فنان أردني يتضامن بالقهوة مع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي!

الرابط المختصر

عبر الفنان الأردني أحمد القرعان، عن تضامنه مع أسرى أردنيين كانوا معتقلين إداريّاً في سجون الاحتلال الإسرائيلي من خلال طريقة فريدة برسم صورهم بالقهوة على الأواني، لجذب الأنظار لقضيتهم.

استطاع أردنيون الضغط على حكومتهم بطرق مختلفة ضمن حملة أطلقها ناشطون تحت وسم #الحرية_لهبة_وعبدالرحمن وأفضى الضغط الشعبي، عن الإفراج عن اللبدي ومرعي، الأربعاء 6 نوفمبر الماضي.

سلطات الاحتلال كانت اعتقلت الشاب الأردني عبد الرحمن مرعي، المريض بالسرطان، في بداية أيلول/سبتمبر أثناء توجهه لحضور حفل زفاف أحد أقاربه في الضفة الغربية عبر معبر الكرامة.

أما هبة اللبدي فاعتقلتها سلطات الاحتلال في 20 آب/أغسطس أثناء ذهابها مع والدتها وخالتها لحضور حفل زفاف أحد أقاربهم في الضفة الغربية، لتدخل في أول يوم لها من الاعتقال في إضراب مفتوح عن الطعام، مما جذب تضامن فنانين وناشطين من بينهم القرعان.

يحاول القرعان أن يدافع عن قضايا عادلة من خلال الرسم بالقهوة، يقول "على الجميع أن يعمل بشكل جماعي للدفاع عن الأسرى في سجون الاحتلال، وعن القضية الفلسطينية بشكل عام، وكفنانين لدينا رسالة أيضاً، يجب خلق وعي لدى الناس، بالقضية الفلسطينية من خلال الفن، وخلق تفاعل. أيضاً أهدف لتسليط الضوء على حقوق الشعب الفلسطيني، وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، ورسم شخصيات وطنية لها تاريخ في مقاومة المحتل".

مشوار القرعان بالرسم بالقهوة كان محض صدفة؛ عندما انسكبت القهوة على مكتبه قبل عامين، ليتناول قلم تخطيط ويرسم وجهه بالقهوة على الأوراق، يقول: "كان أمامي بطاقة لي على المكتب وعليها صورتي، كانت البداية مزاح مع القهوة، أمسكت قلم الخط العربي وبدأت أرسم بوجهي".

الفكرة بدأت تستهوي الفنان الذي يعمل مدرساً للفنون والموسيقى في عدد من الجامعات، ومصمماً للمجوهرات، ومنذ ذلك الحين أصبح يرسم عشرات الصور، بما فيها صور للمشاهير أمثال: الملك الأردني عبدالله، الملكة رانيا والعالم تشارلز داروين، والأسيرة الفلسطينية المحررة عهد التميمي، المغنية المصرية أم كلثوم، وغيرها من الشخصيات.

يعرض القرعان جميع رسوماته داخل منزله في العاصمة عمان الذي تحول الى معرض مصغر من لوحات القهوة، ويبيع الرسومات لمن يطلب رسم صورته بالقهوة، محاولاً أن يتناول قضايا اجتماعية، وسياسية من خلال رسوماته، فقد تطرّق إلى صفقة القرن (خطة السلام الأمريكية) من خلال رسومات تدعم الموقف الأردني والفلسطيني المناهض للصفقة.

القرعان من بين فنانين عديدين يرسمون بالقهوة، إلا أن ما يميز أعماله الرسم على أسطح صغيرة جداً، وحسب القرعان "استخدم 3 درجات من لون القهوة للرسم، الدرجة الأولى وجه القهوة، ثم القهوة نفسها، وأخيراً رواسب القهوة، ويكمُن سر الرسم بالقهوة من خلال إتقان الرسم في أحجام صغيرة تصل في بعض الأحيان إلى 1 سنتيمتر وتحتاج إلى 8 ساعات من العمل".

وللقرعان طقوس قبل الرسم كما يقول، "عندما أرسم أتعامل مع ذائقة الطعم أولاً، أشرب من الفنجان ثم أفكر كيف أحوّل هذا الطعم إلى ذائقة بصرية، وكيف أنحت من القهوة رسمة بعد دمجها مع الماء لتعطي أشكالاً جميلة".

تتلمذ القرعان في العراق على يد شيخ الخطاطين العراقيين خليل الزهاوي، عام 1998، يجمع القرعان بين الموسيقى (عزف العود) وموهبة رسم الخط العربي، مما جعله يمزج بين الموسيقى والرسم، يقول "أعزف باليد اليسرى وأرسم باليمنى مما يستدعي حالة إبداعية تنعكس على الرسومات".

"موهبتي بالخط العربي ساعدتني في الرسم، تطورت عندما بدأت أرسم أكثر من مرة، كنت أتمرن أكثر فأكثر، أستخدم أحياناً الخشب والأواني وقاع صحون الفناجين أو أكواب القهوة والمجوهرات والقلائد والحلق للرسم، مستخدماً أقلام تخطيط مثل البوص وهو قلم خشبي". حسب القرعان.

يقول القرعان إنه اكتشف علاقة بين العزف والخط العربي في العراق، ثم تعلم العزف على آلة العود "كنت أخطط وأسمع الموسيقى، واكتشفت أن الخط يتغير كلما تغيرت الموسيقى، ثم اكتشفت أن كل مقام موسيقي ينسجم مع نوع معين من الخطوط".

أنواع المقامات والخطوط تنسجم سوية مثلاً "مقام البيان ينسجم مع خط الرقعة من حيث البساطة والشعبية، في حين أن خط النسخ ومقام الراست ينسجمان من حيث الطرب".

عميد كلية الفنون في جامعة الزرقاء الخاصة، د.حسني أبو كريم، يُعرّف الرسم بالقهوة بأنه "فن يشبه الجرافيتي كونه يرسم الصور الشخصية البورترية ذات البُعد السياسي، لكن الفرق هو أن الجرافيتي يُرسم على الأسطح الواسعة أما ما يقوم به القرعان الرسم على أسطح صغيرة جداً".

وحسب أبو كريم "استطاع القرعان خلال فترة قصيرة تجاوز الأخطاء التي رافقته منذ بداية الرسم وتحسين مستواه، ولديه قدرة على اختيار الشخصية المناسبة للرسم من خلال رسم شخصيات شغلت الرأي العام في أحداث سياسية، مثل رسم الطفلة الفلسطينية عهد التميمي التي أفرجت إسرائيل عنها عقب اتهامها بضرب جندي إسرائيلي".

القهوة ليست للشرب فقط عند القرعان، يحاول توظيفها وتحويلها من ذائقة الطعم إلى ذائقة البصر، وتحميلها رسائل فنية وتضامنية مع قضايا عادلة مثل القضية الفلسطينية، وتسليط الضوء على شخصيات أدبية، وثقافية، وفنية كان لها أثر في الحياة.

المصدر: TRT عربي