إبداع الترفيه في كورونا.. كيف ابتكر الناس طرقًا جديدة للتسلية؟

كيف أعادت "كورونا" تشكيل تجارب الترفيه لدينا؟
الرابط المختصر

في ظرف استثنائي مرَّ به العالم أجمع، وجدت العائلات نفسها داخل منازلها في إغلاقات أطبقت على متنفسات الحياة خارجها إلا لضرورة قصوى، أشهرٌ من الانقطاع عن أنشطة الحياة المعتادة فرضتها جائحة كورونا وحبس في البيوت لم يعهده المجتمع ما جعل شكل الحياة يتغير وسُبل الترفيه تنحصر داخل إطار البيت بعيدًا عن الفعاليات والأنشطة والنزهات في الأماكن العامة.

لم يكن الأمر مألوفًا بداية أيام وقف الدراسة والأعمال، وسرعان ما أخذت العائلات تضجر من نمط يجعلها حبيسة المنازل، لكن عائلة غدق العمري استطاعت تحويل هذه الفترة إلى جو من الأنشطة العائلية لتجنب الوقوع في حالة نفسية سيئة، تقول غدق: " خلال فترة الحجر المنزلي كنا تقريبًا كل أسبوع نحضر فيلمين عائليات، وكنّا يوميًا نلعب ألعاب جماعية مثل لعبة الأونو ولعبة حرف اسم" مضيفةً أنهم يخصصون فقرة يومية لتفسير بعض آيات القرآن بعد أذان المغرب، كما يجلسون يوميًا في حديقة المنزل للنقاش بمواضيع يقترحها أفراد العائلة.

وتذكر أنها كانت ترفه عن نفسها بتجريب وصفات جديدة للحلويات ومشاركتها مع العائلة، ما عزز علاقتهم وجعلها تشعر بأن العائلة أهم شيء في الحياة على حد قولها.

 

من جانبها بينت عائشة عمر أن فترة الحجر كانت من أجمل فترات حياتها فقد شاركت مع عائلتها وجدها وأخوالها في مجموعة من التحديات والمسابقات اليومية بين العائلات مع توثيق التحدي بين أفراد العائلة وتعديل الفيديو ليحصل أفضل مقطع على جائزة، "ما جعل أجواء من الحماس والتفاعل تنشأ بين أفراد العائلة وتدفعهم للإنجاز والتسلية في الوقت نفسه".

وتابعت عائشة أن الفعاليات العائلية "شملت استعراض مواهبنا التي تنوعت بين رسم وتطريز وتصميم وطبخ، وتخصيص يوم لتقديم الفوائد من كتب أو محاضرات أو قصص للآخرين، وتصويرها ليكون في نهاية اليوم عائلة تفوز بالجائزة"، لافتةً إلى أن هذه الأنشطة كانت تقدم لهم المتعة والفائدة واستثمار الوقت في ظل عدم قدرتهم على الخروج من المنزل.

وفي آخر أيام الحجر أجرت العائلات مسابقة مصورة بينها، قامت خلالها عائشة بتحضير مجموعة كبيرة من الاسئلة المتنوعة في مختلف المجالات وجمعت عائلتها لتطرحها عليهم وتقديم جوائز لهم، "كانت هذه التجربة كأنها تقديم برامج كل عائلة صورت حلقة استعرضناها في مجموعة التحديات مع بقية العائلات ليقوم خالي بتحكيمها، فكانت أفضل الطرق التي استطعنا إشغال نفسنا بها خلال الحجر".

 

في سياق متصل وضحت نجوى مناصرة: إنها كانت تقضي على الملل خلال الجائحة بلعب بعض الألعاب التقليدية والورقية مع أبنائها، مبينةً أنهم صنعوا طائرات ورقية وكانوا يلعبون بها أوقات العصر، كما كانت تختار برامجًا تلفزيونيةً لمتابعتها مع أفراد العائلة للتسلية.

وذكرت أنها وأقاربها كانوا يشاركون في مكالمات فيديو جماعية يتشاركون فيها أحاديثهم وألعابهم، وخصصوا مجموعة لقراءة القرآن لكل عائلة ثلاثة أجزاء لإنهائها يوميًا، تقوم نجوى بتقسيمها على عائلتها ومتابعتهم لإنهائها خلال اليوم، مضيفةً أنهم جعلوا غرفة من المنزل مصلى وكانوا يؤدون جميع الصلوات فيها جماعة.

وتابعت أن "العلاقات كانت خلال فترة الحجر كانت أكثر تماسكًا، والأجواء رايقة والقعدات مع بعض أطول والجميع موجود وهذا جعلنا نشعر بالأجواء العائلية بشكل كبير ولطيف"

 

سهام جريدي وجدت فترة الجائحة مرحلة انتقالية وتحدٍ في جميع المجالات والنشاطات الروتينية التي تقوم بها، "ما حملني للترفيه والتعليم وتنمية النفس في الوقت ذاته"، موضحةً أنها استغلت فترة الإغلاقات لتعلم حياكة الكروشيه والصوف وصنع أشكال عديدة منها، كما أنها التزمت ببرنامج رياضي في المنزل، وجعلت نصيبًا كبيرًا من وقتها لمتابعة الأفلام التي كانت "أكبر متنفس لها" على حد قولها.

 

أما حياة فحلة فتذكر أن تجربة كورونا والإغلاقات نبهتها لأهمية التفاعل مع العائلة وخلق أجواء معهم تساعد على تجاوز الصعاب، تقول: "المكوث في المنزل لفترة طويلة سمح لي بتقوية علاقاتي الأسرية، فكنا نقضي الوقت أغلبه مع بعضنا نخترع فعاليات وسرد القصص للصغار وسماعها من الكبار".

وتضيف " كنا نشاهد الأفلام والمسلسلات ونلعب معًا كل يوم، وأمضينا رمضان والعيدان في الحجر بدون أي تباعد ذهني وجسدي، كنا طوال الوقت نقرأ القرآن، ونطهو الطعام، ونصلي التراويح ونجلس من أجل الحديث "وسهرة رمضان"، كما كانت الدراسة عن بعد فعالية ترفيهية هادفة بالنسبة لي لنظام التعلم الإلكتروني الجديد علينا بشكل كامل.

 

شعرت دانا التي كانت تقدر الفن أن فترة كورونا من أفضل الأوقات لتجريب فنون جديدة، فاستثمرت وقتها برسم اللوحات وصنع القطع الفنية، تقول: "في الحجر أخذت على عاتقي تطوير مهاراتي الفنية طالما أن لدينا وقتًا طويلًا من المكوث في المنزل، تعلمت من اليوتيوب والفنانين كيف أرسم بطرق جديدة وأستخدم ألوانًا مختلفة، وكيف أصنع قطعًا من الصلصال إضافةً لتعلم الخط العربي"

واصلت حديثها "أن الإغلاقات والبقاء في المنزل على الرغم من الشعور بالاستياء والسلبية من قبل الكثير من الناس اتجاهها إلا أنني رأيتها من جانب آخر فرصة لعيش تجربة جديدة بعيدًا عن العالم الخارجي، فاستمعت للكثير من برامج البودكاست وشاركت في دورات إلكترونية، وعلمت أختي التصوير كما كنا نجلس جلسات نقاشية طويلة مع العائلة تعرفنا على فكر بعضنا أكثر وتشاركنا الآراء والقصص التراثية والحالية فكانت فترة ماتعة جدًا بالنسبة لي".

يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة بين راديو البلد و جمعية معهد تضامن النساء الأردني لمشروع متحدون في مواجهة العنف ضد المرأة والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستنمائي UNTF.