هل تنفس الأردن الصعداء بعد فوز بايدن برئاسة البيت الأبيض؟
راقبت السلطات الأردنية باهتمام الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي حسمها مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن لصالحه بعد أن تقدم على مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب بـ290 من أصوات المجمع الانتخابي، حتى الآن.
توقع محللون سياسيون في حديث لـ"عربي21" أن تقع انفراجة في ملفات أرقت السلطات الأردنية في فترة رئاسة ترامب أبرزها: ملف القضية الفلسطينية وما تفرع عنها من صفقة القرن، ووقف التمويل لمنظمة إغاثة وغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والمساس بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس لصالح تعاظم أدوار دول خليجية.
ماذا يعني فوز بايدن؟
يعتقد الصحفي المختص بالشأن الفلسطيني، داود كتاب، أن فوز بايدن يعني للأردن "العودة للنظام التقليدي الأمريكي في العلاقات الدولية، مما يعني أنه لن يكون هنالك قرارات غير مدروسة وتأييد عام للديكتاتوريات في المنطقة أو تمزيق للاتفاقيات التي وقعت".
بالنسبة للأردن، يرى الكاتب داود كتاب، في حديثه لـ"عربي21" أن بايدن سيكون أفضل من ترامب، بسبب انزعاج المملكة من صفقة القرن، ما سيخفف الاحتقان بين الأردن وواشنطن.
وأضاف: "ستكون هناك تهدئة للأوضاع وستعود الأموال التي أوقفها ترامب لصالح الأونروا وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، مع الإشارة إلى أن بايدن أيضا مؤيد لإسرائيل بمعنى أنه لن يضغط عليها، لكنه قد يقوم بدفن صفقة القرن كون عرابها جاريد كوشنر هو صهر الرئيس السابق ترامب".
وحسب كتاب فإن "القيادة الفلسطينية أيضا متحمسة للعمل مع أي شخص غير ترامب بسبب قراراته المنحازة والمجحفة، مما يعني عودة سريعة للعلاقات والمفاوضات، وفي حال تنصيب بايدن ستكون علاقة الأردن جيدة مع واشنطن".
وتؤثر السياسة الخارجية للبيت الأبيض على الأردن والشرق الأوسط، خصوصا ما يتعلق بعملية السلام والقضية الفلسطينية والأزمة في سوريا، وعانت الأردن في عهد ترامب من الانحياز الأمريكي لإسرائيل وفرض صفقة القرن وإنهاء حل الدولتين ووقف تمويل الأونروا في دولة تستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين.
ويتفق الوزير الأردني الأسبق، مروان المعشر في حديثه لـ"عربي21" مع الأصوات التي تقول إن فوز بايدن سينعكس إيجابا على الأردن.
وقال: "فوز بايدن يعني التخلي عن صفقة القرن، وإعادة تمويل الأونروا، ولكن دون التراجع عن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس". مضيفا: "نعم الأردن معني بفوز بايدن وذلك لإبقاء حل الدولتين حيا وعدم إيجاد حل على حساب الأردن. أيضا ترامب لم يكن معنيا جدا بالأردن ولم يجتمع بجلالة الملك لأكثر من سنتين. بايدن سيقدر العلاقة مع الأردن أكثر من ترامب".
ماذا عن الإصلاح والديمقراطية؟
إلا أن فوز الديمقراطيين برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، سيؤثر أيضا على ملفات إصلاح داخلية في الأردن وعلى رأسها الإصلاح السياسي، الذي لم يكن من أولويات ترامب في المنطقة.
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون قالت عام 2011 إن "الوقت بات ملائما جداً لانتخاب رئيس وزراء في الأردن"، وهو تصريح قديم جدد مخاوف الأردن من أن يمارس الديمقراطيون مزيدا من الضغوط لتجري عمان الإصلاحات السياسية.
الكاتب والمحلل السياسي فهمي الكتوت، يرى أن "الديمقراطيين يميلون إلى أن يعطوا حلفاءهم هامشا للحريات والديمقراطية، بينما لم يكن هذا الموضوع يعني ترامب بتاتا بدليل موقفه من قتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بتركيا، لكن هذا الأمر نسبي لا يفرضون شيئا على الدول".
ويقول الكتوت لـ"عربي21"، "الأردن يميل إلى بايدن، والسلطات معنية بالديمقراطيين لتخفيف الضغط على الأردن والسلطة الفلسطينية من أجل قبول صفقة القرن، على الرغم من أن بايدن يخدم نفس المشروع الصهيوني، سيكون هناك لنفراجة في ملف صفقة القرن لكن لن يتم التراجع عن ما أنجزه ترامب مثل نقل السفارة الأمريكية للقدس".
وتعتمد المملكة على المساعدات الأمريكية في تمويل الخزينة وقطاعات أخرى، إذ وقعت الولايات المتحدة الأمريكية في 2017 مذكرة تفاهم تعهدت بتقديم 1.275 مليار دولار سنوياً من المساعدات الخارجية الثنائية خلال السنوات "2018 إلى 2022"، أي ما مجموعه 6.375 مليارات دولار.
ويقول الكاتب داود كتاب إن المساعدة الأمريكية "لن تتأثر خلال فترة بايدن بسبب وجود هذه المذكرة".
وعينت الولايات المتحدة مؤخرا سفيرا جديدا في الأردن هو السفير هنري ووستر، بعد انقطاع دام لثلاث سنوات ونصف، وقال السفير الجديد خلال لجنة الاستماع في الكونغرس الأمريكي: "أنظر إلى الأردن بصفته شريكا استراتيجيا لأكثر من 70 عاماً وأنا فخور بالمساهمة في هذه الشراكة وسعيد للعودة لمواصلتها".