لا ضمانة للمُحاكمات العدالة يمنع تسليم أبو قتادة للأردن

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- تغريد الدغمي، محمد شما

ينُظر إلى قرار حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان القاضي بعدم تسليم الأردني أبو قتادة إلى الأردن بوصفه رسالة لتعزيز المحاكمات العادلة فيما ينأى آخرون ويعتبرونه حكما سياسيا بامتياز.

 

المحامي عاصم ربابعة ورئيس مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان يقول أن قرار المحكمة الأوروبية بعدم تسليم وترحيل عمر عثمان المعروف بأبو قتادة إلى الأردن ما هو إلا مؤشر وموجه للأردن لضرورة إجراء مراجعات وإحداث تعديلات تشريعية تتعلق بتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة أمام محكمة امن الدولة.

 

واستندت المحكمة الأوروبية في قرارها إلى المادة (6) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمتعلقة بمدى توفر المحاكمات العادلة في الدولة التي سيرحل إليها أبو قتادة وتحديدا ما يتعلق بإدانته من خلال إفادات منتزعة تحت التعذيب وعدم قيام محكمة امن الدولة بدورها في عملية التحقيق.

 

كما وترى المحكمة أن الإفادات التي أخذُت من أبو قتادة لم تكن بظروف سليمة مستندةً في ذلك إلى قرارات قديمة لمحكمة امن الدولة وليس لقرارات حديثة.

 

وتشير إقرارات المحكمة إلى وجود ممارسة تعذيب أثناء فترة الاحتجاز و أن هذه الإصابات سابقة على وجود الشخص في مرحلة الاحتجاز، وبعد ذلك تتم إحالة الأشخاص في حال تأكد تعرضهم للتعذيب إلى المدعي العام لإجراء التحقيقات اللازمة وملاحقة الأشخاص الذي قد يثبت تورطهم في ممارسة التعذيب.

 

يشير ربابعة إلى أن محكمة التمييز الأردنية وقبل ما يزيد على 12 عاما أصدرت قرارها ببراءة الأشخاص المتهمين في قضية التآمر على حياة الملك الراحل الحسين والمعروفة بقضية طلاب جامعة مؤتة حيث أبطلت محكمة التمييز الإفادات المنتزعة من هؤلاء الأشخاص لان النيابة العامة لم تقدم البينة على سلامة الظروف التي أخذت في هذه الإفادات وحكمت ببراءتهم إلا أن هذه الأدلة التي تؤخذ ليس لها علاقة بتطبيقات محكمة التمييز وإنما لها علاقة بتطبيقات محكمة الموضوع محكمة الدرجة الأولى ودورها بالتحقق من أن هؤلاء الأشخاص انتزعت إفاداتهم في ظروف سليمة غير مسلوبين الإرادة.

 

ويؤكد الناشط الحقوقي أن هناك قرارات متواضعة لتطبيق الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان أمام القضاء الوطني.

 

أما فيما يتعلق بمصير مذكرة التفاهم في ضوء قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يقول ربابعة أن المذكرة ليست متعلقة بحالة أبو قتادة فقط وإنما تتعلق بالأشخاص غير المرغوب بهم المقيمين على الأراضي البريطانية والذين يطلب ترحيلهم إلى الأراضي الأردنية وهذا يعني أن هناك أشخاص آخرين يمكن ترحليهم بموجب هذه المذكرة.

 

ورحب ربابعة بقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي يؤيد وجهة نظر مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان التي تبناها منذ عام 2005 بان الضمانات الدبلوماسية هي ضمانة من شانها أن تحول دون تعرض الأشخاص المرحلين للتعذيب أو انتهاك بأي من الحقوق المقررة لهم بموجب هذه الاتفاقية مطالباً بتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة.

 

حكم المحكمة سياسي

العين السابق أسامة ملكاوي، يعتبر أن نتائج المحكمة الأوروبية في غالبية القضايا التي تحقق فيها “ما هي إلا رسائل سياسية وليست دراسة حالة؛ هي انطباعات عامة وسياسية وليست تقييما علميا”.

 

“المحكمة الأوروبية ليست محكمة بالمفهوم القانوني، هي تصدر تقييما والأثر السياسي يكون واضحا فيها، فهي تتعامل مع الأردن بوصف أن تطبيقات المحاكمات لديه لا تؤمن الحماية الكافية للمتهم”، يقول ملكاوي.

 

ويرى ملكاوي أن نتيجة ما حسمته المحكمة بخصوص قضية أبو قتادة لن يؤثر على الأردن، “فضلا عن عدم جدية الأردن في طلب استقدام أبو قتادة، بل على العكس دائما بريطانيا تصرح بإمكانية تسليمها للأردن لكونه يشكل مصدر إزعاج لديها”.

 

وتابع ملكاوي أن الصمت الأردني أبلغ رد له في هذه القضية من باب أن تعليقه على كل قضية كبيرة أو صغيرة سوف يفتح بابا واسعا من الردود على العديد من القضايا ، ويقول: “لكن وبالمقابل سيكون هذا مدعاة للأردن لتطوير مناهجه القضائية بحيث تكون محققة للعدالة وتطوير مراكز الإصلاح والتأهيل بحيث تطبق فيها المعايير الدولية”.

 

ويوضح ملكاوي أن الأردن وفي إطار قضية أبو قتادة فقد فقدم سابقا ملفا كاملا بحيث يشير إلى وجود أرضية صلبة لطلب تسليمه أم إذا كان تسليمه تحفظي عن طريق الانتربول أو تسليم ثنائي ما بين الدولتين، فالملف يعتبر جنائيا مكتملا وإذا كان غير مكتمل فلا تسلمه أبدا لكن المحكمة الأوروبية.

 

وكانت محكمة اللوردات البريطانية أصدرت قرارها في عام 2009 بتسليم أبو قتادة إلى الأردن وفي عام 2005 وتم توقيع مذكرة التفاهم بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا وإيرلندا الشمالية لتنظيم الضمانات فيما يتعلق بالأشخاص المحددين قبل ترحليهم وترشيح مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان كجهة محايدة ومستقلة لتنفيذ هذه الضمانات ذات العلاقة بالأشخاص المرحلين إلى الأردن.

 

حكم ليس من فراغ

رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان فرع الأردن، هاني الدحلة، يفضل قراءة قرار المحكمة من منطلق أن تقارير المنظمات المحلية الأردنية ومن بينها المركز الوطني لحقوق الإنسان، تشير إلى أن هناك استخداما للضرب والتعذيب في سجون الأجهزة الأمنية فضلا عن عدم خضوع محاكم أمن الدولة للمعايير الدولية فهي غير مستقلة.

 

ويرى الدحلة في قناعة المحكمة الأوروبية بالمنطقي طالما أنها بنت مواقفها ليس من فراغ إنما من ما ترصده في تقارير الدولية وحتى الأردنية.

 

وفي دور المنظمات المحلية، فلمركز عدالة دور وتمثيل في مراقبة تطبيق ضمانات حقوق الإنسان للأشخاص الذين سيتم ترحيلهم إلى الأردن وإجراء زيارات دورية ومنتظمة وبدون إعلام مسبق لاماكن احتجاز وجود هذا الشخص.

 

وهناك تعاون بين مديرية القضاء العسكري والادعاء العام العسكري فيما يتعلق بدور القضاة العسكريين في تعزيز ضمانات المحاكمات العادلة على مستوى الوطن وهذا التفاهم يجب أن ينعكس بصورة إيجابية على سمعة الأردن وعلاقاته على المستوى الدولي، وفق ربابعة.

 

فيما يبدأ دور مركز عدالة من تاريخ صدور قرار نهائي قطعي من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تعتبر آخر درجة من درجات التقاضي - حيث يحق للأشخاص المقيمين في الدولة الأوروبية الطعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان- بعدها البدء بإجراءات الترحيل من الأراضي البريطانية.

 

أضف تعليقك