.
هذا وقد أعلنت الأردن رغبتها في امتلاك برنامج نووي سلمي في عام2001، وذلك بالنظر لما تواجهه الأردن من تحديات تتبلور في الطلب المتزايد على الطاقة، ونقص مصادر الطاقة المحلية؛ حيث يستورد الأردن حوالي 95% من طاقته وينفق حوالي 25% من الناتج الوطني للحصول على الطاقة، إضافة إلى شح مياه الشرب.