أحداث عام 2014 السياسية أبقت الأردنيين في حالة ترقب دائم‎

أحداث عام 2014 السياسية أبقت الأردنيين في حالة ترقب دائم‎
الرابط المختصر

لم يكن عام 2014 عادياً على مستوى زخم الأحداث السياسية التي شهدها الأردن، مستجدات هذا العام أبقت المواطنين في حالة "ترقب قصوى" لكل ما هو جديد في نشرات الأخبار، في سابقة لم يصادفها الأردنيون، على الأقل خلال السنوات العشرة الأخيرة.

 

وحمل العام 2014 بين أوراقه السياسية عدداً كبيراً من الأحداث، لعل أبرزها مشاركة الأردن في التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى اختطاف السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان، وأسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة، كما كانت إسرائيل طرفاً في عدد من القضايا التي شغلت الرأي العام الأردني في عام شهد تضييقاً على الحريات العامة وعودة لتطبيق حكم الإعدام.

 

كلنا العيطان... كلنا الكساسبة

 

تعتبر حادثة اختطاف السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان شهر نيسان الماضي، واحدة من أبرز الأحداث السياسية التي شهدها الأردن، لشغلها الرأي العام على مدار ثلاثين يوماً، قبل أن يتم الإفراج عنه سالماً منتصف أيار، في صفقة تبادل أفرج فيها الأردن عن المعتقل الليبي في السجون الأردنية محمد الدرسي المحكوم عليه بالمؤبد في قضية "إرهاب".

-home-ammannet-public_html-wp-content-files_mf-cache-7853460eab1ce54db77f58fb16186a74_139998757316957485_p

النهاية السعيدة لحادثة العيطان هي ما يتمناه الأردنيون للطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أسره تنظيم الدولة الإسلامية والمعروف بداعش، بعد أن سقطت طائرته العسكرية في منطقة الرقة السورية خلال شهر كانون الأوّل، ورغم أن حادثة أسر الكساسبة كانت صادمة للرأي العام، إلا أنها وحدت جميع الأردنيين حول قضية واحدة، كما فعل العيطان من قبل.

 

حرب على "المتعاطفين"

 

 

بداية شهر أيلول كانت الدولة الأردنية تقول إن التحالف الدولي والإقليمي للحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية يمثل من فيه فقط، وأن الأردن لن يخوض الحرب بجانبهم، حسب تصريحات رئيس الوزراء عبدالله النسور، إلا أن الأردنيين استيقظوا في الثالث والعشرين من ذات الشهر على بداية الحملة العسكرية الجوية ضد التنظيم، وكان الأردن من أوائل الدول التي شاركت فيها، لتصبح بعدها الحرب ضد داعش على رأس قائمة الأولويات الأردنية وتغدو "حربنا" بحسب ما جاء في كلمة الملك عبدالله الثاني في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة.

 

حرب داخلية شنتها الأجهزة الأمنية على كل من يتعاطف أو يحمل أفكاراً متطرفة إن كان على الأرض أو على مواقع التواصل الاجتماعي أو الإنترنت، سبقت التدخل العسكري هذا، لتصل حتى الآن إلى اعتقال أكثر من 100 متعاطف تجري محاكمتهم أمام محكمة أمن الدولة.

 

وكان واضحاً حجم القلق الشعبي الداخلي من داعش، فبحسب رصد "عمّان نت" فإن أخبار التنظيم كانت من الأكثر قراءة على الموقع.

 

حصار على الحريات  

 

لم يتباطأ الأردن خلال عام 2014 عن توقيف النشطاء السياسيين، رغم ما شهده الحراك الشعبي من تراجع كبير في نشاطاته خلال هذا العام، إلا أن التوقيفات استمرت ووصلت إلى نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني إرشيد، متهمين إياه بتعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة، بعد أن انتقد الإمارات على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.
DSC_0199

التوقيفات طالت أيضا عدداً كبيراً من مناصري الحركة الإسلامية، بينهم عدد من أعضاء نقابة المهندسين، وطلبة جامعات وإعلاميين، والبارز في هذه التوقيفات أن معظمها تم على يد جهاز المخابرات العامة، بالإضافة إلى توقيفهم لأيام طويلة في أماكن الاحتجاز لدى الدائرة، قبل أن يتم الإفراج عن بعضهم وتوجيه تهم تتعلق بالإرهاب إلى آخرين.

 

واعتبر نشطاء هذه التوقيفات التي تزامنت مع مشاركة الأردن بالتحالف الدولي والإقليمي لمحاربة داعش، هو تضييق على الحريات بحجة الأوضاع الأمنية في البلاد.

 

كما شهد العام 2014 استدعاء رؤساء تحرير صحف يومية إلى المدعي العام، بسبب مقالات نشرت في صحفهم، كما حصل مع صحفية الرأي التي أستدعي رئيس تحريرها سمير الحياري والكاتب طارق مصاروة على إثر مقالة نشرها الأخير في صفحاتها، كما استدعيت رئيسة تحرير صحيفة الغد جمانة غنيمات أيضا بسبب مقالة انتقدت فيها مجلس النواب.

 

وشددت الأجهزة الأمنية خلال هذا العام رقابتها على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت بشكل عام.

 

نفض الغبار عن "المشانق"

 

بعد توقف دام لثمانية أعوام، أعاد الأردن تصنيف نفسه كدولة مطبقة لعقوبة الإعدام، في خطوة لاقت سخطاً دولياً وترحيباً من بعض الفعاليات المحلية.

 

العودة للإعدام عبر تنفيذ العقوبة بحق 11 مداناً فجر الحادي والعشرين من شهر كانون الأوّل. اعتبره حقوقيون "انتكاسة" لحقوق الإنسان بالأردن، وخطوة للخلف، بعد أن كان الأردن يعتبر من الدول غير المطبقة للعقوبة المثيرة للجدل عالمياً.

 

ورغم ذلك لقيت هذه الخطوة ترحيباً واسعاً على المستوى الشعبي، بينما اعتبرت الدولة الأردنية العودة للإعدام "عودة للمسار القانوني والشرعي الصحيح"، ومن شأن هذه الخطوة "ردع المجرمين" الذين زادت جرائمهم، بحسب وزارة الداخلية.

 

مقتل زعيتر بانتظار التحقيق

 

في العاشر من شهر آذار قتل القاضي في محكمة بداية عمّان رائد زعتير على يد القوات الإسرائيلية، أثناء عبوره إلى الضفة الغربية، في حادثة استفزت غالبية الأردنيين ومجلس النواب الذي صوت على طرد السفير الإسرائيلي من عمّان إثر الحادثة.
631-560x377
ولم يكن تصويت النواب ملزماً للحكومة الأردنية، التي لم تستدعي بدورها السفير الأردني في تل أبيب، رغم الغضب الشعبي والنيابي وقتها.

 

واكتفى الأردن بالطلب من إسرائيل بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة بالحادثة، شكلت في شهر آذار ولم تصدر نتائج تحقيقها حتى نهاية عام 2014، رغم المطالبات المحلية المستمرة من بعض النشطاء بالكشف عن نتائج التحقيق.

 

سفراء على خط "الدبلوماسية"

 

حتى اللحظات الأخيرة كان السفير السوري السابق في عمّان بهجت سليمان، مادة دسمة للمواقع الإخبارية التي لطالما نقلت تصريحاته من مدونته "مدونة أبو المجد" على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلا أن "أبو المجد" الذي حذر من التدخل في الشأن الداخلي الأردني أكثر من مرة "أصبح شخصاً غير مرغوب فيه" نهاية أيار.
201492304510716
"أبو المجد" الذي لم يتوقف عن انتقاد الأردن وموقفها من الأحداث في سورية، اتهم الأردن أكثر من مرة "بالتواطؤ" مع الدول التي تسعى للقضاء على سورية، كما أثار خلافات مع عدد من الفعاليات المحلية والنيابية في الأردن خلال السنوات الثلاث التي قضاها في الأردن.

 

وفي المقابل، ورغم المطالبات الشعبية المتكررة خلال العام باتخاذ موقف دبلوماسي من إسرائيل بعد قتلها زعيتر، وشنها حربا على قطاع غزة، إلا أن الموقف المنشود ظل غائباً إلى أن وصلت التجاوزات الإسرائيلية إلى انتهاكات في المسجد الأقصى، الذي يقع تحت الوصاية الأردنية، لأكثر من مرة.

 

واستدعت الأردن سفيرها في تل أبيب في بداية شهر تشرين الثاني، بعد أن استنفذ كافة الطرق الدبلوماسية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية في القدس.

 

" وين الذهبات"

 

صور تناقلتها صفحات الإنترنت، وأخبار متفرقة وشهادات من سكان محليين، كان نتاجها أن أصبحت حادثة ذهب عجلون، واحدة من "أدسم" ما يشغل الرأي العام الأردني من أحداث في نهاية أيلول الماضي، بالتزامن مع التصريحات المقتضبة لوزير الداخلية حسين المجالي الذي أكد أن ما شاهده مواطنون وما رآه متابعون من صور لمجموعة يحفرون في منطقة الخالدية في عجلون، ليس إلا "عمليات حفر لإصلاح شبكة اتصالات تابعة للجيش".

 

صمت الحكومة في ظل تضارب الأقوال، وعدم اقتناع الرأي العام بما جاء في تصريحات المجالي، كان الفتيل الذي أشعل غضب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين طالبوا الحكومة بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء عمليات الحفر هناك، ما دفع رئيس الوزراء عبدالله النسور للتحرك نحو توضيح المسائل وتفنيد الشائعات التي مست "كل الدولة الأردنية"، بحسبه.

-home-ammannet-public_html-wp-content-files_mf-cache-7853460eab1ce54db77f58fb16186a74_1412257609zeben

ولم يسبق للأردنيين أن شهدوا قيام رئيس هيئة الأركان مشعل الزبن بإدلاء تصريحات صحافية ، إلا أن الزبن كشف وقتها عن سبب عمليات الحفر، حيث تم العثور على أجهزة رصد وتجسس إسرائيلية مزروعة في المنطقة منذ ستينيات القرن الماضي، ولقيت هذه التصريحات قبولا في الأوساط الشعبية كون الزبن أحد الشخصيات المقبولة والمصدقة بالنسبة لعدد كبير من المواطنين.

 

فيما اعترف النسور بأنه كان مغيباً عن العملية، وغير معني بالاطلاع على المهمات الروتينية للجيش، بينما تحمل الزبن من جهته مسؤولية التصريحات الحكومية المتضاربة، موضحا أنه هو من أوعز لبعض الوزراء بالإدلاء بالتصريحات حول أسباب الحفر سابقا.

 

"ألفية" أبي قتادة و"حرية" المقدسي

 

بعد محاكمة امتدت جغرافياً بين عمّان ولندن، وزمنياً منذ عام 2002 وحتى 2014، برأت محكمة أمن الدولة الأردنية المنظر السلفي عمر عثمان من قضيتين عرفتا "بالألفية" و"الإصلاح والتحدي"، وهما القضيتان اللتان سبق أن حكم على أبو قتادة بالإعدام على ذمتهما.

10585097_512712818832169_1379173464_n

ومنذ أن وصل أبو قتادة من لندن بعد اتفاق ما بين الأردن وبريطانيا، شرعت محكمة أمن الدولة بمحاكمته في قضية التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية بحق سياح، خلال احتفالات الأردن بالألفية الثانية، ما يفسر سبب تسميتها بقضية “الألفية”، وقضية”الإصلاح والتحدي”.

 

لنحو 9 أشهر، استمرت خلالها محاكمة أبي قتادة، كان الملفت فيها ما كشفته تسريبات صحافية من آراء له حول القضايا التي تشهدها المنطقة، وخصوصا فيما يتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف بداعش، حيث عكست هذه "الفرصة" للتعبير، عن اعتدال "سلفي" في نظرته للقضايا السياسية، وتحديدا في رفضه لسلوكيات التنظيم واعتبارها غير مقبولة.

 

أثناء المحاكمة أطلقت السلطات الأردنية سراح عاصم العتيبي البرقاوي والمعروف بأبي محمد المقدسي، بعد أن قضى عقوبته بالسجن لإدانته من قبل محكمة أمن الدولة عام 2011، بتهمة “القيام بأعمال لم تجزها الحكومة من شأنها تعريض المملكة لخطر أعمال إرهابية”، أضافة إلى إدانته "بتجنيد أشخاص داخل المملكة بقصد الالتحاق بتنظيمات مسلحة وجماعات إرهابية”، قبل أن يتم الإفراج عنه خلال شهر حزيران.

 

إلا أن "تجربة الحرية" للمقدسي لم تدم طويلاً، حيث أعادت السلطات توقيفه منتصف تشرين الأوّل بتهمة استخدام الشبكة المعلوماتية للترويج لأفكار جماعة إرهابية، على خلفية بيان نشره المقدسي على موقع الجهاد والتوحيد نهاية أيلول الماضي ويدعو فيه الفصائل المقاتلة في سوريا ولا سيما تنظيمي الدولة الإسلامية والمعروف بداعش وجبهة النصرة، إلى التوحد في مواجهة ما وصفه المقدسي “بالحرب الصليبية على الإسلام”، في إشارة إلى الحلف الدولي الذي يقاتل داعش وتشارك فيه الأردن.