لن تدرك العين من نظرتها الأولى أن باقات الأزهار المتعددة الألوان المصفوفة على الرف الخشبي مصنوعة من بقايا أقمشة مصنع الملابس، وآخر من قصاصات أوراق الجرائد القديمة، تم صنعها بأيدي متدربي "بيت الفن" المصنف ضمت المشاريع إعادة استخدام وتدوير النفايات.
بدأت فكرة المشروع منذ سبع سنوات لدى العشرينية ختام بعد أن كانت تجمع المقتنيات والمواد القديمة وتحولها إلى تحف وأدوات "استخدمت نواة التمر والزيتون وحبوب البن، وبقايا الفخار والمرايا، وأقوم بتنفيذ أفكاري بماهو متوفر لدي من مواد مهما كانت بسيطة أو قديمة".
يمثل المشروع نقله نوعية في حياة ختام ذات الإعاقة الحركية؛ حيث تعتبره تحدي ومواجهة لنظرة المجتمع السلبية اتجاه الأشخاص ذوي الإعاقة الذي تمثل؛ برفض بعض أصحاب العمل تشغيلها بعد النظر لاعاقتها، ناهيك عن غياب التهيئة البيئية المناسبة في أغلب المؤسسات.
تواجه ختام ومشروعها الصغير العديد من التحديات تبدأ بعدم القدرة على تطوير المنتجات لتناسب سوق العمل وعدم وجود خطة تسويقية تساعد في تروجها، إلا أن المشروع استطاع تخريج ما يزيد عن ٢٥سيدة منتجة تم تدريبهن على مهارات اعادة تدوير المخلفات بأنواعها الأمر الذي تجده هنا انجازاً بحد ذاته.
وترى ختام أن عدم وجود الوعي الكافي بأهمية مشاريع إعادة تدوير المخلفات وغياب الحملات التوعوية بهذا الخصوص يقف أمام نجاح هذه المشاريع وانتشارها.
تلقى مشاريع إعادة استخدام أو إعادة تدوير النفايات اهتماماً واسعاً في العديد من الدول وهي تضعها ضمن السياسات الأساسية في خطط التطوير والإصلاح لما لها من أهمية كبيرة في المحافظة على البيئة والتخلص من النفايات وتراكمها والتقليل من التلوث البيئي نتيجة حرق أو طمر النفيات، ومن ناحية اقتصادية فهي تحقق مردود مادي من خلال انتاج مواد خام بكلفة أقل، بالإضافة إلى توفير فرص عمل تساهم في تقليل نسبة البطالة، بحسب المدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية معن النصيرات.
وأطلقت جمعية البيئة الأردنية أول مشروع لإعادة التدوير عام1994 ، وقد تم خلال المشروع جمع الورق المستخدم من المؤسسات الحكومية وبعض المنازل وإعادة إرساله إلى مصانع لإعادة تدويره وبيعه في الأسواق المحلية والعربية .
يهدف المشروع المدعوم من وزارة البيئة ومن أمانة عمان الكبرى إلى نشر وتطبيق فكرة فرز النفايات الصلبة، بقصد إعادة تدويرها وتوعية المواطنين بالمشاركة في عملية الفرز والجمع بالإضافة إلى إنتاج وتسويق المنتجات المختلفة والتشجيع على استخدام المواد المعاد تدويرها.
ويبين النصيرات أن وعي الأفراد والعوائل بات ملحوظاً خلال الفترة الماضية مما يساهم في تسريع دورة العمل وانجاح المشروع؛ حيث يزيد عدد المواقع المشاركة عن ٥٠٠ موقعاً تقسم بين مواقع سكنية ومؤسسات مختلفة.
ويوضح النصيرات أهداف الجمعية من خلال قيامها بحملات لتوعية المواطنين حول أهمية إعادة التدوير "نقدم بشكل دوري محاضرات توعوية في المدارس والجامعات من خلال مناقشات بأسلوب علمي وعملي حول كيفية إعادة التدوير في جميع المراحل".
وبحسب وزارة البيئة المعنية بترخيص ومتتابعة هذا النوع من المشاريع؛ فإنه يوجد ثلاثة مصانع متخصصة في إعادة تدوير كل من الاطارات وزيوت المتحركات وبالطاريات السائلة، بالإضافة إلى العديد من معامل تدوير البلاستيك التي تسمى بالجواريش".
ومن جهته أكد الناطق الرسمي باسم وزارة البيئة عيسى الشبول أن الوزارة تقدم العديد من التسهيلات وتساهم في تمويل بعض المشاريع المعنية في إعادة تدوير النفايات لتشجيع الأفراد لدخول هذا القطاع إلا أن الاستثمار ما زال ضعيف في هذا المجال نظراً لضعف الوعي في أهمية اعادة تدوير المخلفات والنفايات .
يشير الشبول إلى أن تدوير النفايات والمخلفات عملية متكاملة تبدأ بوعي المواطن بأهمية فرز النفايات بحسب أنواعها في الحاويات المخصصة، مما يساهم في تسهيل التعامل معها ونقلها إلى مراكز إعادة التدوير، وهذا يساهم في تخفيف الضغط على مكبات النفايات التي يتراوح عددها نحو ٢٣ مكب موزعة حول المملكة.
الدراسات البيئية التي أجرتها أمانة عمان الكبرى أكدت أن 45 في المئة من سكان مدينة عمان سيكونوا مؤهلين في عام 2022 على فرز وتدوير نفايات المنازل.
وتشير الدراسة إلى أنه في حال تعود العمانيون على الفرز والتدوير، فسيتم تخفيض المبالغ المصروفة من قبل الأمانة على النفايات بمعدل الثلث تقريبا؛ إذ إنها تنفق حاليًا 26 مليون دينار سنوياً على النظافة، بينما تسترد من المواطنين نحو 15 مليون دينار؛ أي أن معدل الإنفاق الكلي هو 9 ملايين دينار وإنه في العام ذاته، وجراء "الفرز والتدوير"، فإن كمية النفايات المجموعة ستقل بمعدل الثلث، مشيرة إلى أن عمان تخرج يوميًا ما مجموعه 2200 طن من النفايات.