خلفية عامّة
يحكم الإعلام في الأردن منظومة تشريعيّة واسعة[1] أدّت إلى التضييق في الكثير من الأحيان على ممارسة الإعلاميين والصحفين لمهامهم ووظيفتهم الأساسية في نقل الحقيقة للجمهور بأبعادها الكاملة؛ نظراً لما تفرضه بعض هذه التشريعات من قيود على حرية التعبير عموما وحرية الإعلام خاصة، لا تتواءم والقيود التي تجيز المعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية التعبير فرضها والتي نصت عليها المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما يشكل غياب المعلومات أحيانا وفي أحيان أخرى قلتها أو عدم دقتها عاملاّ آخر يساهم في عدم الوصول بالمشهد الإعلامي في الأردن إلى الرؤية التي تلبي طموح المنتسبين إلى هذا القطاع وطموح الأفراد الساعين للوصول الى الحقيقة بصورة تمكنهم من تكوين آرائهم ومواقفهم إتجاه القضايا التي تخص الشأن العام، وفي الوقت ذاته فإن هذا الواقع لا يحاكي الرؤية المتقدمة والشمولية التي جاءت في الأوراق النقاشية التي عرضها جلالة الملك تباعاً والتي أكدت على حرية التعبير وحرية الإعلام كجزء من عملية الإصلاح التي يصبو الجميع إليها.
التّوصيات المُتعلقة بالبيئة التشريعيّة الضّامنة لحرّية الإعلام
- إبتداءً لا بد من التأكيد على ضرورة العمل على مراجعة التشريعات المتعلقة بالإعلام كحزمة تشريعية واحدة لتلافي أي تناقض أو تعارض فيما بينها، وتاليا التوصيات التي تتضمن نقاطاً مقتضبة ومختصرة لما يتوجب أن يتم في إطار البيئة التشريعية الحاضنة لحرية الإعلام:
- مراجعة قانون المطبوعات والنشر رقم (8) لسنة 1998م وتعديلاته بما يضمن إلغاء المسؤولية المفترضة لرئيس التحرير ومالك المطبوعة والمسؤولية المفترضة لمالك الموقع الإلكتروني ورئيس التحرير عن تعليقات القراء أيضاً والنص صراحةً في القانون ذاته على عدم جواز توقيف الصحفيين بموجب أي قانون آخر وتخفيض الغرامات المفروضة.
- مراجعة قانون الإعلام المرئي والمسموع رقم (26) لسنة 2015م ومراجعة الأنظمة الصادرة بموجبه بما يضمن؛ توفير الإستقلالية المؤسسية والشخصية لهيئة الإعلام، منح هيئة الإعلام صلاحية اصدار قرار بمنح رخص البث من عدمه دون الرجوع لمجلس الوزراء، وإعادة النظر في الإلتزامات المفروضة على المرخص لهم ومراجعة بعض الصلاحيات الممنوحة للهيئة بما يعزز حرية الإعلام ووضع نصوص تتعلق بدعم محطات البث المجتمعية بما يضمن وضع متطلبات ترخيص ورسوم غير مرهقة . ووضع نصوص خاصة تتعلق بمنع تركز ملكية وسائل الإعلام وتعالج موضوع الملكية المشتركة ونصوص تعزز التنوع من خلال عملية الترخيص، والذي يعد أحد الأهداف الأساسية لعملية تنظيم قطاع الإعلام المرئي والمسموع (حسب الهيئة هنالك نص في قانونها لعام (2015)(
- مراجعة قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات رقم (47) لسنة 2007م بما يضمن إستقلالية مجلس المعلومات وإلزامية قراراته وإلغاء المصلحة المشروعة لطالب المعلومة ومحدودية الإستثناءات وعدم التوسع فيها وإلزام المؤسسات المعنية بالإفصاح الإستباقي عن المعلومات وجعل الأولوية في التطبيق لقانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات في حالة التعارض التشريعي مع القوانين الأخرى، ووضع أسس لعملية تصنيف المعلومات وإخضاعها للرقابة الإدارية والقضائية، وتسهيل إجراءات الحصول على المعلومة عموما وحماية المبلغين ووضع العقوبات اللازمة على من يخالف القانون بالإضافة الى مراجعة التشريعات كافةً التي تتضمن بنوداً للسرية وفي مقدمتها قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم (50) لسنة 1971م. والغاية من هذه التوصية تضمين القانون المبادئ الأساسية لتشريعات الحصول على المعلومات إستناداً إلى المعايير الدولية المتعلقة بهذا الحق وأبرزها؛ مبدأ الكشف الأقصى عن المعلومات ومبدأ محدودية الإستثناءات بما يضمن إنسيابية المعلومات وتدفقها على أرض الواقع بصورة فعلية وسهولة الحصول عليها من قبل العاملين في مجال الإعلام.
- تعديل قانون نقابة الصحفيين وتعديلاته رقم (15) لسنة 1998م بما يؤدي إلى إلغاء القيد المتعلق بتعريف الصحفي وبما يضمن التعددية النقابية. وتأتي هذه التوصية منسجمة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية التنظيم النقابي وحرية الإنتساب للنقابات.
- مراجعة قانون مؤسسة الإذاعة والتلفاز وتعديلاته رقم (35) لسنة 2000م بما يضمن الإستقلالية لهذه المؤسسة والإشراف عليها من قبل مجلس إدارة يتمتع بالإستقلال المؤسسي والشخصي ووضع الضمانات والشروط الكافية والمحددة لإختيار الأعضاء في مجلس الإدارة وتحديد آلية إنهاء خدماتهم بأسباب واضحة ومحددة والتأكيد على أن هذه المؤسسة تخدم المصلحة العامة دون الإنحياز لأي طرف.
- مراجعة قانون وكالة الأنباء الأردنية رقم (11) لسنة 2009م بما يضمن توفير الاستقلالية الكافية للوكالة والإشراف عليها من قبل مجلس إدارة يتمتع بالإستقلال المؤسسي والشخصي ووضع الضمانات والشروط الكافية والمحددة لإختيار الأعضاء في مجلس الإدارة وتحديد آلية إنهاء خدماتهم بأسباب واضحة ومحددة ؛ وذلك لتوفير مزيد من الضمانات التي تكفل قيام هذه المؤسسة الهامة بعملها بعيدا عن أية تدخلات قد تؤثر في إنسياب المعلومات وفي شفافيتها ودقتها وتؤثر بالنتيجة في حرية الإعلام.
- وضع تنظيم قانوني خاص لإنشاء آلية مستقلة للشكاوى تتسم بالفعالية والإستقلالية وذلك للتعامل مع الشكاوى المتعلقة بوسائل الإعلام؛ وذلك بصورة تسهم في السير نحو التنظيم الذاتي لمهنة الإعلام بما يؤدي إلى إرتقائها وتطويرها من الداخل.7
- تعديل قانون الجرائم الإلكترونية رقم (27) لسنة 2015م، وتحديداً المادة (11) إما بإلغائها والإكتفاء بالقواعد العامة المتعلقة بجريمة الذم والقدح الواردة في قانون العقوبات الأردني.
- مراجعة النصوص القانونية في قانون العقوبات وتعديلاته رقم (16) لسنة1960م التي تحد من حرية التعبير عموما وتحد بالنتيجة من حرية الصحافة والإعلام، وتحديدا المادة (195) والمتعلقة بإطالة اللسان والمادة(191) المتعلقة بذم هيئة رسمية والمادة(150) المتعلقة بإثارة النعرات والمادة(149/1) المتعلقة بتقويض نظام الحكم او التحريض على مناهضته؛ وذلك بما يضمن التقيد بأصول الصياغة التشريعية الجزائية القائمة على تحديد الأفعال المشكلة للجريمة بشكل واضح ودقيق بعيدا عن المصطلحات الواسعة والفضفاضة بصورة تمكن الفرد من ضبط سلوكه وفقا للنص القانوني.
- مراجعة وتعديل قانون منع الإرهاب وتعديلاته رقم (55) لسنة2006 الذي توسع في تحديد ما يعد فعلا إرهابياً خاصة في المادة الثانية التي عرفت الإرهاب، والغاء جريمة تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية بوصفها جريمة إرهابية إذ ان هذا الفعل مجرم وفقا لقانون العقوبات، بالإضافة إلى تعديل قانون محكمة أمن الدولة وتعديلاته رقم (17) لسنة 1959 بما يضمن عدم محاكمة الصحفيين والإعلاميين أمامها.
العقبات التي ستواجه تطبيق هذه التّوصيات
- تعديل التشريعات الإعلامية بصورة مجتزأة، وعدم مراجعتها كحزمة تشريعية واحدة؛ وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تعارض أو تناقض بين النصوص وإبقاء الثغرات القانونية.
- عدم وضوح مفهوم وفلسفة الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام وعدم وجود فهم واضح ودقيق للمعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية التعبير، والتي تجيز فرض بعض القيود على هذا الحق؛ مما سيؤدي إلى تأويل النصوص أو التوسع في فرض القيود.
- عدم منح مراجعة التشريعات الإعلامية أولوية سواء من قبل الحكومة أو من قبل السلطة التشريعية في حال عرضت عليها.