مدارس الزرقاء مرة أخرى !!
ها قد بدا الطلاب فصلهم الدراس الثاني وهم يعدون أيام الشتاء المتبقية، التي ما زالت تبث لهم في جنبات صفوفهم بقايا برودة شباط، فلا تقوى شمسه على قهرها ولا يجدون في كثير من مدارسهم وسيلة للتدفئة للتخلص منها.
يذهب كثير من أبناءنا في الزرقاء وغيرها من المحافظات وحتى في بعض أطراف العاصمة عمان ، الى مدارسهم وهم لا يتوقعون الكثير من الرفاهية والراحة، فلا المقاعد مناسبة للجلوس وبعضها مهلهل ومكسر، وكثير من جدرانها اهلكتها الشقوق والدهان البالي الشاحب.
ولا يجرؤ بعض الطلاب وخاصة الطالبات كما اشتكت لنا معلمات وطالبات في بعض قرى محافظة الزرقاء الذهاب لدورات المياه، لبعدها عن مباني الصفوف وغزو الحشرات والجرذان لها.
المباني المدرسية هي مكون اساسي في العملية التربوية، ليست ترفا وليست مطلبا خارقا، وموافقتها للشروط الصحية المناسبة هو حق مكفول بالدستور والمواثيق الإنسانية الدولية، لأن حق الطفل في التعليم لا يعني التعلم فقط، و أنما توفير البيئة التربوية الملائمة للتعلم.
البيئة الملائمة للتعلم تشمل: معلم كفوء، مناهج شاملة ومناسبة للعمر والقدرات الحاجات للطلبئة وملائمة لبيئتهم، وبالتأكيد مبنى مدرسي جيد، وصفوف مجهزة بمقاعد واثاث صحي وسليم، وأدوات تربوية ، تدفع الطالب بشغف للتفاعل مع المعلم والرغبة بالذهاب للمدرسة.
وما مخرجات التعليم الصادمة من تراجع مستوى القراءة والكتابة في الصفوف الأولى في مدارس الممكلة الأردنية الهاشمة، إلا نتيجة متوقعة لإهمال الحكومات المتعاقبة لكل تلك العناصر مجتمعة، مما يهددنا بقداننا لما كنا نفاخر فيه العالم وهو تميزنا في مجال التعليم واهتمامنا بالإنسان ثروتنا الحقيقية.
واقع الحال في الزرقاء ؛ مدارس حكومية مهلهة بعضها موقعها بعيد عن ادنى شروط السلامة حيث انها تقع في الحي التجاري او على أطرافه، خلو بعضها من ممرات آمنه للمشاة ، ناهيك عن النقص الكبير في احتياجاتها، وكثير من تلك المدارس مبانيها مستأجرة غير مصممة اساسا كمبنى مدرسي.
وعند توفر الإمكانية لبناء مدرسة فإن الفساد يقضي على الأمل بالحصول على مبنى مدرسي مناسب، تقول معلمة من واقع تجربتها ان هناك مدارس تم تسلمها من المتعهد وهي في حالى ميؤوس منها والغش بالبناء واضح للعيان، أما الصيانة فهي عسيرة على الوزارة أساسا فكيف بمعالجة خطأ متعهد جديد.
مديرية التربية كغيرها من المديريات في المحافظات، لا تملك القدرة المالية لإعادة تأهيل تلك المباني أو بناء اخرى جديدة لأن الوزارة أساسا تعاني من عجز كبير في ميزانيتها وهو واقع الحكومة بشكل عام.
أما المبادرات البراقة للنهوض بالتعليم لم تتعدى الشكل والترويج الإعلامي واقتصرت على مدارس بعينها، وحتى إن وصلت لم تنجح بالوصول الى العلة الحقيقة في واقع التعليم في الأردن ، وسيطر الاستعراض على تلك المبادرات التى لن تقوى على التغيير لفقدانها للصدق والعمق المطلوب.
"فمدرستي" قبل ان يستطيع الطالب الاقتناع بأنها كذلك، يجب ان تكون مؤهلة كمكان يصلح لأن يكون بيتا ثانيا ، وبابا واسعا للعلم والطموح.