الإصلاح الاقتصادي.. تواصل التعثر على حساب المواطن

الإصلاح الاقتصادي.. تواصل التعثر على حساب المواطن
الرابط المختصر

مع استمرار الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية، باتخاذ الإجراءات المنطلقة من بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي لا تغيب عنه اللمسة السياسية، إلا أنه لا يغيب عن المراقبين عدم تحقيق أهداف هذا البرنامج المتمثلة بتخفيض عجز الموازنة والمديونية، وتحسين التحصيل الضريبي.

 

 

المحلل السياسي لبيب قمحاوي، لا يرى في برنامح الإصلاح الاقتصادي، برنامجا وطنيا، وإنما جاء استنادا إلى اتفاق الحكومة وصندوق النقد الدولي، معتبرا أن أهدافه ليست سوى "إملاءات" من قبل الصندوق، مقابل الحصول على المزيد من القروض.

 

 

ويؤكد قمحاوي أن صندوق النقد لا يرغب بتحقيق أهداف برنامج الإصلاح، مدلالا على ذلك بارتفاع نسبة الفقر إلى 20% وتجاوز نسبة البطالة لحاجز الـ18%، فيما لم يكن انخفاض عجز الموازنة إلا بسبب زيادة المساعدات والمنح وليس الإجراءات التصحيحية.

 

 

فـ"ما طبقه الأردن من سياسات كان مجرد استجابة لطلبات الصندوق وليس إصلاحات حقيقية"، يضيف قمحاوي الذي يشدد على حاجة الاقتصاد الوطني إلى جلب استثمارات".

 

 

أما وزير الاقتصاد الأسبق محمد الحلايقة، فيذهب إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي "غير معني بالأوضاع المعيشية للمواطنين، رغم ادعاءات الحكومات التي تلجأ إلى جيب المواطن لتحقيق أهدافه.

 

 

ويصف الحلايقة مدى نجاح البرنامج بالمحدود، ويقتصر على تخفيض عجز الموازنة فقط ، مقابل زيادة المدنيوية التي تدفع الدولة إلى مزيد من الاقتراض السنوي.

وحول اشتراطات صندوق النقد الدولي، اعتبر الحلايقة أنها شروط قاسية، وقد أخطأت الحكومة بقبولها، خاصة في ظل الأوضاع الإقليمة والأمنية والاقتصادية، وإغلاق الحدود السورية والعراقية أمام الصادرات الأردنية.

 

تفاصيل: ترتيبات صندوق النقد للأردن 

 

كما يؤكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية خير أبو صعيليك، أن برنامج التصحيح الاقتصادي لم يغير من الواقع المالي للدولة خلال الفترة الماضية، مع استمرار ارتفاع الدين العام إلى ما يتجاوز نسبة الـ95 % من إجمالي الناتج المحلي.

 

فـ"ارتفاع الدين العام إلى جانب ارتفاع عجز الموازنة العامة وعدد جيوب الفقر وارتفاع معدل البطالة، مؤشرات تدل على وجود تحد اقتصادي كبير يتطلب من الحكومة دراسة الأوضاع المالية الحالية وإعادة التفكير بأهداف البرنامج الذي يضيق على حياة المواطنين".

 

 

ويرجع أبو صعيليك ما وصفه بفشل تحقيق أهداف البرنامج، إلى عدم جدية الحكومة بالملف الاقتصادي، وكثرة الإعفاءات الممنوحة والتعيينات الحكومية، وعدم قدرة الحكومة على ضبط الإنفاق.

 

 

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي فائق حجازين، أن ما تم تحقيقه من أهداف البرنامج يصل إلى ما نسبته 70%، الأمر الذي يعود لعدة ظروف إقليمة والأزمة السورية والعراقية وتوقف حركة الصادرات الأردنية، إلى جانب وتراجع الدخل السياحي، وتحويلات العاملين بالخارج.

 

 

ويشير حجازين إلى أن البرنامج عالج بعض النشوهات الاقتصادية من حيث ضبط عجز الموزانة وتخفيضه إلى ما نسبته 11% من الناتج المحلي، ووضع حد أعلى للنفقات الحكومية، وزيادة الإيرادات الضربيية.

 

 

ويوضح بأن ما يقدمه صندوق النقد الدولي لا يعد فرضا على الدولة، وإنما يمثل أهدافا وأدوات يمكن للحكومة اختيار المناسب منها دون التأثير سلبا على معيشة المواطن.

 

 

هذا وقد بدأ الأردن بتطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي في الفترة الواقعة بين 1989 و2004، حيث طبق البنك المركزي خلالها سياسات نقدية متشددة لمواجهة الضغط على العملة الوطنية، وأزمة ميزان المدفوعات التي كان يعاني منها الأردن العام 1989.

 

 

فيما ساعد البرنامج الإصلاحي بمساعدة صندوق النقد الدولي، الأردن بسحب 125 مليون دولار من موارد الصندوق. وكان من أهداف البرنامج تخفيض عجز الموازنة بنسبة 24 % من إجمالي الناتج المحلي الى ما نسبته 10 % بحلول العام 1993، وتشجيع النمو الاقتصادي الذي يدعمه التصدير، وتخفيض معدل التضخم.

 

وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد وافق العام الماضي على ترتيبات للأردن لمدة 3 سنوات بموجب تسهيلات القرض الممتد الذي تم بموجبه منح الأردن قرضا بقيمة 65ر514 مليون وحدة حقوق سحب خاصة تعادل حوالي 723 مليون دولار.

 

 

وأوضح الصندوق في حينه، بأن تسهيلات القرض الممتد ستدعم برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي الذي تبنته المملكة، فيما يهدف البرنامج إلى دعم ضبط أوضاع المالية العامة بتخفيض الدين العام وتوسيع الاصلاحات الهيكلية لتهيئة الظروف لمزيد من النمو الشامل.

 

 

وبحسب أهداف برنامج التصحيح الذي تم تجديده مع الحكومة، فمن المتوقع أن يصل عجز الموازنة العامة للعام الحالي إلى 6%، فيما ستسعى الحكومة لتخفيض الدين العام بنسبة 1.5%، و1.7% و1.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 2017 و2018 و2019 تباعا، ليصل إلى إلى حاجز الـ77% من الناتج المحلي بحلول عام 2021.