"جلطات قلبية مفاجئة: هل هي جرس إنذار للشابات بعد التطعيم؟"

الرابط المختصر

هدى، وهي أم لثلاثة أبناء، لم أكن أشعر بأي قلق حيال التطعيم. بعد حصولي على جرعتين من اللقاح ، صرت  أعاني من صداع حاد وتعب مستمر وألم في الصدر ويمتد إلى كتفي الأيسر وصعوبة في التركيز وخمول وأرق. لاحظت أيضًا أن نبضات قلبها غير منتظمة وتشعر بالإرهاق عند القيام بأي نشاط بسيط.

وتقول صرت أشعر بالقلق والخوف عندي حديثي عن هذه الأعراض للناس يقولون لي أن السبب هو مطعوم كورونا، وازداد خوفي بعد ازدياد وفيات الشباب بجلطات قلبية مفاجئة.

 وتقول نور ال 28 عاما، لم تكن تعاني من أي مشاكل صحية سابقة. بعد أن تلقت الجرعة الثانية من لقاح فايزر، شعرت بأعراض خفيفة كالحمى والتعب، والتي اختفت في غضون يومين. ومع ذلك، بعد مرور حوالي أسبوعين، بدأت تشعر بألم خفيف ومستمر في منطقة الصدر.

في البداية، اعتقدت نور أن هذا الألم ناتج عن الإجهاد اليومي، لكنها لاحظت أنه يزداد مع الأنشطة الجسدية مثل صعود الدرج أو حمل الأشياء الثقيلة. أُضيف إلى ذلك شعور بالخفقان وعدم انتظام نبضات القلب، ولكن لا تعلم نور اذا كان هذه أعراض ما بعد المطعوم.

"ذكرت آلاء أن العديد من الشباب توفوا بسبب جلطات قلبية بعد تلقيهم اللقاح، وأن اللقاح قد يسبب التعب والخمول وآلام المفاصل والأقدام، بالإضافة إلى ضيق التنفس، وضعف التركيز، وانخفاض المناعة. وأشارت إلى أن جميع من حولها يرددون هذه الأعراض بعد تلقي اللقاح."

في ظل انتشار الأخبار والتقارير التي تربط بين التطعيم ضد كوفيد-19 وظهور بعض الآثار الجانبية النادرة لدى النساء مثل الجلطات القلبية أو الالتهابات المرتبطة بالقلب، وعلى الرغم من أن الخبراء الصحيين يؤكدون على أمان المطاعيم بشكل عام، إلا أن بعض الحالات الفردية النادرة من الجلطات القلبية لدى النساء قد أثارت جدلًا وتساؤلات في الأوساط الطبية والإعلامية.

اللقاحات لم تكن سببا للجلطات القلبية

طمأن أستاذ ومستشار علاج الأمراض المعدية، الدكتور ضرار بلعاوي، الشابات من النساء، في تصريح لصوت شبابي، بأن ما يتم تداوله حول المطاعيم غير صحيح، وأن اللقاحات صحية وفعالة وآمنة. وأوضح أن الدراسات أثبتت أن اللقاحات لم تكن سببًا رئيسيًا لأي أعراض جانبية، بما في ذلك الجلطات القلبية.

وذكر الدكتور بلعاوي نتائج دراسة أعدها، وهي من أكبر الدراسات العالمية، حيث شملت 750 ألف مريض. وقارن فيها بين من تلقوا اللقاح ومن لم يتلقوه، ووجد أن معدل حدوث الجلطات متساوٍ بين المجموعتين، مؤكدًا أنه لا داعي للخوف والقلق.

 

لقاح استرازينيكا يسبب جلطات الرجل

وأشار إلى أن لقاح أسترازينيكا هو اللقاح الوحيد الذي كان يمكن أن يسبب مضاعفات وجلطات، وأن عدد من تلقوه كان قليلًا جدًا، ولم يتم رصد أي شخص تعرض لأعراض جانبية خطيرة مباشرة. وأضاف أنه تم إيقاف هذا اللقاح وسحبه من برامج التطعيم بالكامل بعد التأكد من أنه يسبب جلطات في الساق على مستوى العالم. كما أشار إلى أن هناك شخصًا واحدًا فقط أصيب بجلطة في الساق أثناء فترة كورونا وتم علاجه فورًا، ليتم بعدها إيقاف اللقاح بشكل كامل.

ضرورة مراجعة الطبيب
وفيما يتعلق بالأعراض الجانبية التي تعاني منها النساء بعد اللقاح مثل الخمول والتعب وضعف التركيز، وكل ما يتم تداوله، أوضح الدكتور ضرار أنه لا علاقة للمطاعيم بهذه الأعراض، مشيرًا إلى أن البعض قد يفسر أي مشكلة صحية يواجهها بأنها بسبب اللقاح، وضرب مثالًا قائلاً: "إذا خالف شرطي مرور شخصًا، يقول السبب هو اللقاح". وأكد أنه لا داعي للقلق والخوف، وشدد على ضرورة مراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة لمعرفة السبب الحقيقي لهذه الأعراض، ليتم معالجتها وحل هذه المشكلات الصحية بشكل صحيح. 

 

النمط الغذائي يسبب الجلطات القلبية

ووضح البلعاوي أن سبب الجلطات القلبية قد يكون بسبب سوء النمط الغذائي، أو ارتفاع الكوليتسرول، أو مشاكل في ضغط الدم.

يشير الدكتور البلعاوي إلى أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في عدد حالات الإصابة بالنوبات القلبية لدى النساء في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى انتشار عوامل الخطر مثل ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول، التدخين، السمنة، والسكري. هذه العوامل تؤدي إلى زيادة الالتهاب في الأوعية الدموية، مما قد يؤدي إلى حدوث جلطة دموية تسد الشرايين التاجية و تسبب نوبة قلبية.

 

العوامل الجينية تسبب الجلطات القلبية

وأشار الدكتور ضرار إلى أن هذه العوامل يمكن أن تكون قابلة للتعديل إلى حد ما من خلال تغييرات في نمط الحياة أو استخدام الأدوية. في المقابل، هناك عوامل غير قابلة للتعديل مثل الجنس الذكري، تاريخ العائلة، أو عوامل جينية، والتي قد تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية بشكل غير مباشر.

 

تقف الأمراض القلبية الوعائية وراء حدوث معظم الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية، إذ تتسبب في وقوع 17.9 مليون حالة وفاة سنوياً،بحسب منظمة الصحة العالمية.

أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Circulation (دورية علمية متخصصة بأمراض القلب) أن النساء تحت سن 55 أكثر عرضة للإصابة بالجلطات القلبية المرتبطة بالتوتر النفسي مقارنةً بالرجال في نفس الفئة العمرية.

دراسة أخرى من Journal of the American Heart Association وجدت أن النساء أقل احتمالًا لتلقي العلاج الفوري للجلطات القلبية مقارنةً بالرجال، مما يزيد من نسبة الوفيات والمضاعفات لديهن.

 

علاقة الضغوطات النفسية بالجلطات القلبية

عرض الدكتور عماد الحداد، عضو المجموعة الأردنية لباحثي دراسة محفزات الجلطة القلبية والدماغية، في مؤتمر طبي عالمي حضره أكثر من 50 ألف طبيب قلب من مختلف دول العالم، نتائج الجزء الثاني والأخير من الدراسة التي اعتُبرت الأولى من نوعها على مستوى العالم. وكانت المجموعة الأردنية قد نشرت الجزء الأول من هذه النتائج في تموز 2020 في المجلة الدولية لأمراض القلب السريرية، موثقةً علاقة الضغوطات النفسية والاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا بحدوث الجلطات القلبية والدماغية.

وخلال المؤتمر، أوضح الدكتور أيمن حمودة، المشرف على الدراسة، أن الفريق البحثي ضم أطباء من كليات الطب في الجامعات الأردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا وجامعة البلقاء التطبيقية، بالإضافة إلى مجموعة من الأطباء من المستشفيات الخاصة. بدأت الدراسة في آذار 2020، وشملت 300 مريضًا لتحديد تأثير العوامل النفسية والاقتصادية على صحة القلب والأوعية الدموية، خاصة لدى الأشخاص غير المصابين بفيروس كورونا.

وكشفت نتائج الدراسة أن الضغوطات النفسية والاجتماعية الناجمة عن الجائحة، مثل فقدان الوظيفة، نقص الموارد المالية، الخوف من الإصابة، الشعور بالوحدة، فقدان الأحبة، واضطرابات النوم والأكل، كانت جميعها عوامل محفزة رئيسية لحدوث الجلطات القلبية والدماغية وحتى الوفاة المفاجئة. وأكد الدكتور حمودة أن هذه النتائج تسلط الضوء على التأثير العميق لجائحة كورونا على الصحة النفسية والجسدية، حتى بين الأفراد الذين لم تثبت إصابتهم بالفيروس.

ضرورة المتابعة الصحية والنفسية

وختم حمودة بقوله إن الدراسة أظهرت أن متوسط أعمار المرضى الذين تعرضوا للإصابات الشريانية الحادة كان 53 عامًا، وأن 20% من المصابين كانوا من النساء، بينما كان نصف المشاركين من مرضى الشرايين مسبقًا، ما يؤكد ضرورة المتابعة الصحية والنفسية المكثفة لهذه الفئة في مثل هذه الظروف.

هذه النتائج قد تغير وجهة النظر الطبية التقليدية حول مسببات الجلطات، وتجعل من الضروري زيادة التركيز على الصحة النفسية كجزء أساسي من الوقاية والعلاج في المستقبل.
 

انتجت هذه المادة ضمن  مشروع "متحدون في مواجهة العنف ضد النساء والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا" الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستئماني. والمنفذ من قبل شبكة الإعلام المجتمعي بالتعاون مع موقع عمان نت.