بعد انتشار كوفيد-19 قامت الحكومة بإجراءات احترازية لمواجهة ومنع انتشار الفيروس في الأردن، منها الانتقال في القطاع التعليمي من التعليم الوجاهي إلى التعليم عن بُعد بشكل كامل. وبعد تخفيف القيود التي فرضتها الجائحة عاد التعليم الوجاهي في الجامعات بعد عام ونصف من الانقطاع، ولم يعد كما كان سابقًا، بل أصبح مزيجًا ما بين التعليم الوجاهي والتعليم عن بُعد.
ولكن، كيف أثرت هذه التغييرات في النظام التعليمي على إقبال النساء على التعليم العالي؟
رهف سمير، التي بدأت دراسة الماجستير في تخصص دراسات المرأة قبل الجائحة بأشهر قليلة وعاصرت هذه التجربة، قالت إن البداية في التعليم عن بُعد كانت معقدة بسبب عدم امتلاكها الخبرة الكافية آنذاك في التعامل مع المنصات المستخدمة للتعليم عن بُعد، مثل Zoom وMicrosoft Teams، لكنها سرعان ما تخطت تلك العقبة، بل وأصبحت أكثر تنظيمًا للمساقات المختلفة داخل تلك التطبيقات، مما سهل عليها بشكل أكبر، إضافةً إلى إمكانية الحصول على المحاضرات مسجلة، وهو الأمر الذي كان من الصعب الحصول عليه قبل التعليم الإلكتروني إلا بموافقة المحاضر نفسه، حسب قول رهف.
تقول رهف: "طريقي للمحاضرة يحتاج ٤٠ دقيقة على الأقل"، مؤكدةً أن الأثر الإيجابي لتلك التغييرات يكمن في المرونة العالية والتعلم من أي مكان واختصار الوقت في التحضير للذهاب للمحاضرة وفي الطريق إليها والعودة منها، وتضيف أن تلك التغييرات أعطتها المساحة للدراسة بشكل أفضل.
هديل صالح، سيدة أخرى حصلت على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام خلال فترة الجائحة أيضًا، تتفق مع رهف سمير في النقطة الإيجابية المتمثلة بتوفير الوقت، وتضيف أن نظام التعليم عن بُعد "جيد" للسيدات المتزوجات والعاملات، خاصةً وأنها متزوجة ولديها أطفال وتعمل أيضًا؛ بحيث يمنحهن الفرصة لإكمال التعليم الجامعي دون الحاجة للتواجد في الحرم الجامعي في بعض المساقات، مما ساعدها على زيادة عدد الساعات المقطوعة في كل فصل دراسي.
الدكتور محمد طبيّة، من كلية الزراعة في الجامعة الأردنية، يقول إن أحد الدروس المستفادة من فترة الجائحة في التعليم الجامعي هو إدخال التعليم عن بُعد في كثير من المساقات الجامعية مثل متطلبات الجامعة الاختيارية، والدمج بين التعليم الوجاهي والتعليم عن بُعد، مما قلل التكاليف على الطلبة، إضافةً إلى تحسين أساليب التدريس عن بُعد، ويتوقع أن تُبنى استراتيجيات التعليم في المستقبل بناءً على التعليم عن بُعد.
د.طبيّة يرى من جهة أخرى أن الجائحة أثرت بشكل سلبي على مخرجات التعليم، بسبب عدم السيطرة الجيدة على الطلبة في التعليم عن بُعد ومدى استيعابهم للمادة، وأن المواد التعليمية لم تأخذ حقها بشكل كافٍ، كما يرى أن التقييم "لم يكن منطقيًا"، واستدل بذلك على ارتفاع معدلات الطلبة أصحاب التحصيل المتدني، وعزا ذلك لاستعانتهم "بأساليب ملتوية" حسب وصفه.
هذا ما أشارت إليه هديل صالح أيضًا ووضعته في قائمة السلبيات لتلك التجربة، قائلةً إنه في تلك الفترة كان هناك تساوٍ بين الطلبة، ولم يظهر التقييم الجهد المبذول للطالب.
إذًا هناك العديد من السلبيات والإيجابيات لتلك التغييرات على شكل التعليم الجامعي بعد الجائحة، ولكن يبقى السؤال، هل عززت تلك التغييرات إقبال السيدات على التعليم الجامعي؟
الناطق الرسمي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مهند الخطيب، أن هناك ارتفاعًا كبيرًا في نسبة الطلبة الملتحقين بالدراسات العليا أثناء فترة الجائحة، أما بعد فترة الجائحة فقد كان هناك انخفاض في النسبة، بسبب التعديل على فترة الإقامة للدكتوراه، حيث أصبحت 20 شهرًا.
وكان منتدى الاستراتيجيات الأردني أصدر ملخص سياسات بعنوان ” التعليم والتكيف مع آثار كورونا في الأردن: كيفية الحد من تداعيات كورونا على الفجوة التعليمية”.
وقال الملخص ان أثر الجائحة سينعكس سلباً على درجات الطلبة ضمن برنامج بيزا، وهو ما يعني تراجع التحسين الذي حققه الأردن في آخر جولتين في نتائج البرنامج. علاوة على ذلك، من الممكن أن تترجم خسائر التعلم إلى تراجع الدخل مستقبلاً بالنسبة للطلاب الأردنيين. بحيث ينخفض متوسط الدخل السنوي في المستقبل بنسبة تصل إلى 8%.
يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة بين شبكة الإعلام المجتمعي- راديو البلد و جمعية معهد تضامن النساء الأردني لمشروع متحدون في مواجهة العنف ضد المرأة والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستئمانيUNTF.